توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حول استحالة نهاية الفلسفة

  مصر اليوم -

حول استحالة نهاية الفلسفة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

في النصف الأخير من القرن العشرين راجت أحاديث النهايات. نهاية الجغرافيا، ونهاية الإنسان، ونهاية الفلسفة، وهذه النهاية تحديداً أي نهاية الفلسفة هي ما سأشرحه بهذه المقالة.

كتب الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر كتابه بعنوان: «نهاية الفلسفة ومهمة التفكير» عام 1964. أسس لفكرته بتبريريْن اثنيْن، أولهما: أن الفلسفة قد بلغت ذروتها ولم تعد قادرة على تقديم المزيد من الإجابات حول الوجود. ثانيهما: أن الفلسفة قد بلغت وهجها مع اليونانيين، وانتهت مع هيغل، وبالتالي لم يبق إلا «التفكير التأملي العميق»، وهذا الشطر الثاني من عنوان كتابه.

 

من بعده هرع الفلاسفة وبخاصةٍ الفرنسيين منهم بغية تحويل هذه الفكرة إلى نقطة تحوّل، ومن هنا بدأت أفكار فلاسفة الاختلاف الذين وجدوا في مفهوم «التقويض-Destruktion» أساساً لبناء مشاريعهم المتمايزة، ولكن الأرضية التي انطلقوا منها واحدة، صحيح أن نيتشه أثر عليهم ولكن تأثير هيدغر كان أكثر عمقاً، وأخصّ بذلك «جاك دريدا»، و«ميشيل فوكو»، و«جيل دلوز». لقد نزعوا عن الفلسفة هالتها. اعتبروها ساحة تمرين على فهم الأشياء كما في عنوان كتاب فوكو «الأشياء والكلمات»، وهو أهم كتبه. بينما جيل دلوز تساءل في كتابٍ مشترك مع فليكس غيتاري «ماهي الفلسفة» ثم أجاب: «هي صناعة المفاهيم».
هذا الجوّ العام حول نهاية الفلسفة بالتأكيد خلق نظرياتٍ مؤثرة، ولكن الفلسفة خاتلتهم. ومجرد اشتغالهم بفكرة نهاية الفلسفة بطريقةٍ فلسفية يعني أن الفلسفة لم تنتهِ.

وظيفة الفلسفة باقيةٌ لأنها ساحة حربٍ نظريةٍ دائمة، كما يعبر الفيلسوف لويس ألتوسير في كتابه: «تأهيل الفلسفة للذين هم ليسوا بفلاسفة»، حيث كتب: «بالفعل ينبغي تَصوُّر الفلسفة، أي مجموع الفلسفات على اختلافها في كلّ حقبة، على أنّها ساحة حرب نظريّة. وكان كانط يطلق على الفلسفة السابقة، «فلسفة ما وراء الطبيعة» (الميتافيزيقا)، التسمية المذكورة تحديداً، (والتعبير له)، «ساحة حرب» (Kampfplatz)، كونه كان يطمح إلى تعميم «السلام الدائم» الذي تؤمّنه سيطرة الفلسفة النقديّة، (عن طريق تحقيق انتصار فلسفته هو دون سواها، ونزع سلاح الفلسفات الأخرى كافّة). ويقول: «ينبغي أن نضيف: إنّها ساحة حرب وَعِرة التضاريس، احتفرتها خنادق المعارك القديمة، وانتشرت فيها التحصينات الشائكة المهجورة التي احتُلَّت وتَكرَّر احتلالها، ساحة حرب حملت من الأسماء ما يحيي ذكرى المعارك التي تميّزت بشراستها، وتبقى عُرضة لانبعاث كتائب منبثقة من الماضي مجدَّداً، وملتحقة بالقوّات الجديدة التي تتقدّم».

الخلاصة، أن فكرة نهاية الفلسفة هي جزء من حيويّة المسار الفلسفي الدائم. إنها ليست مثل النهايات التي تتعلق بالاستراتيجيات أو الجغرافيا. الفلسفة فضاءٌ ممتد وله تحوّلاته وإرثه، وآية ذلك أن مقولات النهايات انتهت، وبقيت الفلسفة فعّالة ومفاهيمها مؤثرة على السياسات والعلوم بل وحتى على المستجدّات. الفلسفة بطبيعتها فضولية وهي الآن تتدخّل في موضوعاتٍ طبيّة وفنيّة وتقنيّة وآخرها صرعة الذكاء الاصطناعي الخارقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول استحالة نهاية الفلسفة حول استحالة نهاية الفلسفة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt