توقيت القاهرة المحلي 21:50:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"كراهية الذات" و"كراهية السلطة"!

  مصر اليوم -

كراهية الذات وكراهية السلطة

مصر اليوم

  للشاب ماوتسي - تونغ قصة تروى. زوّجه والداه إلى عروس لم يرها. في زفافه رفع النقاب عن وجه العروس .. ثم اطلق ساقيه للريح! ربما من فراره بدأ "المسيرة الكبرى" (لونغ مارش) لتحرير الصين من حكم "الكومنتانغ". وفي ذروة الحرب الأهلية (كومنتانغ - شيوعيون) عقد تشان كاي شك وماوتسي تونغ هدنة للحرب الوطنية المشتركة ضد الغزو الياباني. ثمة صورة شهيرة عن لقائهما، وفي عيون ماو نار ثأر على كاي شك، الذي قتل زوجة يحبها ماو، وكانت من جميلات الشاشة السينمائية الصينية. كم سنة طالت (المسيرة الكبرى) التي انتهت بانتصار الشيوعيين، وتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وهروب زعيم الكومنتانغ إلى جزيرة فرموزا! "المسيرة الكبرى" الفلسطينية بدأت بعد مؤتمر بازل وهرتسل، ولم تنته بمؤتمر كامب ديفيد ٢٠٠٠: مائة عام ونيّف من الصراع في فلسطين وعليها. إنه صراع يشبه صدام صفائح تكتونية، تسبب الزلازل والبراكين، فهو قادم من البعيد وذاهب الى البعيد. هناك من يراه صراع وجود، وهناك من يراه صراع بقاء .. ومن يراه تقسيماً جديداً. قال من قال: فلسطين عروس مهرها الرجال، ويقول من يقول ان العروس التي حلم بها الفدائيون، أزاحت النقاب عن وجهها غير الجميل بعد تأسيس السلطة.. ولكنها "بنت العم" لا بد من القران بها والدخول عليها والخلفة منها؟ صورة وجه العالم والعالم العربي واسرائيل خلال مائة عام ويزيد من "بال" الى "كامب ديفيد" لم تعد كما كانت أبداً، وحلم الفدائيين الأوائل بتحرير حيفا ويافا وعكا صار واقع اقامة دولة في رام الله والخليل ونابلس والقدس. روى لي صديقي أنه كان يجوب الغور الاردني ليلاً، ملتمساً أضواء فلسطين بعد اوسلو، فتعثر .. فنظر، فإذا بالقبر هو للمرحوم أحمد الشقيري. أعود القهقرى الى العام ١٩٦٤، والقرار العربي بتشكيل "م.ت.ف"، وجولة الشقيري على الجاليات الفلسطينية للترويج للمنظمة، وكيف صرخت الفلسطينيات السوريات في وجهه، وشددن ياقته، وحتى رفعن الأحذية. لماذا؟ لأن هذا بدا خيانة لعروبة الفلسطينيين، ولتحرير فلسطين بقيادة عبد الناصر؟ السرد طويل ومرير، أقفز منه الى الصورة الراهنة للصراع، حيث اسرائيل دولة قوية، مزدهرة، مزهوة .. بينما يتخبط العالم العربي وتتخبط السلطة لولادة دولة فلسطين، وتمد يدها طالبة المال لبنائها، لا السلاح لتحريرها، وتنهال عليها أقذع الاوصاف من شعبها: سلطة فاسدة. سلطة متخاذلة. سلطة مستسلمة. سلطة شحادة ..الخ! دأب بعض الصهيونيين القوميين على نعت نقاد اسرائيل من يهودها ويهود العالم بأنهم من "كارهي الذات" .. وعندنا؟ هناك شيء من كراهية السلطة والدولة، ولكن متسلحة بالاعتزاز الزائد بالذات الفلسطينية. يحنون إلى الكفاح المسلح، وإلى الانتفاضات، ويضعون الحق في الدولة في مواجهة الحق في العودة .. يريدون سلطة طاهرة وقوية ونقية. لم يعش الشقيري انتصار "استقلالية القرار" ولم يعش عرفات "استقلال الدولة" ولم يتحقق "اعلان الاستقلال" العام ١٩٨٨. ما الذي تحقق؟ كان الفلسطينيون مجرد "عرب" (عرب أرض اسرائيل) وعرب المناطق المدارة، أو لاجئين ومع كتاب فرنسي "الفلسطينيون شعب" صاروا شعباً لا في نظر أنفسهم بل في نظر العالم، والثورة صارت منظمة يعترف بها العالم، والمنظمة صارت سلطة معترفاً بها، وتطلب دولة موضع صراع اعتراف دولي .. وصراع تاريخي مع اسرائيل. لو قرأتم "إعلان الاستقلال" الذي كتبه محمود درويش، لربما عليكم التوقف عند عبارة : بناء حياة وطنية، او فلسطين مركز حياة الشعب الفلسطيني .. او ما شابه. من منظمة تحرير هي "الكيان السياسي المعنوي" إلى سلطة وطنية تمكنّ الشعب ان يبني حياة وطنية، وأن تكون البلاد مركز الحياة الوطنية للشعب، كما هي اسرائيل مركز حياة يهود العالم. تستحق السلطة (والعرب والعالم) الانتقاد، كما استحقت المنظمة .. وحتى الثورة (أذكر أن خالي خاطب أخي الفدائي العام ١٩٦٩: ستحررون فلسطين؟ عبد الناصر لم يحرّرها .. هذا برنامج السلطة ١٩٧٤ الذي ترتب على حرب اكتوبر. فإلى اللحظة التاريخية الراهنة، حيث المطلوب من الشعب والسلطة أن يكونا رداً ناجعاً على اسرائيل، والصهيونية، واليهودية معاً، واسرائيل قوية ومزدهرة وفخورة، بينما العروبة مريضة، والاسلام يتخبط في العنف والدعوة الى "الخلافة" كما تدعو اليهودية إلى "أرض - اسرائيل كاملة". مهمة السلطة والفلسطينيين أن يقارعوا اسرائيل، وعلى العروبة والاسلام أن يقارعوا الصهيونية واليهودية: تزمت مقابل تزمت. فوضى عربية عارمة! "كان اسمها فلسطين وعاد اسمها فلسطين" ولم تسقط فلسطين بالضربات القاضية الاسرائيلية.. ويمكنها أن تكسب جولات الصراع .. لأننا "اكثر شعوب العالم عناداً" كما قال أبو إياد. .. ولو كان وجه السلطة لا يشبه وجه عروس الاحلام! صمدنا مائة عام وسنصمد مائة عام أخرى. هذا صراع قادم من البعيد، وذاهب الى البعيد. حسن البطل نقلاً عن جريدة "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كراهية الذات وكراهية السلطة كراهية الذات وكراهية السلطة



GMT 21:50 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رفح !

GMT 21:49 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

الخروج EXODUS

GMT 21:47 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

العصافير ترحل

GMT 19:49 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:48 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

طه حسين كمان وكمان

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:11 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد
  مصر اليوم - ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد

GMT 00:46 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات طبيعية للشعر بمفعول الكيراتين

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإفتاء المصرية تؤكد أن إنفاق المرأة فضل منها

GMT 14:21 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فلنتعلم من الطبيعة

GMT 22:24 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف حسم ريال مدريد صفقة ديفيد ألابا مجانًا

GMT 05:05 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بدء طرح كراسات شروط الإسكان الاجتماعي في مصر الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon