توقيت القاهرة المحلي 13:03:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

  مصر اليوم -

د جلال السعيد أيقونة مصرية

بقلم:خالد منتصر

قصص النجاح العلمية هى قصص مليئة بالدراما، على قدر ما فيها من نجاحات على قدر ما فيها من إحباطات. صراع وسعى وجهد وعرق ودموع وضحكات وهزائم وانتصارات، هكذا قرأت السيرة الذاتية لأستاذ الأجيال فى طب القلب د. جلال السعيد، الكتاب الذى حكاه وكتبه وقام بالصياغة تلميذه د. علاء عمر، كفاح حقيقى بدأ من طفل معتل الصحة فى المنصورة، نشأ فى بيت يضم ثمانية من الأشقاء، وأب معلم عظيم صارم يهوى الثقافة والأدب وحزب الوفد وجريدة المصرى التى يقرأها له الابن النابه جلال.

بداية إعجابه بالطب كمهنة بدأت مع الحكيم مشرقى الذى كان يعالجه، أُعجب بذكائه وإنسانيته ولطف معاملته، وتمنى أن يصبح مثله طبيباً حكيماً يشار له بالبنان، رسم له القدر مسار كلية الطب بعد أن اختار له مثله الأعلى كلية الزراعة نظراً للفدادين التى توزع على الطلبة فى تلك الكلية وقتها بعد تخرجهم، والثروة التى تنتظرهم، لكنه كان قد اختار الهواية والمهنة التى دخلت فى نسيج الروح وخلايا العقل.

رحل الأب النموذج والقدوة فى إعدادى طب، أحس الشاب جلال السعيد بأنه تائه وبأنه ممسك بسراب بعد هذا الرحيل، حل الشقيق الأكبر محل الأب، فصار الأب والشقيق والصديق، تولاه بالرعاية فى القاهرة، فتفوق وصار ينتظر أن يصبح جراحاً يمتلك المشرط السحرى، إلى أن قابل الأب الروحى الثانى الأستاذ عبدالعزيز الشريف، هذا الرجل الذى حفر وشماً علمياً وإنسانياً على جدار الروح، وصار بسببه طبيباً للقلب.

كان طب القلب فى زمن الستينات طباً بدائياً، يحتاج إلى وسائل التكنولوجيا المساعدة لكى ينهض وينافس، كان د. جلال على شفا الإحباط، لم يطبطب على روحه المتعبة المنهكة سوى يد د. الشريف، ويد رفيقة الدرب العظيمة د. عبلة المشد.

تعطشه للعلم ولتطوير أدواته وزيادة حصيلة معارفه جعله يراسل جامعات أمريكا، لم يصبه اليأس، وكان واثقاً من أن القدر سيحقق له حلمه، وصله الرد من «ماكنمارا»، أكبر أساتذة القلب هناك، وكان ميعاده مع ذلك الاختراع العجيب الذى كان حلماً مستحيلاً آنذاك: «القسطرة».

تعلم د. جلال السعيد كل فنون وأسرار القسطرة من أباطرة وآباء هذا العلم وتلك المهارة، وصار خبيراً بأسرارها ودروبها، أُعجب به الأساتذة الأمريكان، عرضوا عليه استكمال الطريق فى بلاد العم سام، وتحقيق الحلم الأمريكى، والعيش فى الفردوس الهوليوودى، خاصة أنه كان قد سافر وأجواء هزيمة 67 تكبل أرواح المصريين وتحسسهم بالخذلان والانكسار هناك، لكن جلال السعيد تمرد على الهزيمة وقرر التحدى، وعاد إلى مصر، وبعد رجوعه بشهور تحقق نصر أكتوبر 73، وكأنها مكافأة السماء على وطنيته وإيمانه ببلده وبمصر التى ظل على الدوام مؤمناً بقدرتها على النهوض، وبأنها من الممكن أن تمرض لكنها لا تموت.

بدأت رحلة د. جلال السعيد المضنية والشيقة فى النهوض بقصر العينى فى مجال طب القلب، وامتد تأثيره وامتدت أياديه البيضاء لتنعم التخصصات الأخرى بفوائد اختراع تكنولوجى آخر وهو السونار الذى أفاد أقسام الجهاز الهضمى والنساء... إلخ، أشرف على مركز focus الذى خصص له طابقان فى قصر العينى، وصار معلماً حضارياً وصرحاً علمياً نتيجة الجهد الجبار الذى بُذل للحصول على منحة كانت لها شروط فى منتهى الصعوبة، لكن د. جلال وفريقه استطاعوا تذليل تلك الصعوبات، لم يغفل د. جلال فى كتابه ذكر الأساتذة الذين ساعدوه على استكمال حلمه المهنى العظيم وإنجازاته الرائعة، د. محمود خيرى ود. إبراهيم بدران أستاذَى الجراحة العظام، ود. عبدالعزيز الشريف ود. على سرور وكل أساتذة الباطنة والقلب الذين ساندوه فى بداية صعوده السلم، علمياً وإنسانياً، حتى تلامذته يشكرهم فى نهاية الكتاب.

مفتاح هذا الكتاب وتلك الرحلة يتلخص فى كلمة واحدة «الشغف»، هو إنسان مهموم بالعلم وتحصيل العلم ومتابعة الجديد، وهو فى الثمانين اهتم بمرض نادر فى الأطفال اكتشفه طبيب يابانى، ظل يبحث ويراسل، وقاده الشغف لاختيار أحد تلاميذه لعمل رسالة دكتوراه عن مدى انتشاره فى مصر! إلى هذه الدرجة وصل الشغف بالأستاذ، الشغف صار الدينامو الروحى لهذا الطبيب الذى استعاد صفة الحكيم ونفخ فيها الروح من جديد، كل الحب والتقدير والاحترام والإجلال للأستاذ جلال السعيد الذى أسعدنا جميعا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

د جلال السعيد أيقونة مصرية د جلال السعيد أيقونة مصرية



GMT 12:50 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

النشامى يُدخلون الفرح إلى قلوب الأردنيين

GMT 07:51 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 07:49 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 07:48 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 07:46 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 07:45 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 07:44 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 07:43 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 09:56 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 08:55 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الأسد الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 17:50 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بتروجيت يحفز لاعبيه بالمكافآت قبل مواجهة الزمالك

GMT 10:06 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يصعد بأكثر من 2% مع اقبال المتعاملين على المغامرة

GMT 02:00 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل انفجار كاد يودي بحياة أسرة كاملة في البدرشين

GMT 11:34 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حمدوك يُؤكِّد مساعدات الأشقاء تُساعد على حل الأزمة المالية

GMT 20:02 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الذي يجب أن تحويه صيدلية المنزل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt