توقيت القاهرة المحلي 02:18:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل كانت قفزة «أميركاني» حقا؟!

  مصر اليوم -

هل كانت قفزة «أميركاني» حقا

مصر اليوم

  قيل عن الرئيس السادات، يوم زيارته للقدس، في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 1977، إن اللحظة التي هبطت فيها طائرته هناك، قد أعادت تذكير العالم، بشكل أو بآخر، باللحظة التي كان الأميركي نيل أرمسترونغ قد هبط فيها على سطح القمر، يوم 20 يوليو (تموز) 1969. يومها، قالوا عن تلك الخطوة التي خطاها أرمسترونغ، إنها خطوة صغيرة، لإنسان، ولكنها قفزة كبيرة للإنسانية! وبمثل ما انبهر العالم كله، في حينها، بقفزة أرمسترونغ، بمثل ما إن كثيرين في المقابل، كانت الدهشة قد عقدت ألسنتهم عن الكلام، وهم يرون السادات يهبط بطائرته في القدس المحتلة، وبمعنى أدق، في إسرائيل! توالت الأيام والسنوات، وبقي الانبهار في الحالتين على حاله.. قد يكون قد زاد هنا، في حالة السادات، أو يكون قد تراجع هناك، في حالة أرمسترونغ، أو العكس، ولكنه كان قائما في كل الأحوال، إلى أن مات السادات، عام 1981، ثم رحل الأميركي الأشهر، صاحب القفزة إياها، لنجد أنفسنا بعد رحيله، قبل شهور، على موعد مع مفاجأة من العيار الثقيل! أما المفاجأة فقد جاءت على لسان شقيقه، الذي قال كلاما كثيرا، وقد نشرت «الأهرام» أهم ما فيه، يوم 7 يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو أن أخاه أرمسترونغ لم يقفز على القمر، ولا يحزنون، كما عشنا نتصور على مدى ما يزيد على نصف قرن، وإنما كانت قفزة على الأرض، وتم تصويرها للعالم على أنها فوق القمر، وكان الهدف من تصويرها على هذا النحو، حسب تعبير الشقيق المتكلم، إنما هو ردع الاتحاد السوفياتي نفسيا، وقت الحرب الباردة التي كانت مشتعلة بينه وبين الولايات المتحدة الأميركية! طبعا.. لا يكاد الذين قرأوا كلام الشقيق عن قفزة شقيقه، يصدقون أنفسهم، ولا بد أن كثيرين ممن قرأوا الخبر، قد راحوا يفركون أعينهم، ثم يعيدون قراءته، لعلهم يتأكدون من أنهم فعلا، يقرأون كلاما بهذا المعنى، وليسوا من الحالمين! ما يضفي ظلا من الحقيقة، على الخبر، أن دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي السابق، كان قد قال كلاما شبيها، عندما نقلت عنه بعض الصحف، أن قفزة أرمسترونغ كانت في صحراء نيفادا، وأنها لم تكن على القمر، كما عاش العالم يتصور.. والشيء الغريب، أن أحدا لم يتوقف على امتداد العالم، بالشكل الكافي أمام كلام رامسفيلد، في حينه، ولا أمام تصريح شقيق أرمسترونغ في وقته، مع أنه لو صح، في الحالتين، فسوف نجد أنفسنا أمام خدعة من نوع عجيب وفريد، لأنها ليست خدعة لشخص، ولا لجماعة من الناس، ولا حتى لدولة صغيرة أو كبيرة، ولكننا أمام خدعة هائلة للعالم بأجمعه! المسألة في أحوالها كلها، تستحق التأمل، وتستأهل المراجعة، ويجب أن نقف أمامها طويلا، لعلنا ننفذ إلى معناها، لو صحت.. فهذا هو الأهم! إنك من الناحية الموضوعية المجردة، لا تكاد تستبعد حدوثها، لأنها، والحال كذلك، تتفق تماما، مع طريقة التفكير الأميركية، ومع المنطق البراغماتي العملي الأميركي، الذي يتعامل مع أي أمر، بحسب ما سوف يؤدي إليه هذا الأمر، من نتيجة عملية على الأرض، وليس بحسب ما إذا كان الأمر نفسه حقيقة أو خيالا، فهذا الشيء الأخير، ليس هو المهم! ولو أنت استعرضت عددا من المواقف الأميركية الأخيرة، أمام عينيك، ثم أخضعت كل موقف منها، للتحليل الدقيق، فسوف يتبين لك، في الغالب، أن كل موقف منها، لا يكاد ينطوي على مضمون حقيقي، وأن الشكل أمام العالم، هو كل ما يهم، خصوصا إذا كان هذا الموقف، له علاقة بالعالم الخارجي، ولا علاقة له بالشأن الداخلي الأميركي. إن أي متابع لما يجري الآن، ومنذ سنوات، بين الولايات المتحدة من جانب، وبين إيران - مثلا - من جانب آخر، سوف يتضح له، أن «منطق أرمسترونغ» إذا صح التعبير، هو نفسه الذي يحكم ما يقال، يوميا، من جانب الإدارة الأميركية، تجاه المشروع النووي الإيراني.. وإلا.. فما معنى أن تقول وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، صراحة، إن بلادها ترفض وضع سقف زمني للمفاوضات مع إيران، حول هذا المشروع؟!.. إن أي محلل لهذا التصريح، على لسان الوزيرة كلينتون، لن يجد فرقا كبيرا بينه، وبين أن يقفز أرمسترونغ على الأرض، ثم يقال للناس، إعلاميا، إنه قفز فوق القمر! المدهش، أن الموروث الشعبي المصري، يصف أي شيء يكون «مضروبا» وغير حقيقي، بأنه «أميركاني».. ويبدو أننا في مصر، كنا على المستوى الشعبي قد قرأنا العقلية الأميركية في إجمالها، مبكرا، قبل أن يترجمها أرمسترونغ نفسه، ما بين نيفادا وما بين القمر، ولذلك جاءت قفزته «أميركاني» بالمعنى المصري الشعبي النافذ فيما يبدو!   نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل كانت قفزة «أميركاني» حقا هل كانت قفزة «أميركاني» حقا



GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللاجئون في مصر... تراث تاريخي وتذمر شعبي

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 01:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أميركا النازعين وأميركا النازحين

GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 01:44 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

فيلبي وحفيدته سارة... وإثارة الشجون

GMT 01:36 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

«رؤية 2030»: قارب النجاة في عالم مضطرب

GMT 00:10 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

قواعد اللعبة تتغير من حولنا!

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon