توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فوزية العباسي.. كل سنة وأنتِ راقية

  مصر اليوم -

فوزية العباسي كل سنة وأنتِ راقية

بقلم: نشوى الحوفى

صبية كنت فى عمر الثالثة عشرة عام 1983 أتابع كملايين المصريين من مختلف فئات العمر برامج التليفزيون المصرى فى زمنه الذهبى حينما كان منبراً للوعى والتعليم والأخبار والتسلية والثقافة والفنون، كل ذلك رغم قلة الإمكانيات واستحالة مقارنتها بما هو كائن اليوم من إمكانيات تقنية ومادية. ولكن كانت تستوقفنى الأستاذة فوزية العباسى مقدمة العديد من البرامج حينها، وفى مقدمتها البرنامج الأسبوعى «كلمة فى سهرة».

كان البرنامج يناقش كلمة تمثل موضوعاً تدور حوله كل الأفكار والأطروحات بأكثر من ضيف فى مختلف المجالات المتصلة بالموضوع. على سبيل المثال حلقة دارت حول كلمة «الضحك»، يجمع الإعداد لها كل ما كُتب من معلومات وتقارير عالمية وأقوال مأثورة عن الضحك، وتطرحها لنا المذيعة فوزية العباسى كومضات تنير لك طريق الفهم، وتضفر تلك الفلاشات السريعة فى عالم الوعى بلقاءات مع شخصيات متنوعة تدعم الفكرة.

فاستضافت الفنان عبدالمنعم مدبولى والفنان سمير غانم والفنانة إسعاد يونس والفنانة سعاد نصر وناقشتهم فى الضحك ومفهومه لديهم والفرق بينهم كفنانين يقدّمون الكوميديا، وبين فكرة الناس عنهم فى حياتهم الخاصة، وهل فعلاً يملأها الضحك دوماً؟ كما استضافت الطبيب النفسى الشهير عادل صادق للحديث عن ميكانيزم الضحك وصحة الإنسان النفسية والجسدية، واستضافت كتاب كوميديا لمناقشة مفهومها فى الدراما وكوميديا اللفظ وكوميديا الموقف. وهكذا لا تخرج من حلقاتها إلا وأنت تشعر بالامتلاء والرغبة فى البحث عن المزيد من المعلومات الممتعة والثقافة المتعددة.

لا بسبب موضوع الحلقة وضيوفها فقط، ولكن لثقافة وأخلاق ورقى ومهنية فوزية العباسى. فقد كانت الكلمات تخرج من فمها فى عذوبة علمتنى الانتماء إلى الحروف، وكانت تطرح الأسئلة ببساطة وإنسانية وذكاء لا تشعر معها بالملل. وكان تواضعها الجم يظهر عليها وهى تحاور ضيوفها دون أن تتعدى المساحة المسموح لها بها فى عالم مهنية الإعلام.

أذكر لها حلقة من البرنامج -كثيراً ما تحدثت عنها وضربت بها المثل- عن الذكاء. وكان أحد ضيوفها الكاتب الأستاذ مفيد فوزى الذى قلّل من قدرة المرأة على مجابهة ذكاء الرجل.

فسألته بهدوء شديد ورقى أشد وبنفس نبرة صوتها: «كيف استنتجت ذلك؟»، فقال لها: «استفزيتك صح؟»، فأجابت بالأسلوب ذاته: «على الإطلاق، فقط أتساءل». فقال لها: «طيب قولى لى رأيك فى كلامى». فقالت: «ليس من حقى أن أقول رأيى يا أستاذ مفيد فى البرنامج.

أنا فقط أحاورك وأترك الرأى للجمهور». لن أنسى حالة السعادة التى منحتنى إياها تلك الإعلامية الراقية فى هذه الليلة التى لم تنسق لأى استفزاز فكرى أو جدلى، وهى تدرك دورها وحدودها فى مواصلة الحوار وانتقاء اللفظ.

لماذا أكتب عن الأستاذة فوزية العباسى اليوم؟ فوجئت يوم الجمعة الماضى بمنشور من صديقة على صفحتى فى «الفيس بوك» به جزء من لقاء تليفزيونى سابق لى تحدثت فيه عن الأستاذة فوزية العباسى وأسلوبها، وكتبت عليه الصديقة «شكراً لتذكرك أمى»! يا الله كم أنت كريم لتجعلنى سبباً فى وصول الشكر المستحق لتلك السيدة الفاضلة لتعلم أن هناك من يذكر طلاقة لسانها وذكاء لغتها ورُقى مخارج ألفاظها.

سعدت بالطبع بشدة، وعلمت من ابنتها الأستاذة رانيا أن عيد ميلاد والدتها الأستاذة فوزية الثمانين يوافق يوم 20 أكتوبر -يوم الثلاثاء الماضى- فتمنيت لو أن صحتها كانت تستطيع استقبالى كى أعبّر لها عن امتنانى لما قدمته لنا، ولكننى علمت أنها لا تستطيع استقبال الضيوف بحكم السن. فدعوت لها بكل الصحة والأمان فى أيام عمرها. وطلبت من ابنتها أن تفخر بوالدتها كما تشاء فلها كل الحق. فما رأينا منها سوى كل الاحترام للشاشة الصغيرة ولعقل المشاهد المتابع لها. وما رأينا منها غير نزاهة الكلمة والثبات الانفعالى بلا توتر وبلا مزايدة.

ابحثوا عن تسجيلات بعض برامجها وشاهدوها وتمنوا لها الخير علّ الله يستمع إلينا فيُكافئها بفضله، وهى التى عاشت عصراً كان يُعرف فيه من يعمل أمام كاميرا التليفزيون بلقب «مذيع» أو «قارئ نشرة» أو «مقدم برامج» أو «مذيع ربط»، فلم تحضر وصف إعلامى الذى ضخم ذوات الكثيرين ومنحهم صك فعل ما يريدون.

للأستاذة فوزية العباسى.. مليون تحية..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوزية العباسي كل سنة وأنتِ راقية فوزية العباسي كل سنة وأنتِ راقية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt