توقيت القاهرة المحلي 08:19:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فريدة عبدالملاك.. المسلمة

  مصر اليوم -

فريدة عبدالملاك المسلمة

بقلم: نشوى الحوفى

أؤمن برسائل القدر المصاحبة لنا فى الحياة فى توقيتات تدق أجراس المعانى، ومنها اختيار الكاتبة ومقدمة البرامج وقارئة نشرة الأخبار فريدة الشوباشى لترأس جلسة مجلس النواب الأولى غداً الثلاثاء. لماذا؟

أجيبك..

فريدة عبدالملاك المصرية بنت عائلة مسيحية من الطبقة الوسطى بحلوان، بدأت العمل وهى طفلة فى التاسعة بعد فقد والدها لما يملكه بسبب دفعه تعويضات لضحايا سائق إحدى سياراته. «فريدة» الطالبة المجتهدة فى مدرسة راهبات حلوان تستغل إجادتها للفرنسية فى معاونة زميلاتها فى المذاكرة مقابل قروش تعود لتلقيها فى يد أمها، لتُعينها على المصاريف. وهكذا عاشت «فريدة» حتى حصولها على الثانوية العامة، ثم التحاقها بوظيفة سكرتيرة بشركة قبلتها لإجادتها الفرنسية والعربية.

«فريدة» التى كادت تفقد حياتها طفلة على يد عسكرى إنجليزى تصادف مروره بالشارع وهى تلعب، لولا وجود زميل له كان يسير بجواره، ليتركها وهى ترتعب من الخوف ويرسخ فى ذهنها كراهية المحتل وكل معتدٍ على مصر.

«فريدة» التى تلتقى فى مقر عملها بزميلها اليسارى المثقف الوسيم ابن الطبقة الغنية على الشوباشى، فتُعجب بفكره وثقافته وحماسه وتصمت، إذ كيف تسمح لنفسها وقلبها بحب من يخالفها العقيدة؟ ولكن يفاجئها على الشوباشى بتصريحه لها بالحب قبل رحيله للانضمام إلى الفدائيين فى بورسعيد عام 1956 بعد العدوان الثلاثى على مصر، ويقول لها وهو يداعب شعرها ببراءة بأنه سيتزوجها لو عاد، فتبكى فرحة بتصريح وخوفاً من غياب. وبعد العودة يكون البكاء عند مواجهة الجميع بقرارهما، ولكنهما ينتصران.

«فريدة» التى تُصدم بعد عامين أو أكثر من الزواج بالقبض على زوجها ضمن تنظيم يسارى وسجنه بالواحات، فيكون قرارها الالتحاق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إلى جانب عملها والحفاظ على زيارة الزوج فى السجن فى الواحات دون كلل. وحينما تصل إلى السنة الثانية فى الدراسة تلتقى شخصية عمر بن الخطاب، فيأسرها فكره وبصيرته وفهمه للحياة والدين، فتُقرر إشهار إسلامها، فيسألها الجميع بمن فيهم زوجها: «لماذا»؟، فتجيب: وجدتُ أجوبتى التائهة.

فريدة الشوباشى، تستعير لقب عائلة زوجها، منعاً لأزمات هى فى غنى عنها، تبكى يوم هزيمة يونيو 1967 بكل أسى الروح، وتتعجّب من هجوم إذاعات العالم على الرئيس عبدالناصر، فتسأل زوجها عن السبب؟ فيقول لها: «يكررون مع مصر ما فعلوه مع محمد على يا فريدة سنة 1840 عندما هدّد مشاريعهم». فتخرج إلى الشارع وتترك زوجها وابنها الوحيد وتسير بين المردّدين لعبدالناصر «لا للرحيل والتنحى»، فتفقد جنينها من طول المسيرة، وتعود وهى تردد: «سننتصر».

فريدة الشوباشى التى تنصاع لرغبة زوجها فى السفر إلى فرنسا والحياة هناك مطلع السبعينات، فتترك عملها المستقر وتصحب ابنها وزوجها وهى لا تحمل سوى توصية من رجل قانون بارز إلى مكتب محامٍ دولى فى فرنسا للعمل هناك. ولكن تشاء الأقدار أن يُقتل الرجل فى حادث إسقاط إسرائيل طائرة مصرية أثناء عودتها من ليبيا وكانت على متنها المذيعة الراحلة سلوى حجازى. فتقودها الأقدار للعمل كسكرتيرة ومترجمة بالسفارة العراقية، فتمتلك الكثير من الأسرار عسكرياً وسياسياً، وترفض إغراءات الرشوة من الفرنسيين، كما ترفض اقتراح الجنسية العراقية بعد قرار صدام بقصر العمل فى السفارات على العراقيين. لترحل وتكون على موعد مع إذاعة مونت كارلو.

فريدة الشوباشى التى تُبهر الجميع فى الإذاعة الفرنسية الشهيرة بإتقانها الفرنسية والعربية ونبرة الصوت الرخيم، فترتقى فى العمل وتصبح أحد الأصوات العربية المميّزة الرافضة لمسمى إسرائيل، والمُصرة على توصيف الأراضى العربية المحتلة، والرافضة لكل صهيونى، والمحذرة من تصاعد استخدام الدين فى السياسة.

فريدة الشوباشى التى عادت فى التسعينات إلى مصر بعد عنصرية الإذاعة الفرنسية الرافضة لرفضها للمحتل، فتقدم حواراتها بالتليفزيون مع المسئولين وتكتب بعزم قلمها، رافضة التمييز بسبب العقيدة، بل عنصر واحد.

دعونى أسألكم بعد كل هذا.. هل مصادفة أن تكون فريدة الشوباشى، 83 سنة، الأكبر بين أعضاء النواب فتترأس بحكم الدستور جلستهم الأولى؟ لا أظن.. بل هى مشيئة أقدار لوتد مصرية آمنت بمصر على مدار سنين عمرها، وأسلمت لله بكل قلبها، ولم تسِر يوماً وراء غوغائية نفوذ أو ادعاء تديّن أو سماسرة أوطان..

فريدة الشوباشى.. تحياتى..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فريدة عبدالملاك المسلمة فريدة عبدالملاك المسلمة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"

GMT 14:30 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

50 هدفًا تفصل "ليونيل ميسي" عن عرش "بيليه"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon