توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحالف مبدئي

  مصر اليوم -

تحالف مبدئي

بقلم:جمال الكشكي

في حسابات التاريخ، هي زيارة إلى المستقبل الذي يغلفه ضباب جيوسياسي عاصف، وفي حسابات المستقبل، هي رحلة إلى تاريخ طويل وحاسم بين دولتين كبيرتين ووازنتين على طاولة العالم.

زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية، ولقاؤه بالأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، يوم الخميس الماضي، جاءت في توقيت إقليمي بالغ الأهمية، فاللحظة الإقليمية والدولية شديدة الحساسية، حيث يُعاد تشكيل النظام العالمي وتتفاقم المخاطر في المنطقة.

الزيارة ليست زيارة دبلوماسية عادية، إنما هي إعادة ترسيخ لمحور تاريخي كان دائماً ركيزة أساسية في الموقف العربي. هذا التحالف بين الدولتين يشكل عموداً فقرياً لإعادة صياغة التوازنات ومواجهة التحديات في ظل خرائط تتحدى الأخطار بشكل غير مسبوق.

المخاطر تتوزع على ساحات متعددة: البحر الأحمر، الخليج، باب المندب، شرق المتوسط. التعاون المصري- السعودي يشكل مظلة لردع هذه التهديدات، ويعيد رسم خريطة الأمن البحري العربي في مواجهة صراع دولي محتدم على الممرات الاستراتيجية.

وفي مقدمة هذه المخاطر تأتي القضية الفلسطينية، فلم تعد مجرد ملف تفاوضي، بل تحولت إلى مسألة وجودية تمس الوجود العربي والأمن القومي. تصريحات نتنياهو الأخيرة عن «إسرائيل الكبرى» تكشف حجم الخطر، ومن هنا يتيح التنسيق المصري-السعودي المجال لصياغة موقف عربي حازم يدفع نحو عقد مؤتمر عربي–دولي يضع خطوطاً حمراء أمام أي محاولات لتصفية الحقوق الفلسطينية.

هذه الجهود تهدف إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى قلب الاهتمام العربي، فهي مسألة أمن قومي ووجود، وأي تجاهل لها يعني فتح الباب لمزيد من الفوضى والتهديدات.

إن منسوب الأخطار في الإقليم بلغ ذروة الارتباك في الحسابات المتلاحقة والمعقدة، ومن دون مبالغة، لم نشهد مثيلاً لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وليس خافياً أن هذه الأخطار تُلاحَق بتحرك سريع من قوى إقليمية وعالمية لترتيب بيادق النفوذ والقوة على رقعة الشطرنج السياسي والاستراتيجي، ما يضع العرب أمام نظام عالمي يعاد تشكيله. إذا لم يكن لهم مقعد واضح، فسيجدون أنفسهم على الهامش. التفاعل المصري - السعودي قادر على دفع الحضور العربي الفاعل في التكتلات الاقتصادية والسياسية الكبرى، وصياغة تحالفات جديدة تحفظ للعرب وزنهم ومصالحهم.

العلاقة بين القاهرة والرياض أعمق بكثير من السياسة وحدها، فهي ذات جذور شعبية وثقافية ودينية، ما يمنحها شرعية مضاعفة أمام الشعوب. حين تتحرك مصر والسعودية معاً، فإنهما ترسلان رسالة قوية تقطع الطريق على أي محاولات خارجية لفرض أجندات.

التفاهم بين دولتين بهذا الحجم يسمح ببناء سياسة عربية متوازنة، تمكّن من التفاعل مع الغرب وفي الوقت نفسه فتح آفاق التعاون مع القوى الصاعدة مثل الصين وروسيا. هذه الموازنة تقود إلى صلابة القرار العربي في عالم شديد الاستقطاب.

اللقاء يفتح المجال لإعادة بناء جبهة عربية متماسكة، تعيد صياغة الموقف العربي من القضايا المصيرية، وفي مقدمتها فلسطين، وتمتد أيضاً نحو أفريقيا لتعزيز الحضور العربي في مواجهة التمددات الخارجية.

وسط هذه المتغيرات والتهديدات الممنهجة طبقاً لمخططات قديمة متجددة، تستهدف إعادة تصميم خرائط على مقاس أوهام توسعية إسرائيلية، فإننا في حاجة إلى عقد قمة عربية - إسلامية كبرى، تضع خريطة طريق موحدة وتحدد موقفاً جماعياً من التحديات الكبرى، لأن التحرك الفردي لم يعد كافياً أمام هذا المشهد الدولي المعقد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحالف مبدئي تحالف مبدئي



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt