توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترمب الثاني

  مصر اليوم -

ترمب الثاني

بقلم:سوسن الأبطح

هذا حقاً، زمن اللامتوقع... فمن كان يظن أن دونالد ترمب سيعود، رغم مخالفاته ومحاكماته، خاصة أنه لم يسبق لرئيس أميركي أن فاز بالبيت الأبيض مرة ثانية، بعد خروجه منه، منذ فعلها جروفر كليفلاند قبل 139 عاماً.

كان ذلك في القرن التاسع عشر. أما ترمب فأعيد انتخابه بفارق 4 سنوات، وهو يقترب من الثمانين، أي ليس أصغر كثيراً من بايدن الذي عاب عليه خرفه، وبعد أن اقتحمت جماعاته مبنى الكابيتول في سابقة رهيبة، محاولاً قلب نتيجة فوز جو بايدن لصالحه. يومها أدانته وزارة العدل، واتهمته بـ«التحريض والمساعدة على الفتنة». هذه ليست كل مشاكل ترمب.

وجّهت له اتهامات، منها اعتداء جنسي وتشهير، وأدين بتهمة تزوير سجلات تجارية ومحاولة إسكات نجمة أفلام إباحية.

قصص هوليوودية لو ابتلي بربعها رئيس آخر، لأرسل إلى البيت. من ينسى المسكين بيل كلينتون، الذي أغرق بالفضيحة، واستجوب على الملأ، لعلاقة عابرة مع مونيكا لوينسكي المتدربة في البيت الأبيض، وكاد يطاح به.

لا يهم... نحن في زمن مختلف، وعلى مفصل تحولات مذهلة. فقد صفح الناخبون عن ترمب بطيب خاطر، وأصبح في نظر البعض هو المخلص، وتلك محنة كونية، تستحق مقالة منفردة. لم يشفع لكامالا هاريس شبابها، ولا دفاعها عن حقوق النساء المظلومات، أو ليبراليتها، ولا سمرة بشرتها، علماً أن السود في غالبيتهم الساحقة كانوا قد انتخبوا أوباما.

برنامج هاريس لم يكن مقنعاً ولا جذاباً، أدرك الجميع أنها امتداد هزيل لبايدن. وتم التغاضي عن تناقضات برنامج ترمب المزلزلة. لا تفهم كيف سيقلل الضرائب ولا تتضخم الديون الكارثية، وكيف يزيد الجمارك على المستوردات ويخفض الأسعار، في وقت واحد! ولا كيف له أن يفرض السلام ويستشرس على الصين! أو كيف يدّعي أن لا صلة له بالحرب في منطقتنا، وهو من رمى بذرة الفتنة، يوم منح القدس لإسرائيل هدية وفوقها الجولان، وعدّ الفلسطينيين نكرة لا وجود لهم!

رأينا حملات ومناظرات، أقرب إلى حفلات شتم، وتبادل اتهامات وابتذال. الناخب الأميركي، المطحون تحت ضغط المصاريف الباهظة، وصعوبة الوصول إلى نهاية الشهر، جلّ ما يهمه أنه في زمن ترمب الأول كان مدللاً، وأثناء وطأة «كورونا» وصلته الشيكات الوفيرة إلى باب الدار. ومع أن تبذير ترمب هذا، كان سبباً في الأزمة التي تلت، فإن المقترع لا يحب إرهاق نفسه بالنبش والتحليل.

قدّم ترمب نفسه للناخب بصورة الرجل القوي، الذي يمكنه أن يشعر بالمواطن العادي وهو يبيع الهمبرغر أو يقود شاحنة، ويغضب من بلد، كل ما فيه معطل. وهو الشخص الوحيد القادر على إعادة إحياء «المعجزة»، و«جعل أميركا عظيمة مجدداً». هكذا تمكن أن يضيف إلى قاعدته البيضاء والريفية، وجماعته المتدينة، شريحة الرجال الذين فروا من مبالغة هاريس النسوية، والشباب الصغار المصدومين من لا مبالاة الديمقراطيين في مواجهة الإبادة، والمسلمين الراغبين في وقف الحرب على غزة ولبنان، حتى شريحة من السود والإسبان. لجأ إلى حمى ترمب المندفع برغبته في الثأر، كل المحبطين الذين يفضلون المجازفة بتجريبه مرة أخرى، على البقاء في مراوحة الديمقراطيين القاتلة.

ما لم يلتفت إليه الناخبون هو الأدهى. سيطلق ترمب العنان للمدارس الدينية، ويعزز القوانين المحافظة، وينسحب كما وعد من اتفاقية المناخ للمرة الثانية، ويعاود الحديث عن عبثية الإنفاق على «الأطلسي». ومن الآن، بدأ استنفار أوروبا، التي عليها أن تحمي نفسها من دون الاعتماد على الحليف التاريخي، وبحث ما ستفعله بعد أن يشحّ السلاح على أوكرانيا. ماذا انتفعت أوروبا، بعد تحطيم أنابيب «ستريم»، ومعاداة روسيا، ومقاطعة الغاز وإفلاس شركاتها، طالما أن ترمب آتٍ لإعادة وصل ما انقطع مع بوتين؟! كما أن وجود ترمب على رأس أكبر قوة عالمية، بسلطة شبه مطلقة، بعد حصول الجمهوريين على غالبية مجلس الشيوخ، سيزجّ بأوروبا في أحضان التيارات اليمينية المتطرفة، المتصاعدة أصلاً، وها هي تهبّ عليها نفحة أكسجين منعشة.

أما الإبادة فمستمرة، وإسرائيل تتعزز بسطوة حليفها الحميم ترمب، الذي مهّد نتنياهو لوصوله بالتخلص من وزير دفاعه المزعج يوآف غالانت، عازماً (ولو أنكر) على استكمال انقلابه، بإقالة رئيس هيئة الأركان، ورؤساء الأجهزة الأمنية، لنصبح أمام جبروت «الملك نتنياهو» ومتطرفيه المجانين المستقوين بترمب الثاني.

الفارق الجوهري بين هاريس وترمب، كما يشرحها مؤرخ إسرائيلي متبحّر، فهو «أن هاريس تحب إسرائيل لذاتها، أما ترمب فيتعامل معها من باب صداقته الحميمة مع نتنياهو. لذا فإن الأولى لربما كانت أكثر التزاماً وأبقى».

الصورة داكنة مع رئيس أميركي، يمكنه أن يفعل أي شيء. إلا أن عزاءنا هو أننا في زمن يمكن أن يحدث فيه كل شيء، من حيث لم يحتسب أحد. وتبقى المفاجآت السّارة ممكنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب الثاني ترمب الثاني



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt