توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مستعمرة الجذام

  مصر اليوم -

مستعمرة الجذام

بقلم: كريمة كمال

أظن أن الكثيرين منا، بالذات كبار السن، قد سمعوا عن مستعمرة الجذام، وهى المكان الذى يضم مرضى الجذام، المستشفى والمكان المحيط به، الذى يضم عائلاتهم التى كونت المجتمع المحيط بهم، والذى نشأ عن فصلهم عن المجتمع الأصلى الذى يخشى الاختلاط بهم خوفًا من العدوى.

أخيرًا، اكتشفت أن هذا المكان الذى يؤويهم قد بات مهددًا، وهو كما قال أحدهم فى تقرير بأحد المواقع: «المكان ده كل حياتنا، وفى الفترة الأخيرة كل شوية نسمع كلام إنهم هيطردونا منه علشان يستثمروا فيه».

هذه العبارة رددها العديد من مرضى الجذام الذين يتلقون العلاج بمستعمرة الجذام، والتى يعيشون بها منذ سنوات طويلة، حيث لم تعد لهم حياة خارجها، وكل ما يعرفونه من الحياة هو هذا المكان فقط.

كان نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة قد اجتمعا فى منتصف يناير مع وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وناقشوا خطة «تطوير» مستعمرات مرضى الجذام، ووضع آلية سريعة لتوفير الوحدات السكنية اللازمة للمرضى. وبعد أسبوع واحد، أصدرت وزارة الصحة بيانًا نفت فيه نيتها إغلاق المستعمرة وطرح أرضها للاستثمار، مؤكدة أنها تعمل على تطوير بروتوكولات علاج مرضى الجذام، وإنشاء مستشفيات عامة لخدمة المواطنين، تضم أقسامًا متخصصة للتعامل مع هذا المرض، وأن المستعمرات لم تعد تُستخدم فى علاج مرضى الجذام عالميًا، وأن المستعمرة لم تعد تستقبل مرضى، حيث يتم التعامل مع هذه الحالات فى أقسام الأمراض الجلدية بالمستشفيات.

كما أوضحت الوزارة أنه تم إغلاق المستعمرات على مستوى العالم، ولا توجد توصية طبية بعزل مرضى الجذام أو حجزهم فى مستعمرات، لأن المريض يصبح غير معدٍ بعد الحصول على أول جرعة من العلاج، كما أن العلاجات الحديثة تشفى المريض تمامًا خلال ستة أشهر، وأن الوزارة تستهدف القضاء على هذا المرض بحلول عام ٢٠٣٠.

ورغم هذا النفى، الذى فى الواقع يتضمن خطة الوزارة بالنسبة للمستعمرة، إلا أن هناك بيانات ومصادر من داخل المستشفى ووزارة الصحة والبرلمان تؤكد أن هناك نية منذ عامين على الأقل لتغيير طبيعة المستعمرة، استنادًا إلى تراجع معدلات المرض، وأنه لم يعد معديًا. لكن مع الأخذ فى الاعتبار الواقع الاجتماعى للمرضى، فإن إزالة المستعمرة يمس المرضى الذين يعيشون فيها، والتى تحميهم فى الواقع من رفض المجتمع الكبير لهم.

عندما سُئل مدير المستعمرة عن الحقيقة فى تقرير بأحد المواقع، قال: «الموضوع كبير، وأنا عندى تعليمات ما أتكلمش فيه نهائيًا».

هذه المنطقة العازلة لهؤلاء المرضى، والتى تقع على بعد ثلاثين كيلومترًا من القاهرة فى منطقة أبو زعبل، تضم المستشفى، والتى تحتوى على عنابر للرجال والسيدات والعاملين. وقد انخفض عدد المرضى من الآلاف إلى خمسمائة حالة، لكن المنطقة تضم مساكن المرضى المتعافين فيما يُعرف بـ«عزبة الصفيح»، والتى تأوى هؤلاء المتعافين لعدم قدرتهم على العودة إلى منازلهم الأصلية بسبب الوصم الاجتماعى.

وتضم العزبة ثلاثة أجيال من المرضى وأبنائهم وأحفادهم، وكل من يسكن بها له صلة قريبة أو بعيدة بمريض جذام، ويعمل أغلبهم فى صناعة الأحذية أو حياكة الملابس التابعة لجمعيات خيرية لخدمة المرضى، والبعض يعمل فى مزرعة تابعة لها.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الجذام مرض معدٍ مزمن، لكنه قابل للشفاء، فما الذى يمكن أن يفعله مريض الجذام قبل الشفاء؟ بل ما الذى يمكن أن يفعله هذا المريض بعد الشفاء؟ وأين يذهب، والمجتمع الكبير يلفظه ويرفضه حتى لو تم شفاؤه؟ فلا يتبقى له سوى الحياة فى المستعمرة، خاصة أن آثار المرض تبدو واضحة جدًا على بشرة المريض.

تحكى سيدة أنها حاولت علاج أطفالها المصابين فى مستشفيات رأس سدر، حيث تم تحويلهم إلى المستعمرة، وقررت الإدارة حجزهم، إلا أن وزارة الصحة قررت طردهم بعد يومين، فإلى أين يذهبون؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستعمرة الجذام مستعمرة الجذام



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt