توقيت القاهرة المحلي 21:28:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يد تركيا.. إلى أى مدى؟

  مصر اليوم -

يد تركيا إلى أى مدى

بقلم: نشوى الحوفى

لا تعنينى صورة الرئيس التركى مرتدياً طاقية على رأسه وقت صلاة الجمعة فى كنيسة ومتحف آيا صوفيا وكأنها رمز الإسلام! كما لا تعنينى مسرحية صعود رئيس شئونه الدينية بالسيف لأداء خطبة الجمعة! ولكن يعنينى ما ترمز له تلك الحركات التمثيلية التى لا تختلف عما تفعله إسرائيل من منع مسيحيى غزة الوصول لكنيسة بيت لحم للصلاة فيها، أو سرقة حوض المعمودية من بيت لحم! نعم كلاهما يصر على إعلام العالم بمواقف ورسائل علينا فهمها فى زمن الفوضى.

مفروغ هو أمر إسرائيل منذ أن زرعوها بيننا لتفتيت المنطقة، ولكن ماذا عن الجبروت التركى الساعى لفرض رؤياه بالقوة بعد فشل نموذجه الملتحف بالدين فى السيطرة على مصر قلب العالم العربى ودرة الشرق فى عام 2013؟ كان الاتفاق الدولى قبل 2011 داعماً لتمدد تركيا الناعم عبر نموذج الإخوان التركى لتحقيق مصالح واشنطن ولوبيها فى المنطقة. ولكن لم يعد هذا النموذج قادراً على إقناع غالبية الشعوب العربية حتى لو سار خلفه منتفعون أدعياء للدين أو مغيبون جهلاء به. ولذا نعيد السؤال بشكل آخر: هل تستطيع تركيا ممارسة رذيلتها السياسية دون موافقة أسيادها فى العالم؟

الواقع يؤكد الإجابة بالنفى. فتركيا لا تستطيع خطو أى خطوة دون قبول واشنطن وإسرائيل. لا فى آيا صوفيا وحسب ولكن فى باقى خطواتها السياسية أيضاً. فتركيا لا تتحدى القرارات الدولية فى سوريا أو ليبيا فقط، ولكنها تهدد الأمن والحدود الاقتصادية لدول الاتحاد الأوروبى، التى فشلت فى اتخاذ موقف حاسم معها رغم تعديها على مصالح تلك الدول بالتهديد بملف اللاجئين تارة، والتعدى على المصالح الأمنية والاقتصادية تارة أخرى. تركيا اعترضت الفرقاطة الفرنسية فى البحر المتوسط، تركيا أعلنت إرسال سفينة للتنقيب عن الغاز الطبيعى بالقرب من جزيرة «كاستيلوريزو» اليونانية. صحيح أن فرنسا ردت على تركيا بالاشتراك فى ضرب سلاحها فى الوطية الليبية، وصحيح أن اليونان أعلنت أنها لن تسمح بالتنقيب فى مياهها الإقليمية، ولكن الاتحاد الأوروبى غائب عن فعل رغم التنديد بعقوبات لن تفرض على تركيا فى ظل صمت أمريكى مدهش! لكن المتابع يدرك أن لا دهشة فى الأمر.

فكما سمحت واشنطن لأنقرة بالعبث بالأراضى السورية على مدار سنوات بتمويل تطرف أو تدريب قوات الإخوان السورية أو سرقة بترول سوريا، لمواجهة الوجود الروسى فى سوريا، تتركها اليوم تتمدد فى ليبيا لنفس ذات السبب، كما تصمت عن تحركاتها فى المتوسط حتى ولو على حساب حلفائها الأوروبيين. وتتمدد فى القرن الأفريقى بإدارة ميناء جيبوتى وقاعدة عسكرية فى الصومال وتهريب سلاح إلى إثيوبيا.

فى اعتقادى المتواضع أن القصة لم تعد مقصورة على الشرق العربى، بل تمتد إلى مستقبل القارة الأوروبية فى تناغم للمصالح التركية الأمريكية إلى حين الانتهاء من دورها. نعم أمريكا لا يعنيها أوروبا. فقد كان المسمار الأول فى ضرب القارة الأوروبية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى 2016، ثم دعم صعود اليمين المتطرف فى أوروبا الخائفة من شبح النازية منذ الحرب العالمية الثانية. ثم كانت مظاهرات التنديد بالوضع الاقتصادى فى فرنسا، فيما عرف باسم مظاهرات السترات الصفراء، ثم انكشاف القارة على وضع مؤلم اقتصادياً وصحياً مع تفشى فيروس كورونا، الذى كشف أحادية المواقف بين دول الاتحاد، حتى إنها فشلت فى جمع 750 مليار يورو فى قمتها الأخيرة لدعم الاقتصاد الأوروبى. ومؤخراً كانت مظاهرات التنديد بممارسات الشرطة فى بلدان أوروبا بعد مقتل جورج فلويد على يد الشرطة فى أمريكا!

يتوافق السماح الأمريكى لسياسة البلطجة التركية مع حاجة أردوغان لها لدعم حكمه داخلياً. فاستطلاعات الرأى التركية -بما فيها النابعة من النظام- تؤكد تراجع شعبيته فى ظل مشكلات اقتصادية وسياسية فى الداخل التركى. وهو ما يعنى تهديد إعادة انتخابه فى انتخابات الرئاسة المقبلة 2023. ومن المعلوم أن أردوغان يسعى للاحتفال بمئوية تأسيس الجمهورية التركية فى 29 أكتوبر 2023 وهو رئيس لتركيا المتوسعة الممتدة كما كانت قبل تفكيك الإمبراطورية العثمانية! وهو ما يدفعه لمحاولة تعديل قانون الانتخابات الذى يشترط حصول أى مرشح على ما يزيد على 50% من الأصوات، لتصبح بالحصول على أغلبية الأصوات.

فهل يدرك المغيبون المهللون للعثمانى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يد تركيا إلى أى مدى يد تركيا إلى أى مدى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 12:24 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 08:45 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

برج الجوزاء تبدو ساحرا ومنفتحا

GMT 14:27 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تفسدوا فرحة ”الديربي“

GMT 18:30 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

قمة نارية بين ميلان ضد يوفنتوس في الدوري الإيطالي الأربعاء

GMT 11:36 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بارتوميو يعلن مشاركة برشلونة في بطولة كبيرة قبل استقالته

GMT 23:41 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

تطبيق جديد تستخدمه المرأة الحامل للعثور على مكان في المترو

GMT 03:22 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أسعار البيض في الأسواق المصرية الإثنين

GMT 06:41 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا تنشر صورتها بملابس السيدة العذراء

GMT 21:57 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

رمضان صبحي يفوز بجائزة لاعب الشهر في بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon