توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن أي ترمب نتحدث؟

  مصر اليوم -

عن أي ترمب نتحدث

بقلم:ممدوح المهيني

المختلفون على ترمب يخطئون عندما يضعونه في قالب جامد. فهو ليس عظيماً كما يريدنا أنصاره أن نصدق، وليس شريراً كما يريد أن يُقنعنا خصومه. ليس شعبوياً انعزالياً يسعى لتفكيك النظام الأميركي كما يروج الليبراليون، وليس محافظاً «ريغانياً» كما يصوره الجمهوريون.

ترمب هو خليط من النزعات والاتجاهات والأهواء، وفي كل قضية هناك ترمب مختلف عن الآخر. يسعى ترمب إلى وضع حد للحرب الأوكرانية - الروسية، وهناك من يتهمه بأنه بفعله هذا سيؤدي إلى إضعاف التحالف الأوروبي - الأميركي، ويعلن عن تخلي واشنطن عن دورها التاريخيّ الذي لعبته بعد الحرب العالمية الثانية.

قد يكون ذلك صحيحاً جزئياً، لكن هذا الاستنتاج يصطدم بحقائق أخرى. وهي أن ضغوطات ترمب الهائلة على الأوروبيين لزيادة الإنفاق الدفاعي سيقوي حلف الناتو والتحالف الأميركي - الأوروبي، وليس العكس. ينتقدونه بأنه ترك بوتين ينجو من غزوه أوكرانيا، واحتلال أراضٍ بطريقة غير شرعية، ما سيشجع غيره على القيام بالمثل. هذا صحيح أيضاً، لكنه يتعارض مع استنتاج آخر، وهو أن التقارب الأميركي مع روسيا سيضعف تحالفها مع الصين الخصم الرئيسي والتحدي الكبير للأوروبيين والأميركيين. وهو بذلك سيقوي واشنطن وحلفاءها مستقبلاً، بعد أن يعزل الصين. سيفعل على عكس ما فعله نيكسون بالتقارب مع الصين وعزلها عن الاتحاد السوفياتي.

ينفض ترمب يديه من التدخلات الخارجية، ويتخلى عن دور شرطي العالم، وفي ذات الوقت يأمر بقصف الميليشيات الحوثية بسبب هجومها على خطوط الملاحة الدولية. حراسة خطوط التجارة من سمات القوى العظمى. فعلتها سابقاً الإمبراطورية البريطانية، وتفعلها الآن الإمبراطورية الأميركية، وهي ضرورية لاستمرارية خطوط النقل وتدفق البضائع من دون عبث القراصنة والجماعات المارقة. ترمب يقوم بدور الشرطي العالمي، حتى لو ادّعى العكس.

يبدو ترمب فظاً جارحاً متنمراً (تتخلله أوقات من المديح واللطف)، لكن الأقوال لا تعكس حقيقة الأفعال. لنتذكر أن الرئيس أوباما كان مهذباً وأنيقاً، لكن سياسته الخارجية في الشرق الأوسط كانت سلبية. لقد سلّم بشكل رسمي وعلني المنطقة للهيمنة الإيرانية، يقول الجنرال ديفيد بتريوس إنه حذّره من الانسحاب من العراق، حيث سيجعله واقعاً بشكل كامل تحت نفوذ طهران. ردّ عليه أوباما: «نعم، أرى الخريطة المعلقة على جدارك!». أي أنه يدرك نتائج قراره. وفي وقته انتعشت الأصوليات، وصعد مدّ الإسلام السياسي، حتى داخل الغرب. لكن إدارة ترمب تسعى لمحاربة الجماعات المتطرفة، ما سيصبّ في مصلحة المسلمين قبل أي أحد آخر، وهذا ينفي الاتهام أنه معادٍ للمسلمين.

في مكتبه بالبيت الأبيض، يضع رجال دين أيديهم على ظهره، ويبدأون بالدعاء له، لكنه رجل غير متدين، ولم يعرف بالنزعة الإيمانية أو ارتياد الكنائس، (ويقال إنه فكّر بالقسم على كتابه «فن الصفقات» بدل الإنجيل في مراسم تنصيبه... قد تكون مبالغة، لكن الفكرة وصلت). يتهم بمعاداة المهاجرين، لكنه عيّن أعضاء من إدارته من أصول مهاجرة.

الصورة التي يتصورها كثيرون عن ترمب تأتي من خلال حملات الهجوم عليه، وتنطلق من دوافع تخصّها، «الكتّاب الأوروبيون مثلاً يهاجمونه بسبب موقفه الحالي من أوروبا، واليسار بسبب موقفه من الجندرية، والمتطرفون الإسلاميون بسبب موقفه من جماعات الإسلام السياسي السني والشيعي»، وقد يكون بعض ما يقولونه منطقياً، لكنه لا يعكس الصورة كاملةً عنه. هناك أكثر من ترمب، وفي كل قضية هناك ترمب مختلف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن أي ترمب نتحدث عن أي ترمب نتحدث



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt