توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التكنوقراطي أحمد الشرع

  مصر اليوم -

التكنوقراطي أحمد الشرع

بقلم:ممدوح المهيني

هروب بشار الأسد ودخول الشرع دمشق لا يعني فقط سقوط نظام الأسد، ولكن أيضاً موت الآيديولوجية البعثية التي سقطت قبل ذلك في العراق. من الصحيح أنها كانت مجرد شعارات ميتة سريرياً، إلا أنها دُفنت الآن بشكل نهائي ومن الصعب أن تعود إلى الحياة من جديد.

خلال عقود مرَّت في سوريا هناك صراعات كثيرة بين القوميين والقُطريين والناصريين وأطياف سياسية أخرى تتصارع على السلطة، وبعضها مخلصة ووطنية في أهدافها، ولكنها كلها انتهت بعد وصول الرئيس حافظ الأسد إلى الحكم. وبعد هذه المدة الطويلة وحتى سقوط النظام، تغيَّر العالم وتبين أنها لم تعد تصلح لهذا العصر.

الشيء نفسه حدث مع مصر فقط، فقد ازدهرت الناصرية بخطابها الملتهب الذي يدعو إلى الثورة وإسقاط الحكومات «الرجعية» ولكنها تعرضت لـ«نكسة» في 1967، ومن حينها فقدت جاذبيتها وبهتت حتى ماتت. الناصريون يتحدثون اليوم كأنهم خارجون للتوِّ من متحف الماضي. شيء شبيه بهذا حدث مؤخراً مع صعود الإسلام السياسي السني والشيعي. هزيمة «حزب الله» في لبنان وخروج إيران من سوريا هي بداية النهاية لهذا المد، وقبل ذلك أثبتت جماعات الإسلام السياسي فشلها في الحكم في مصر والسودان وتونس وغزة وغيرها من البلدان. لقد فقدت هذه الآيديولوجيات الوهج لأنها فقدت الاتصال مع الواقع والتغيرات التي حدثت فيه. عالمياً، سادت آيديولوجيات مثل النازية والفاشية والشيوعية ولكنها انهارت كلها. في بكين يضعون صور ماو في الساحات وينحتون مقولاته على قمم الجبال، ولكنهم يفعلون عكسها.

رأى الشرع موت هذه الآيديولوجيات العالمية والإقليمية وأنواع الحكم تسقط أمام عينيه بالتوالي، وعلى الرغم من أنه يأتي من خلفية إسلامية معروفة فقام بتعديلها وتطويرها مع الوقت، فإن كل ما يقوله ويفكر فيه يدل على عقلية واقعية تكنوقراطية أكثر من أي شيء آخر. يبدو أن الشرع فهم أن هذه الآيديولوجيات الميتة فقدت قيمتها لأسباب واضحة. لقد وضعت السياسة والثقافة قبل الاقتصاد ولم تفهم طبيعة العالم المنفتح المتصل بعضه ببعض الذي نعيش فيه فتعرضت للنبذ، وحاولت بالقوة أن تفرض طريقة تفكير وعيش واحدة على مجتمع متعدد ومتنوع دينياً وثقافياً فخسرت الناس ودخلت في صراعات وحروب وصدَّرت آيديولوجيتها خارجياً، فخسرت السلطة وأُطيح بها. وهذا ما نراه في منطقتنا؛ صدَّام خسر كرسيه بعد حروب كان بالإمكان تجنبها، والإيرانيون خسروا نفوذهم بعد تصدير آيديولوجيتهم لعقود، والإخوان في السودان ومصر خسروا شعوبهم بعد أن فرضوا عليهم بالقوة عقيدتهم، والأسد فرَّ وترك خلفه بلده ممزقاً وأكواماً من أقراص الكبتاغون.

لهذا يفكر الشرع بطريقة واقعية، وحديثه يركز أولاً على الاقتصاد والتنمية وبناء البلد المدمَّر وعدم تصدير الآيديولوجيات إلى الخارج ويُحسن علاقاته مع الجميع، وهذا هو التصور الصحيح. ويتحدث أيضاً عن العملية السياسية التي تحتاج إلى وقت طويل حتى تنضج وتنجح، ولهذا القفز على المراحل سيُفضي إلى تعثرها وتفككها. لا يمكن أن تُبنى ديمقراطية متعافية على الأنقاض. الجائعون يبحثون عن الرغيف لا عن صندوق الانتخاب. ويرى الشرع في المقابل نماذج آسيوية (سنغافورة، وماليزيا، وكوريا الجنوبية) وعربية ناجحة في الدول الخليجية التي استطاعت أن تزدهر بعد أن طبَّقت الدرس الأهم: طردت الآيديولوجيات القومية والدينية المتطرفة من النافذة، وأدخلت التنمية من الباب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التكنوقراطي أحمد الشرع التكنوقراطي أحمد الشرع



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt