توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جيشنا فى أحداق العيون

  مصر اليوم -

جيشنا فى أحداق العيون

أسامة غريب
        على العكس من غيره من أعضاء المجلس العسكرى الذى حكم البلاد بعد خلع الملعون فإن اللواء محمد العصار يحظى بتقدير قطاع معتبر من الشعب، ذلك لأن الرجل لم يتورّط فى أفعال أو تصريحات مؤذية مثلما فعل بعض زملائه. لا يمكن لشعب مصر مثلًا أن ينسى للواء الروينى عضو المجلس السابق افتخاره بترديد الشائعات فى أثناء الثورة ولا اتهامه المتهافت لحركة 6 أبريل بالعمالة والقبض من الخارج، كما لا يستطيع نسيان الشهداء والمصابين الذين علّقت دماؤهم باللواء حمدى بدين القائد السابق للشرطة العسكرية. وليس من السهل كذلك أن ينسى الناس تصريحات اللواء مختار الملا، وبالذات تصريحه لـ«النيويورك تايمز» الذى قال فيه إن الانتخابات التشريعية لا تعبر عن شعب مصر، وإن الجيش سيتدخل فى كتابة الدستور، ولن يترك الأمر للأعضاء المنتخبين! هذا غير تصريحات اللواء ممدوح شاهين طوال سنة ونصف السنة الممتلئة بالغطرسة والسعى بمنطق القوة لجعل الجيش فوق الدولة المصرية بكاملها. هذا غير اللواء محمود نصر الذى تحدث عن المشروعات الاقتصادية للقوات المسلحة باعتبارها عَرَق الجيش، وتهديده لمن يفكر فى الاقتراب منها! يُحمد للعصار أنه ابتعد عن مثل هذه التصريحات والأفعال الرديئة، فحفظ لنفسه موقعًا طيبًا لدى الناس. فى لقائه الأخير برؤساء تحرير الصحف عرفنا أن العصار يريد أن يصل إلى صيغة للتعامل بين الإعلام والقوات المسلحة مختلفة عن تلك التى سادت طوال الفترة الانتقالية، وشابها الكثير من الانتقاد المرير للأداء السياسى للمجلس العسكرى. ذكر العصار أن الجيش قد عاد إلى ثكناته، وبالتالى يتعيّن أن يعود الإعلام إلى ما كان عليه قبل الثورة عندما كان تناول الجيش حتى لو بالمدح أمرًا محرمًا. ربما لم يقل اللواء العصار هذا بالنص، لكن مَن حضروا اللقاء شعروا أن هذا ما يتمناه. وبداية نود أن نوضح أن من أروع ما فعلته الثورة هو إسقاط الهالة غير المنطقية وغير الطبيعية عن بعض المؤسسات التى سمّت نفسها سيادية من أجل أن تفعل ما تشاء دون أن يجرؤ أحد على محاسبتها. من هذه الجهات على سبيل المثال المخابرات العامة التى كان مجرد ذكر اسمها يبث الرعب فى القلوب. ثورة 25 يناير يا سادة قامت من أجل أن يبث جهاز المخابرات المصرى الرعب فى قلوب الإسرائيليين لا فى قلوب المصريين! وقد رأينا كيف أن الجهاز الذى رأسه عمر سليمان حبيب المخلوع وصفيّه وكاتم أسراره قد قام طوال الفترة الانتقالية وبرعاية المجلس العسكرى بإدارة الكثير من مظاهر الفوضى فى الشارع المصرى، ورأينا كيف كانت تعمل بعض القنوات الفضائية برعاية وتمويل من ذلك الجهاز السيادى من أجل تغليب جانب من أطراف الصراع السياسى على جانب آخر. وليس خافيًا على شعب مصر ما فعله رجال عمر سليمان عندما جمعوا له ثلاثين ألف توكيل فى عدة ساعات من أجل الترشح لرئاسة الجمهورية، ولا خافيًا الرعاية الكاملة التى بسطوها على توفيق عكاشة وعلى قناة «الفراعين»، رغم أن عكاشة ليس إعلاميًّا بالمفاهيم الطبيعية لمعنى الإعلامى، ولا قناته كانت وسيلة إعلام حقيقية. هل يستطيع شعب مصر أن يتجاهل كل هذا ويغلق فمه عن الحديث عن جهاز مخابراته الذى بدلًا من أن يكون الحارس الأمين على أمنه أصبح فى وقت ما الراعى الرسمى للفوضى والانفلات الأمنى! ستقولون هذا ماضٍ وانقضى، وأقول لن ينقضى قبل الحساب.. وقد ذكر الأستاذ عصام سلطان أن جهاز المخابرات ما زال يرعى قنوات فضائية حتى الآن! هذا مثال لما يسمى بالجهات السيادية، فإذا عدنا إلى اللواء العصار وإلى الحديث عن الجيش، نقول لسيادته إنه ليس منا مَن لا يريد لجيشه العلو والشموخ والمجد، فمجد الجيش مجدنا وسمعته الطيبة شرف لنا جميعًا.. ولكن كيف بعد ثورة شريفة قدمت دماء خير شبابها يمكن لنا أن نسكت عن المجازر التى ارتكبها نفر من جنود وضباط الجيش فى ماسبيرو ومجلس الوزراء والعباسية، دون أن يتم تقديم الجناة إلى المحاكمة ومعاقبتهم على القتل وإلقاء الجثث فى الزبالة وطرح البنات أرضًا، وضربهن بالبيادات قبل تعرية أجسادهن؟ وكيف لا نتحدث عن هتك العرض الذى يسمونه فى الجيش كشف العذرية قبل معاقبة الذين ارتكبوه؟ وهل يمكن بعد إجراء انتخابات رئاسية ووصولنا إلى أولى محطات الدولة المدنية أن نتخلى عن قيمة الشفافية التى دفعنا ثمنها دمًا ونكف عن الحديث عن مشروعات الجيش الاقتصادية؟ وكيف نفعل ونحن نرى أنها سبب من أسباب الترهل الذى شاهدنا بعض نتائجه فى مذبحة جنودنا برفح؟ كيف نسكت ونحن نعرف أن الجيش الذى يحصى الإيراد آخر النهار لا يحقق انتصارًا! إن دورنا كشعب مناضل عُرف بحبه لجيشه وأبنائه المقاتلين هو أن نجوع ونعرى ونبيع مصاغ النساء وعفش البيت لنصرف على تسليح جيشنا، لكن الجيش ليس عليه أن يبيع الفطير المشلتت ولا أن يتولى إقامة الأفراح والليالى الملاح للحصول على المال.. وظيفة الجيش الوحيدة هى الاستعداد للحرب كما هى الحال فى إسرائيل، ولن تمنعنا تهديدات اللواء محمود نصر من الحديث عن المشروعات الاقتصادية للقوات المسلحة، لأننا لا نراها عرق الجيش كما قال، لكنها فلوس أبناء مصر ويجب أن تديرها الدولة المصرية التى هى بالمناسبة صاحبة هذا الجيش! كل الأمنيات الطيبة للواء العصار ولجيشنا العظيم الذى لا نحب أبدًا أن نسمع أنه قام بإقراض الدولة المصرية.. لأن ذلك يهدم الدولة المصرية! نقلاً عن جريدة "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيشنا فى أحداق العيون جيشنا فى أحداق العيون



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt