توقيت القاهرة المحلي 06:59:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحسبها بالورقة والقلم

  مصر اليوم -

نحسبها بالورقة والقلم

سليمان جودة

فى أثناء جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة، كنا غارقين حتى رؤوسنا فى المقارنة بين «مرسى» و«شفيق» كشخصين، وكان السؤال الذى لا يفارق كل لسان هو: أيهما سوف ينجح.. «مرسى» أم «شفيق»؟!.. ولم يكن أحد يسأل نفسه، أو يسأل الناس، السؤال التالى: ماذا يجب أن يتغير فينا عندما يأتى أحدهما؟! الآن.. مضى شهران تقريباً على مجىء «مرسى»، وجاءت «لاجارد»، مديرة صندوق النقد الدولى، يوم الأربعاء الماضى تسألنا: لماذا تريدون اقتراض 4.8 مليار دولار من الصندوق؟، وكانت إجابتنا بأن إنفاقنا أكبر من موارد دخلنا، وأننا عاجزون عن الاستمرار بهذا الوضع الحالى إلا بالحصول على قرض.. وكان لسان حال السيدة «لاجارد» وهى تسمعنا، يقول إننا لم نغير من حالنا شيئاً عما كان عليه هذا الحال نفسه أيام حسنى مبارك!.. فقط، ذهب رئيس وجاء رئيس جديد.. وما عدا ذلك كله على حاله، وربما يكون قد صار أسوأ! لقد كان نظام مبارك يقترض كما نفعل بالضبط الآن، وكان يعجز، بسبب إنفاقه السفهى، عن الوفاء برد القرض، ولم يكن هناك حل إلا بترحيل الأقساط الواجبة، فتسددها الأجيال اللاحقة من اللحم الحى، دون أن يكون لها ذنب فى ذلك! إن الشىء الذى لا يمكن قبوله، تحت أى ظرف، أن يستمر إهدار الموارد، وتبديد الثروة القومية، كما هو، ثم لا نخجل ونحن نطلب قرضاً من الصندوق.. ولهذا السبب، فإن «لاجارد» لم تخجل من جانبها، وقالت بملء الفم، بعد لقاء «مرسى»، إنهم فى الصندوق سوف يدرسون خطة الإصلاح التى سوف تقوم بها الحكومة المصرية، وبعدها فقط، سوف يقررون ما إذا كانوا سوف يوافقون على منح القرض أم أنهم سوف يرفضون! وحين تفتش مديرة الصندوق فى أوراق اقتصادنا، ثم تكتشف أننا - مثلاً - ندعم أنبوبة البوتاجاز بنحو 60 مليار جنيه سنوياً، وأن هذا المبلغ يجرى إهدار أغلبه فى التراب، وأنه لا يصل للذين تم إنفاقه من أجلهم، فسوف تقول حتماً بينها وبين نفسها، إن هؤلاء قوم يمارسون السفاهة فى إنفاق ما لديهم من مال، وأنهم لا يستحقون قرضاً ولا يحزنون! ولو أن أحداً سألنى عما إذا كنت ضد دعم أنبوبة البوتاجاز للفقير، فسوف أرد بكل وضوح وأقول: لا.. لست ضد دعمها، ولكن ضد أن ندعمها، ثم يذهب هذا الدعم فى جانبه الكبير إلى الفنادق ذات الخمس نجوم، كما سمعت بنفسى من وزير مختص ذات يوم، ثم يذهب أيضاً إلى الوسطاء، الذين يبيعون الأنبوبة لمستهلكها الفقير بعشرين وثلاثين جنيهاً، فى حين أن سعرها الحكومى 2.5 جنيه! طبعاً، لا يدرى محدودو الدخل، الذين يحصلون على الأنبوبة بأى ثمن، أنهم مُضارون أبلغ الضرر، من وراء دعم كاذب من هذا النوع، ولو سألنى أحدهم: كيف؟! فسوف أقول: تعالوا نحسبها بالورقة والقلم.. الدولة تنفق على دعم الأنبوبة 60 ملياراً، وتنفق على التعليم 30 ملياراً، وعلى الصحة نصف هذا المبلغ، أى أن ما يتم إهداره من دعم البوتاجاز للفنادق الفخمة والوسطاء يزيد على ميزانيتى التعليم والصحة معاً، فإذا شكا الناس من سوء التعليم، وما يؤدى إليه مستواه الحالى من بطالة، كان رد الحكومة إنها لا تملك ميزانية إضافية يتحسن بها حال التعليم، فتبقى البطالة على حالها، ويدفع محدودو الدخل الثمن فادحاً، حين يعجز أولادهم الذين تعلموا تعليماً رديئاً عن أن يجدوا عملاً آدمياً.. وهكذا الحال مع الصحة، عندما تنتشر الأمراض، لأن ميزانية الوزارة هزيلة، وكذلك مع السكن، حين تنتشر العشوائيات، لأن الوزارة المعنية لا مال عندها تقيم به مساكن آدمية، فى الوقت الذى نهدر فيه 60 ملياراً، عداً ونقداً، على دعم يضر أصحابه أول ما يضر، ولا ينفعهم فى شىء! الخطر الحقيقى ليس فى أن جريمة كهذه دامت سنوات طويلة قبل الثورة، دون أن نحاسب مرتكبها، وإنما الخطر الأكبر يكمن فى أنها مستمرة الآن، ويبدو أنها سوف تستمر غداً، دون أن يوضع جدول واضح لمواجهتها، والحد منها، وإنقاذ هذه المليارات من الإهدار وإنفاقها فى موضعها الصحيح! كيف؟!.. هذا موضوع آخر أعود إليه غداً بإذن الله، لأن طول العهد بهذا الدعم جعل الذين اعتادوا عليه أشبه بالذى أدمن شيئاً، ويحتاج إلى طريقة خاصة فى العلاج، لعله يشفى! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"    

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحسبها بالورقة والقلم نحسبها بالورقة والقلم



GMT 00:30 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

فن الكذب عند ترامب!

GMT 21:01 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أحزان عيد القيامة!

GMT 20:58 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

د. محمد غنيم رائد زراعة الكلى

GMT 20:51 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الأمور نسبية؟!

GMT 19:16 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

المفقود والمولود

GMT 19:10 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

نجوم الفضائح والتغييب

GMT 19:01 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

مجرد سؤال ليس إلا

GMT 19:00 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

سلام الأوهام مجددًا!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon