توقيت القاهرة المحلي 03:46:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن توقيت المعارك

  مصر اليوم -

عن توقيت المعارك

بقلم : جمعة بوكليب

يُعدُّ توقيتُ المعاركِ أحدَ أهمّ أسسِ الفوز في مختلفِ أنواع الحروب. ويُروى عن الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت قولُه: «إنني على استعداد لخسارة معركة، ولست على استعداد لخسارة دقيقة واحدة». وحسب التفسيرات، فإنَّ نابليون كانَ يرى أنَّ الخسارةَ العسكرية يمكن تعويضُها والأراضي المفقودة يمكن استردادُها، أمَّا الوقتُ فهو الموردُ الوحيد الذي لا يُعوّض ولا يُسترد.

في الحياة اليومية، تنشبُ معاركُ وحروبٌ على جبهات عديدة وبأسلحة متنوعة. في البلدان الغربية مثلاً، تقود النقابات المهنية حروباً مع الحكومات والشركات الكبرى للدفاع عن حقوق أعضائها، ويظلُّ «الإضراب عن العمل» السلاحَ الأبرز. وحين يقرّر قادةُ النقابات الخدمية اللجوء إلى هذا الخيار، فإنَّهم يحرصون على اختيار التوقيت الأنجح لتعظيم مكاسبهم.

في بريطانيا، اعتادت نقاباتُ عمال السكك الحديدية اختيارَ مواسمِ العطلات الكبرى (مثل أعياد الميلاد أو الفصح والعطلات الصيفية) موعداً لإضرابها، بهدف تعزيز موقف مفاوضيها على الطاولة لتحقيق المطالب.

ومؤخراً، أعلنتِ الرابطة الطبية البريطانية (BMA)عزمَ صغار الأطباء الإضرابَ لخمسة أيام، وذلك بعد فشل المفاوضات مع وزير الصحة. إلا أنَّ توقيت هذا الإضراب أثار ردودَ فعل غاضبة؛ كونه تزامنَ مع تفشي فيروس الإنفلونزا بشكلٍ غير مسبوق، حيث، استناداً إلى تقارير إعلامية، تستقبل المستشفيات يومياً أكثر من 2500 حالة، أغلبهم من كبار السنّ.

هذا التزامن دفعَ كثيرين وعلى رأسهم رئيس الحكومة ووزير الصحة لوصف التوقيت بـ«اللامسؤول والخطر»، وأدَّى في الوقت ذاته إلى خسارة الأطباء للدعم الشعبي؛ إذ أظهرت استطلاعات الرأي أنَّ 58 في المائة من المواطنين لا يتعاطفون مع الإضراب في ظلّ الظروف الراهنة.

تمثل معركة ُصغار الأطباء في بريطانيا جزءاً من تركة ثقيلة ورثتها حكومة العمال بقيادة كير ستارمر من الحكومة المحافظة السابقة. ورغم موافقة الحكومة على زيادة سابقة بنسبة 25 في المائة لمدة عامين، فإن الأطباء سرعان ما عادوا للمطالبة بزيادة إضافية تصل إلى 28 في المائة، وهو ما ترفضه الحكومة بدعوى عدم توفر المخصصات المالية. لذلك، وجد الأطباء المضربون أنفسَهم بين خيارين لا ثالث لهما:

الأول؛ خيار الصمت وتحمّل مشاق المصاعب الحياتية: فهم إذا لم يُضربوا في وقت الأزمات، وفوَّتوا الفرصة، فقد لا يلتفت أحد إلى مطالبهم، لمراهنة النظام على نخوتهم المهنية وما تحتّمه من أخلاقيات.

والآخر؛ خيار التصعيد وخسارة التعاطف الشعبي: أي إنهم إذا أضربوا وقت الذروة الوبائية، تحوّلوا إلى وجه الأزمة، وفقدوا مصداقيتهم المهنية والأخلاقية، وظهروا كمن يستغل الألم الإنساني لتحقيق مكاسب مادية.

من جهة أخرى، يتوقّع المجتمع البريطاني، بشكل عام، من الأطباء أن يكونوا الجدارَ الأخير، وصِمَامَ الأمان الدائم للحفاظ على نظام صحي يدركون أنه يعاني من اختلال هيكلي وعجز مالي مزمن، وأن يضحُّوا بحقوقهم للحفاظ على استمراريته وعدم انهياره. ولقاء ذلك يحظون باحترام وتقدير المواطنين.

بالعودة إلى رؤية الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت لأهمية التوقيت: كيف نقيّم هذا الموقف؟ هل توقيت الإضراب ذكي لإجبار الحكومة على التراجع وقبول المطالب، أم هو سلوك انتهازي لا يتسق مع قدسية المهنة؟

قادة الرابطة يدركون تماماً حجم مصاعب المعيشة التي يواجهها صغار الأطباء ومصاعب العمل في المستشفيات العامة، وكذلك المعضلة الأخلاقية التي يواجهونها إنْ أضربوا. ورغم ذلك قبلوا التحدي وقرروا دخول المعركة واختاروا التوقيت الأنسب لهم. وفي المقابل، يطرح أهالي المرضى خصوصاً، وغالبية المواطنين عموماً، سؤالاً مشروعاً ومؤلماً: كيف يرفض طبيب الذهابَ لممارسة عمله الإنساني، في وقت أحوج ما يكون فيه المرضى إليه؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن توقيت المعارك عن توقيت المعارك



GMT 07:16 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«حزب الله» خسر الحرب ويريد الربح في السياسة!

GMT 07:13 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

رياح الكرة الإفريقية من شرقية إلى «غربية شمالية»

GMT 07:07 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

المتحف المصرى بالتحرير.. هل غابت شمسه؟

GMT 07:03 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الست»

GMT 07:01 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الانتقالي» فتح عشَّ الانفصاليين

GMT 06:56 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عذابات الملياردير الرقمي!

GMT 06:52 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

صهيونيّتان وإسرائيلان؟!

GMT 06:45 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

السؤال المقلق لأحزاب وستمنستر

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 03:13 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

النوم الهادئ لا يعتمد على الدماغ فقط بل يبدأ من صحة الأمعاء
  مصر اليوم - النوم الهادئ لا يعتمد على الدماغ فقط بل يبدأ من صحة الأمعاء

GMT 16:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
  مصر اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 16:37 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

صندوق النقد يحث الصين على إصلاحات هيكلية عاجلة لتعزيز النمو

GMT 08:55 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الأسد الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:56 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 10:52 2020 الخميس ,19 آذار/ مارس

منة عرفة تكشف حقيقة ارتباطها بـ علي غزلان

GMT 22:21 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

مصر تشارك في قمة "بريكس" في جنوب أفريقيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt