توقيت القاهرة المحلي 11:07:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبد الناصر يدفن عبد الناصر

  مصر اليوم -

عبد الناصر يدفن عبد الناصر

بقلم:ممدوح المهيني

الرئيس جمال عبد الناصر ليس مؤسسَ المدرسة غير الواقعية في الحياة السياسية العربية في العصر الحديث، لكنه بكل تأكيد أكبر رموزها وأهم شخصياتها. لقد استطاع ذلك بسبب شخصيته الكاريزمية وقيادته بلداً بحجم مصر، وفي مرحلة حركات التحرر، وخلال عقدين من تثوير الشارع العربي بالشعارات العاطفية والتصورات الخيالية، وبدون إدراك لموازين القوى على الأرض. كل هذا انتهى في عام 1967 في 6 أيام ولم تمر سنوات حتى توفي في 1970 وهو يشعر بالانكسار، ويقال إن الرئيس عبد الناصر مات عملياً منذ الهزيمة القاسية.

ولكن ناصر مات واستمرت الناصرية. وفاته لم توقف تأثيره على الخطاب السياسي والوعي الشعبي، ولا يزال هناك من يفكر على طريقته ويروج لأفكاره ويكرر الأخطاء ذاتها. ولكن التسجيلات الأخيرة التي ظهرت قبل أيام لعبد الناصر تكشف أن هناك أكثرَ من عبد الناصر. هناك عبد الناصر الجماهير وعبد الناصر في الواقع. عبد الناصر في العلن وعبد الناصر في السر. عبد الناصر العاطفة وعبد الناصر العقل. عبد الناصر الشعبوي وعبد الناصر البرغماتي. وبكل تأكيد أن عبد الناصر الجديد يدفن عبد الناصر القديم، ومن المفترض أن يعيد تركيب صورته التاريخية على هذا الأساس وبناءً على قناعاته الأخيرة. كل الذين استخدموا عبد الناصر لتبرير رؤيتهم الشعبوية وغير والواقعية وجدوا أنفسهم الآن مجردين من السلاح الأقوى الذي استخدموه في كل مواجهة وحرب غير متكافئة جرّت على الشعوب العربية الدمار والخراب.

في التسجيل المسرب يقول الرئيس عبد الناصر للرئيس الليبي معمر القذافي بالنص وأنقله كما هو: «إحنا سيبونا... حنحارب إمتى ونجيب سلاح منين؟ إللي عايزين قتال وتحرير يتفضلوا... كيف تحرر تل أبيب؟ اليهود متفوقين علينا أحب أقولك كده. متفوقين برا علينا. ومتفوقين جوا علينا. أنا مش بقول الكلام ده لأني انهزامي. أنا بقول إن إحنا إذا كنا عايزين نحقق هدف لازم نكون واقعيين وهنحققه إزاي. إذا كان تحقيقه بعيد.. إحنا بنبعد عن العملية كلها سيبونا. إحنا بتوع الحل السلمي الاستسلامي الانهزامي. وأنا قادر إن أنا يعني أتحمل هذا وضميري مرتاح. اتفضلوا الناس إللي عايزين يحاربوا». هذا بعض ما قاله والتسجيلات تحمل اعترافات أكثر.

صحيح أن عبد الناصر قال هذا الحديث بعد هزيمة 67، ولكن هذا لا يغير من الأمر شيئاً، بل يؤكد أنه غيّر قناعاته بعد أن عرف من التجربة الصعبة التي خاضها أن الآيديولوجية التي آمن بها وسعى لترويجها ونشرها في بلدان عربية عديدة أثبتت فشلها، وعلى ضوء ذلك خرج بهذه القناعات الجديدة. وإذا كان أكبر رموز هذه المدرسة يقول إنها لم تعد صالحة، فماذا يمكن أن يقول الأتباع والأنصار؟! هم يقولون الآن إنها دعوة للهزيمة والاستسلام (اتهام لعبد الناصر نفسه). وهذا بالطبع غير صحيح، ولكن القيادات والشعوب تتعلم من الأخطاء والهزائم وتتخلص من الآيديولوجيات الفاشلة التي جربتها، حتى لو جاء ذلك متأخراً نصف قرن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد الناصر يدفن عبد الناصر عبد الناصر يدفن عبد الناصر



GMT 08:31 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 08:29 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 08:28 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 08:27 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 08:26 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

فتنة الأهرامات المصرية!

GMT 08:25 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 08:24 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 08:23 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

زميلنا الرئيس السادات

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 09:39 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامية ناردين فرج تقدم برنامج "ذا فويس كيدز" 2017

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

حافظ على صحة قلبك والجهاز الهضمى بالعدس

GMT 10:43 2017 الإثنين ,22 أيار / مايو

أفكار وأكسسوارات مميزة لمطبخ رمضان الكريم

GMT 06:16 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة إيطالية حديثة تؤكّد أنّ "سرعة القذف" حالة نفسية

GMT 16:22 2017 الإثنين ,20 آذار/ مارس

10 نصائح لاختيار صندوق طعام طفلك المدرسي

GMT 08:31 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

محلات "vitrine" تطرح أحدث تشكيلة من ملابس الخريف

GMT 05:16 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

مسلسلات وأفلام حكت عن حرب أكتوبر ورأي النقاد بها

GMT 06:59 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير التموين يعلن 80 مليار جنيه تكلفة دعم التموين والخبز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt