توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعودية وأميركا: محمد بن سلمان و«تصدير الرؤية»

  مصر اليوم -

السعودية وأميركا محمد بن سلمان و«تصدير الرؤية»

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن، لم تكن زيارةً عاديةً، بل هي بحقٍ «زيارةٌ تاريخيةٌ» بكل المقاييس، لا في بنائها على أكثر من 8 عقودٍ من علاقاتٍ متينةٍ ترسخت منذ لقاء الملك عبد العزيز مع الرئيس روزفلت بعد الحرب العالمية الثانية، ولا فيما تلاها من عقودٍ من العلاقات بين البلدين وصولاً إلى زيارة الأمير محمد.

منذ لقاء الملك عبد العزيز التاريخي مع روزفلت، لم يحدث لقاء بين القيادتين أسفر عن صناعة مستقبلٍ طويلٍ مثلما جرى في هذه الزيارة، ولقد بدأت الكثير من الأصوات تعلو في العالم العربي، منبهرةً ومؤيدةً للاتفاقات والنتائج المبهرة من زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن، ومن أولئك من كان يتهجم على سياسات السعودية، ومن كان يتهمها إما بدوافع قوميةٍ أو إسلامويةٍ أو مصلحيةً، ومع ذلك أصبحت المواقف والسياسات والاتفاقات تبين عن نفسها، وتكشف عن أسرارها؛ ما جعل كثيراً من الأعداء الكاشحين يتحولون إلى مادحين منبهرين.

لقد أدرك العالم أجمع، رؤية ولي العهد السعودي، والسياسة الحازمة والمتزنة التي اتبعها، منذ بداية تسلمه لمسؤولياته قبل نحو عقد من الزمان، وقد تعلمت بعض الدول مواقفه بالطريقة الصعبة، كما جرى مع السويد وألمانيا وغيرهما، وكما جرى مع دولٍ عظمى، في سياسات الطاقة، وسياسات التسلّح، وسياسات مواجهة المحاور وصناعتها، مع سياساتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ اضطرت فيها محاور ودولٌ إقليميةٌ للتنازل عن مواقفها أو الإعلان عن تحالفاتٍ كانت سريةً، كل ذلك بناء على الموقف السياسي الحازم والمختلف.

ظاهرة الهتاف في عدد من الدول العربية والإقليمية بحثاً عن «رمزٍ» مثل محمد بن سلمان هي ظاهرةٌ تستحق النظر والتأمل، وقد تجاهل البعض في أميركا والغرب قوة السياسة الواقعية والعقلانية التي تتماشى من منطق التاريخ وصناعة المستقبل في السعودية، وغضوا الطرف عن قوة الإصلاحات الكبرى ومحاربة الفساد ومواجهة الأصولية والإرهاب، وتحويل الاقتصاد من ريعي إلى منتجٍ، والتطوير التنموي الهائل، فخسروا حين ربحت السعودية.

عبّرت بعض الجهات الأميركية من قبل عن انبهارها بـ«رؤية السعودية 2030» وأن بالإمكان الاستفادة منها في الغرب، فضلاً عن دول المنطقة، وهذه اللحظة التاريخية لحظةٌ مناسبة للإعلان عن «تصدير الرؤية» التي تعنى بصناعة التنمية والاقتصاد والمستقبل، والتوازن السياسي مع الواقعية والعقلانية وبناء طرق تحقيق أحلام الدول والشعوب، بدلاً من «تصدير الثورة» أو ما سبقتها من شعاراتٍ عروبيةٍ وقوميةٍ لم تجلب إلا الدمار للدول والشعوب العربية.

بعد لقاء روزفلت وفي عهد الرئيس «ترومان» أعطى الملك عبد العزيز تعليماتٍ لولي عهده الأمير سعود في زيارته لأميركا، جاء فيها: «أكدّوا للرئيس ولرجال حكومته ولجميع من تقابلونهم، وفي جميع المناسبات التي يتاح لكم البحث فيها، محبتنا لأميركا، وتمسكنا بالمبادئ التي أعلنت عنها ولا تزال... وأظهروا لهم أننا قد نظرنا بعين الرضا والاطمئنان، إلى ترك الولايات المتحدة سياسة العزلة والانقطاع التي كانت تسير عليها في الماضي».

تعيش السعودية لحظة ازدهارٍ غير مسبوقةٍ، وأصبحت تستفيد من كل مصادر قوتها؛ بهدف الترقي في معارج الحضارة والسعي في مسالك النجاح، ومن يقرأ طبيعة الاتفاقات التي أُبرمت يجدها شاملةً لمصلحة السعودية وبناء مستقبلها بوعيٍ وتكاملٍ وشموليةٍ، تضمن أن تخوض معارك الغد مسلحةً بكل ما تحتاج إليه من علمٍ وتقنيةٍ وقوةٍ عسكريةٍ تحمي المقدرات والإنجازات.

كما صنع الأمير محمد تجاه سوريا وأقنع الرئيس ترمب بمنحها الفرصة، فها هو يعود ثانيةً ليطلب من ترمب أن يتدخل لحل الأزمة السودانية التي تدمي القلوب في صراعٍ عسكريٍ وحربٍ أهليةٍ تأكل أخضر السودان ويابسه.

تحدث الأمير محمد في البيت الأبيض وأمام الرئيس ترمب، وقال بكل وضوحٍ: «نحن لا نخلق فرصاً وهمية لإرضاء أميركا أو إرضاء الرئيس ترمب، إنها فرص حقيقية، وعلى سبيل المثال سألنا عن الذكاء الاصطناعي والشرائح (الإلكترونية)، فالمملكة العربية السعودية لديها طلب ضخم للقوة الحاسوبية، وسننفق على المدى القصير نحو 50 مليار دولار عبر استهلاك أشباه الموصلات لحاجاتنا في المملكة»، فمصلحة الدولة السعودية وشعبها مقدمةٌ على كل شيء.

وكان لافتاً محاولة صحافيةٍ أميركيةٍ طرح ما تعتقد أنه قد يحرج السعودية تجاه أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ظناً منها أنها قد تحرج موقف الأمير ومضيفه، وقد بادر ترمب بالهجوم عليها بعباراتٍ قويةٍ؛ منعاً لأي تعكيرٍ للزيارة التاريخية، ولكن الأمير محمد طلب الردّ عليها، وتحدث بلغةٍ إنجليزيةٍ مبهرةٍ، وأوضح بجلاء الجهات التي سعت لضرب العلاقات السعودية - الأميركية على مدى عقدين من الزمن، ووضع الأمور في نصابها، فليس لدى السعودية ما تخفيه.

أخيراً، للتاريخ أن هذه الزيارة هي أنجح الزيارات في تعزيز العلاقات التاريخية المستمرة منذ عقودٍ مع بناء مستقبلٍ حقيقيٍ سيستمر عقوداً في المستقبل، وهكذا يُصنع التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية وأميركا محمد بن سلمان و«تصدير الرؤية» السعودية وأميركا محمد بن سلمان و«تصدير الرؤية»



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt