توقيت القاهرة المحلي 09:11:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتلال أم سيطرة؟

  مصر اليوم -

احتلال أم سيطرة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

الخطة الإسرائيلية لفرض السيطرة الكاملة، الاسم المهذب لـ«الاحتلال»، على قطاع غزة تمثل نقلة خطيرة فى مسار الحرب، إذ تتجاوز الأهداف المحدودة التى اتسمت بها العمليات السابقة، ويصبح الهدف «الإخضاع» الكامل وليس «الاحتواء»، فى تحدٍ واضح لتحذيرات قيادة الجيش. جوهر الخطة خمسة مبادئ أساسية: نزع سلاح حركة حماس بالكامل، استعادة جميع الرهائن، جعل غزة منطقة منزوعة السلاح، فرض سيطرة أمنية إسرائيلية طويلة المدى، وإنشاء إدارة مدنية بديلة لا تضم حماس أو السلطة الفلسطينية.

هذا المخطط يعنى عمليًا فرض قبضة عسكرية على كل شبر من القطاع، بما فى ذلك مدينة غزة والمناطق الوسطى التى لا تزال خارج السيطرة المباشرة، رغم أن الجيش الإسرائيلى يسيطر حاليًا على نحو ٧٥٪ من الأراضى. إلا أن هذه المناطق تمثل التحدى الأكبر، نظرًا لاحتوائها على أكبر كثافة سكانية، وشبكات أنفاق، ومراكز قيادة ميدانية، ما يجعل أى توغل مباشر مكلفًا من حيث الخسائر البشرية والضغوط السياسية. اختيار مصطلح «السيطرة» بدلًا من «الاحتلال» ليس محض صدفة، بل محاولة لتفادى التبعات القانونية لاتفاقية جنيف الرابعة التى تُحمل القوة المحتلة مسؤوليات كاملة تجاه المدنيين. فإسرائيل تتجنب منذ سنوات الاعتراف بوضعها كقوة احتلال فى غزة، رغم أن الواقع الميدانى عكس ذلك، لأن هذا الاعتراف سيعزز الملاحقات والضغوط الدولية.

الشق الإدارى من الخطة، المتمثل فى إنشاء إدارة مدنية بديلة خارج أى إطار فلسطينى، يثير جدلاً واسعًا حتى داخل إسرائيل، إذ يرى بعض المحللين أنه سيخلق فراغًا وفوضى قد تمهد لصعود قوى مسلحة أكثر تطرفًا، على غرار ما حدث فى العراق وأفغانستان بعد إسقاط الأنظمة القائمة. كما أن رفض إشراك السلطة الفلسطينية يضيق خيارات التسوية السياسية، ويجعل أى استقرار طويل الأمد أمرًا بعيد المنال.

ميدانيًا، أى هجوم على قلب مدينة غزة والمناطق الوسطى سيقابل بمقاومة شرسة، مع اعتماد مكثف على الأنفاق والكمائن، ما سيؤدى إلى ارتفاع الخسائر فى صفوف الجيش ووقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. كما أن تنفيذ الخطة يتطلب تعبئة إضافية لقوات الاحتياط، وهو ما يحذر منه قادة الجيش بسبب خطر الإرهاق وانخفاض الكفاءة على المدى المتوسط.

إحدى النقاط المثيرة للجدل فى الخطة هى الاعتماد على إخلاء قسرى لعشرات الآلاف من المدنيين من مناطق القتال الجديدة، ما يعنى عمليًا تكرار موجات النزوح فى ظروف إنسانية أسوأ، وهو ما حذرت منه منظمات مثل الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمى، مؤكدة أن ذلك قد يدفع نحو كارثة مجاعة حقيقية.

سياسيًا، تمنح الخطة حكومة نتنياهو ورقة ضغط فى المفاوضات، خاصة فى ملف تبادل الأسرى، لكنها فى الوقت ذاته تزيد الانقسام الداخلى الإسرائيلى وتوسع عزلة تل أبيب الدولية، فى ظل مطالبات متزايدة من شركاء غربيين بوقف إطلاق النار ومعالجة الكارثة الإنسانية، كما أن طول أمد التورط العسكرى فى غزة يضعها تحت ضغط الاستنزاف والمقاومة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتلال أم سيطرة احتلال أم سيطرة



GMT 11:03 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

قصة مملّة ورواية باهتة

GMT 11:02 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

إرهاب سيدني وتدمر... «عادْ نِحنا إلّا بِدينا»

GMT 11:01 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

التطرف وباء «القرية الكونية»

GMT 11:00 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

واشنطن... تحدي هندسة التنازع الإقليمي

GMT 10:59 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

وداع «الست» على موسيقى «ألف ليلة»

GMT 10:57 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

«التدين» عبر «شاشة»

GMT 10:56 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

العنف الإلكتروني ولجانه

GMT 10:53 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

كأس العرب.. متعة المشاهدة لماذا؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 22:32 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء
  مصر اليوم - مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء

GMT 08:40 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف علامة مبكرة لتطور مرض السكري من النوع الأول
  مصر اليوم - اكتشاف علامة مبكرة لتطور مرض السكري من النوع الأول

GMT 10:07 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تعلق على هجوم أستراليا
  مصر اليوم - إيفانكا ترامب تعلق على هجوم أستراليا

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 02:03 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

صيحة اللؤلؤ التي تغزو عالم الموضة هذا الموسم

GMT 22:26 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

الإفصاح عن أسباب إيقاف عرض مسلسل " سابع جار"

GMT 04:34 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم "بيت المقدس" يعلن مسؤوليته عن حادث مسجد الروضة

GMT 13:39 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

فصيلة دمك قد تزيد خطر إصابتك بالسكتة الدماغية في سن مبكر

GMT 00:02 2022 الأربعاء ,07 أيلول / سبتمبر

تشيلسي يسقط فى مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا

GMT 07:40 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

كواليس مقتل بائع خردة بـ"السيوف" أمام المارة بقليوب

GMT 06:05 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

قصف صاروخى يستهدف مطار بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt