توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نزول الجيش

  مصر اليوم -

نزول الجيش

مصر اليوم

  انتقلت الدعوة لنزول الجيش في مصر، من طابعها الجماهيري الذي نشأت عليه منذ بضعة أشهر، بين مختلف التجمعات الشعبية الغاضبة، إلى درجة أعلى بين المثقفين وأصحاب الفكر والقلم، بحيث راح كل واحد فيهم يتناولها بالدرس والتحليل، باحثا في أصلها، وفصلها، واحتمالاتها، وتوقيتاتها، ومدى نجاحها أو فشلها! وبما أن دعوة من هذا النوع، بدأت على استحياء، بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا، في يونيو (حزيران) الماضي، بشهرين أو ثلاثة، تعبيرا عن عدم رضا شبه عام، عن مستوى أدائه في الحكم، ثم ما لبثت أن ذاعت، وبما أن هذه هي المرة الأولى التي تنطلق فيها هذه الدعوة، بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، فإن السؤال هو: هل كانت قد انطلقت دعوة مماثلة لها، بعد ثورة يوليو (تموز) 1952؟!.. وهل تحققت حين انطلقت في حينها، ثم وهذا هو الأهم، مَنْ بالضبط الذي كان وقتها، قد تبناها؟! سوف نكتشف، ونحن نحاول الإجابة عن هذا السؤال، أو بمعنى أدق هذه الأسئلة، أن ثورة يوليو، التي قادها جمال عبد الناصر، إذا كانت قد قامت عام 1952، فإن أول دعوة للجيش لينزل، بعدها، كانت في عام 1977، أي بعد اندلاعها، كثورة، بربع قرن كامل، في حين أنها هنا، انطلقت كدعوة أيضا، بعد ثورة 25 يناير بعامين، وربما أقل، بما قد يعطي فكرة، ولو انطباعية، عن قدرة الثورة الأولى على احتواء جماهير المصريين، وسعيها بجد، نحو تحقيق أهدافها، بصرف النظر طبعا عن مدى نجاحها، أو عدم نجاحها، في تجسيد هذه الأهداف على الأرض، ثم بما يعطينا فكرة كذلك عن قدرة الثورة الثانية، على تحقيق الشيء ذاته! طبعا.. كانت الدعوة إلى نزول الجيش، في عام 1977، مختلفة تماما عنها الآن، لأنها في ذلك الوقت، جاءت من رئيس الدولة نفسه، عندما وجد الرئيس السادات، أنه مضطر للجوء إلى الجيش لينزل، من أجل حفظ الأمن، واستعادة هيبة الدولة، في أعقاب أحداث يناير في ذلك العام، التي انتفضت فيها قطاعات من الجماهير، احتجاجا على رفع أسعار عدة سلع في تلك الأيام، وقد اشتهرت الأحداث إياها، بانتفاضة الخبز، لأن الاعتراض الأساسي للجماهير التي خرجت فيها، كان على رفع سعر رغيف العيش، في حين أطلق عليها السادات مسمى «انتفاضة الحرامية» لأسباب ليس هذا هو مجال الخوض فيها. كانت الدعوة، إذن، من الرئيس، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى المشير عبد الغني الجمسي، بوصفه القائد العام لها، وعندما نزلت، فإنها ما كادت تنتهي من مهمتها، التي جرى استدعاؤها من أجلها، حتى عادت إلى ثكناتها التي كانت فيها قبل الدعوة! في المرة الثانية، كانت الدعوة مشابهة إلى حد بعيد، ولا اختلاف فيها عن الأولى، إلا تاريخها تقريبا، لأنها حدثت عام 1986، عندما دعا الرئيس حسني مبارك، الجيش، إلى النزول، لتطويق تمرد قوات الأمن المركزي، وهو تمرد كان قد اتسع نطاقه، حتى بات يهدد الأمن العام، ولم يجد مبارك في تلك اللحظات العصيبة، بديلا عن دعوة قواته المسلحة، إلى القيام بمهمة شبيهة بما كانت القوات نفسها، قد نهضت بها في عام 77، وكانت الدعوة في المرة الثانية، كما نرى، من رئيس الدولة أيضا، إلى المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، فامتثل المشير وأتم مهمته المدعو إليها، ثم عاد سريعا بقواته إلى وحداتها، كما كان قد حدث مع المشير الجمسي بالضبط. في المرة الثالثة والأخيرة، جاءت الدعوة من مبارك إلى المشير حسين طنطاوي، وكان ذلك يوم 28 يناير 2011، عندما أحس الرئيس حينئذ، بأن البوليس عاجز عن حفظ الأمن والاستقرار فلجأ إلى جيشه، واستدعاه، فنزل الجيش، غير أن نزوله هذه المرة، كان مختلفا عنه، في المرتين السابقتين، لأنه عندما استجاب لدعوة رئيس الدولة، باعتباره قائده الأعلى، نزل وفي ذهنه، فيما يبدو، أنه نزول بغير رجوع إلى ما كان عليه من قبل، ولذلك، طال بقاؤه هذه المرة، لما يقرب من العامين، وحين عاد، فإنه فيما يظهر قد عاد على غير رغبة منه، ولعل مشهد إعفاء المشير طنطاوي والفريق عنان مع عدد آخر من كبار القادة، يوحي بهذا المعنى، حتى وإن لم يجاهر به أحد في العلن! في المرات الثلاث، من عام 1952 إلى عام 2011، كان هناك شيئان يمثلان قاسما مشتركا أعظم؛ أما الأول فهو أن الداعي إلى النزول، هو رئيس الدولة شخصيا، وبشكل مباشر، وأما الثاني فهو استجابة الجيش سريعا، ودون إبطاء. ولكن.. في هذه المرة الرابعة، التي بدأت في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، ولا تزال مستمرة، فإن هناك اختلافا جوهريا في الموضوع، لأن الدعوة في هذه المرة، لم تأتِ من الرئيس، بل على العكس، فالرئيس ضدها، وإنما جاءت من الشعب نفسه، وإذا شئنا الدقة في التعبير عن واقع الحال، قلنا إنها جاءت من بين قطاعات في هذا الشعب، أيا كان حجم هذه القطاعات، ثم شاعت الدعوة إعلاميا، بشكل لافت للنظر. وإذا كان هناك شيء يستحق أن نتأمل معناه، في القصة كلها، فهو أن الرئيس في ظل ثورة يوليو 52 كان يستعين بالجيش، عند الضرورة، ضد الغاضبين من شعبه، لينقلب الحال، في ظل ثورة يناير 2011، فتستعين قطاعات كبيرة من الشعب، عند الضرورة نفسها، بالجيش، ضد الرئيس، فيا لها من مفارقة تستأهل أن نتوقف عندها!  نقلاً من جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزول الجيش نزول الجيش



GMT 03:00 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الثالثة غير مستحيلة

GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 01:49 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

غزة بين انتصارين ممنوعين

GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon