توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قبول الجمهورية

  مصر اليوم -

قبول الجمهورية

بقلم: كريمة كمال

نحن لا نختار مجتمعنا بل نولد فيه، لكننا عندما نهاجر نحن نختار مجتمعًا بديلًا لمجتمعنا، لذا علينا أن نتقبل هذا المجتمع بكل تقاليده وأعرافه، والأهم من هذا قوانينه حتى لو تعارضت هذه القوانين مع معتقداتنا الدينية بالذات.. نحن يمكننا ألا نقبل المعتقدات والعادات ونتمسك بمعتقداتنا وعاداتنا، لكن لا يمكننا أن نرفض القوانين لأنها تتعارض مع معتقداتنا.. أقول هذا بمناسبة الواقعة الأخيرة التى وقعت فى فرنسا، حيث صفعت تلميذة معلمتها وضربتها قبل أن تلوذ بالفرار لأن المعلمة طلبت منها أن تخلع الحجاب داخل المدرسة لأن ذلك مخالف للتعليمات والقانون الذى يمنع ارتداء الرموز الدينية فى المدارس، وقد تم الإبلاغ عن الطالبة، كما احتجت المعلمة وناصرها كل المعلمين الذين رفضوا الاعتداء على المعلمة واعتبروه اعتداء على القانون، واعتبروه اعتداء على الجمهورية الفرنسية وقوانين الجمهورية.

فتح الجدل حول قوانين الجمهورية بعد هذه الواقعة، وهى ليست المرة الأولى التى يثور فيها الجدل حول هذا الأمر، فطالما جرى الجدل حول قيم الجمهورية وعلاقتها بالديمقراطية، خاصة بين المهاجرين القادمين من دول الشرق الأوسط الذين تصطدم معتقداتهم مع قوانين الجمهورية، وهو ما يدفعنى للتساؤل: لماذا يهاجر البعض لدول لا تتفق قوانينها مع معتقداتهم، ولماذا يتصورون أنهم سوف يفرضون هذه المعتقدات على المجتمع الجديد لا أن يتقبلوا هم قوانين المجتمع ولا يصطدموا بها؟.. الحياة فى مجتمع يختلف عنك تمامًا ليست بسيطة، ويجب أن يدرك المهاجر مدى ملاءمة قوانين المجتمعات التى يهاجر إليها وهو يتخذ قرار الهجرة، فالمجتمع الجديد سوف يعطيك التعليم المجانى لأولادك، وسوف يعطيك التأمين الصحى، وسوف يعطيك فرصة العمل التى لم تجدها فى مجتمعك، أو على الأقل سوف يعطيك فرصة عمل أفضل مما كانت لك فى موطنك، لكن مع كل هذه المميزات سوف يطالبك بالخضوع التام لقوانينه التى قد تتعارض مع معتقداتك كما فى حالة هذه التلميذة التى وصل بها التعارض مع القوانين أن تصفع وتضرب معلمتها لمجرد مطالبتها إياها بخلع الحجاب داخل المدرسة كما يقضى القانون.

هذه التلميذة تبدو تحت ضغط نفسى شديد نتيجة لاصطدامها بالمجتمع الفرنسى الذى وجدت نفسها فيه، والذى يتعارض تمامًا مع معتقداتها، ولذلك لم تحتمل أن تطلب المعلمة منها خلع الحجاب فتهورت إلى حد صفع المعلمة وضربها والهروب. هى لا تحتمل الحياة فى هذا المجتمع ولا تستطيع التأقلم معه، وغير معروف ما الذى سوف تواجهه هذه التلميذة بعد هذه الواقعة إن لم يكن الترحيل عن الجمهورية التى اصطدمت بقوانينها، أو أن تنال عقابًا شديدًا لفعلتها هذه، من هنا أكرر ليس سهلًا أن تهاجر إلى مجتمع آخر غريب عليك إن لم يكن لديك استعداد لتحمل هذا المجتمع بقوانينه بالذات، إن لم يكن بعاداته وتقاليده، فأنت إن رفضت عاداته وتقاليده سوف تعيش معزولًا بداخله، أما إذا رفضت قوانينه فسوف تُعاقب عقابًا صارمًا.

الذوبان فى المجتمعات الجديدة من المهاجرين إليها قضية مهمة فى هذه المجتمعات، وهذه الواقعة سوف تفتح الباب ليس فقط لمناقشة قوانين الجمهورية الفرنسية القائمة على الحرية ومنع التعصب للأديان بالذات فى المدارس، حتى يشب التلاميذ كعجينة واحدة تتيح لهم الذوبان فى المجتمع وتقبله، لكنها أيضًا سوف تفتح الباب لمناقشة مدى ذوبان المهاجرين فى المجتمع الفرنسى وتقبله، وإلا تكررت مرة أخرى هذه الواقعة ليس مرة بل مرات.. على المهاجر أن يقدر الاختلافات المقدم عليها هو وأسرته قبل أن يُقدر المزايا التى سيحصل عليها من الهجرة، وإذا ما كان مهاجرًا إلى فرنسا فعليه أن يتقبل قوانين الجمهورية حتى لو اصطدمت معه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبول الجمهورية قبول الجمهورية



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt