توقيت القاهرة المحلي 10:04:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كوتس المخيف

  مصر اليوم -

كوتس المخيف

بقلم:سوسن الأبطح

تتلقى السردية الإسرائيلية ضربة قاسية في عقر دارها. النجاح الهائل الذي يحققه كتاب «الرسالة» في أميركا للصحافي والروائي الشهير تا-نهيسي كوتس، ويخصص أحد أهم فصوله لفلسطين، يجعل المؤيدين لإسرائيل يشعرون بالذعر حد الهذيان.

أصبح الكتاب الذي يعرّي الإجرام الإسرائيلي على قائمة المؤلفات الأكثر مبيعاً، وفتحت محطات التلفزة التي لم تكن يوماً مؤيدة لفلسطين شاشاتها وبرامجها أمام كوتس، ليدلي بالمزيد من الشهادات حول زيارته وتجربته بين الضفة وإسرائيل. عنونت «واشنطن بوست» أحد مقالاتها: «لماذا يجب عليك قراءة كتاب تا-نهيسي كوتس الجديد؟». والإجابة لأن الكاتب هو أحد أهم المؤثرين في بداية القرن الحادي والعشرين، ومن بين مَن تأثروا به الرئيس باراك أوباما وآخرون غيره. كما أن الكتاب يكشف عن اليوميات الرهيبة لحياة الفلسطينيين، ويربط بين اضطهادهم ومظالم السود في أميركا. ويثير كوتس ضجيجاً قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها كل من المرشحَين كامالا هاريس ودونالد ترمب على دعم إسرائيل، وحقها المطلق في الدفاع عن النفس ووجوب تزويدها بكل ما يلزم.

وحين يكتب كوتس عن الشناعات التي رآها في الضفة، وما تعرض له السود في أميركا، يجعل من القضية الفلسطينية جزءاً من الحوار الداخلي، في الوقت الذي تتجنب فيه هاريس الملونة فتح ملف العنصرية، وتركّز بشكل أساسي على التخلص من المهاجرين وتقليص عددهم.

يشعر المؤلف بالخزي والعار بعد رحلته الأخيرة إلى إسرائيل، التي كانت الأولى له، لأن كل المقالات التي قرأها، وتتحدث عن تعقيد الصراع وصعوبة فهمه كانت مزيفة، والأمر في حقيقته أبسط من ذلك بكثير. إذ يكفي أن تكتب الحقيقة.

ثمة هجوم غير مسبوق على الكاتب وكتابه، واتهامات بالجملة له بالانحياز وسوء الفهم، وعدم إدراك أبعاد ما رآه، رغم أن زيارته لفلسطين كانت قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ولا يتطرق لكل المجازر الحالية.

لكن الربط يحدث تلقائياً، عند من يقرأ. فكلما زادت إسرائيل من نسبة القتل وحرق المدنيين التي وصلت إلى الإجهاز عليهم في منازلهم بالروبوتات المفخخة المحملة بأطنان من المتفجرات، للتسريع في إبادة أكبر عدد منهم، تصاعد الغضب عليهم والمعارضات المدنية لسلوكهم الهمجي.

ويسير نتنياهو جنرالاته في خطة مفادها، إذا لم تنفع القوة العاتية، فلتكن قوة أكبر، للقضاء على الأعداء، لكن هذا النهج الهستيري يشعر عقلاء اليهود في العالم بخطر شديد على مستقبلهم، في الدول التي يعيشون فيها، وحتى في إسرائيل نفسها.

ويعتقد الكاتب والمخرج الإسرائيلي إيال سيفان أن الغرب يضلل إسرائيل وهو يدعمها بالسير إلى حتفها، غير عابئ بغير مصالحه، وجعلها تصل إلى مستويات من الوحشية تفوق الخيال.

وهو بعد 40 سنة من صناعة الأفلام، ومحاولات التغيير من الداخل، وصل إلى حد اليأس من مجتمع يصفه بـ«الأناني» و«العنيف»، وبأنه مسكون بفكرة استعمارية لا تتزحزح، ولا سبيل لكسرها إلا بالقوة.

الجميع يسأل «من يوقف هذا الجنون؟» الإجابة، أن فكراً سادياً إلى هذا الحدّ يحتاج إلى عقاب يطول كل فرد. وسيفان يعتقد أنه يوم يشعر كل شخص في إسرائيل بأن التجنيد الإجباري سيحول بين تسجيله في الجامعة التي يريدها، ويكون عائقاً أمام تقدمه في الحياة، سيعيد النظر مرتين. وحين يتأكد باحث من أنه لن يموّل ولن يُدعى ليشارك في مؤتمرات، أو يستقبل في مختبرات علمية، بسبب سوء السمعة، سيعيد النظر. حين تمس الإجراءات، كل شخص في صميم مصلحته الشخصية، تنكسر عنجهيته، وصلافته، ويبدأ المجتمع بالتفكّر.

إسرائيل باتت تخشى مجرد كتاب يروج في أميركا، وتسخّر لمهاجمته لوبياتها، وصحفها، ومحاميها، وكأنما اهتزت الدنيا. هذا لا يتلاءم مع العنجهية التي تتحدث بها، وقولها إن بمقدورها فعل كل ما تريد، حين تشاء حيث تشاء.

إسرائيل كيان يتغذى على الدم. لذلك ترفض من دون تردد السلام الذي تدعوها إليه الدول العربية وخلفها دول إسلامية. بل إن الكنيست رفض بما يشبه الإجماع، أي كلام عن الدولتين، وبالطبع لا يمكن أن تكون الدولة الواحدة واردة. ذلك لأنها تفقد كل ميزاتها، حين تصبح دولة عادية، كما أي دولة في المنطقة، وتسقط عنها الاستثناءات، ويتوقف ضخ المساعدات، والتمويلات الوفيرة، والمعاملة الخاصة. فهي مهيضة ومكروهة من كل جوارها، لذا هي مدللة، ووجب أن تكون الأكثر تسليحاً، والأوفر اقتصادياً، كي تتمكن من البقاء في محيط معادٍ.

إسرائيل تعيش وتقتات من معاداة محيطها لها، ولن تقبل بالسلام إلا كخدعة جديدة، على غرار أوسلو الذي أطال عمرها ما يزيد على ثلاثين سنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوتس المخيف كوتس المخيف



GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt