توقيت القاهرة المحلي 12:09:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رئيس الوزراء الكندي والورقة الرابحة

  مصر اليوم -

رئيس الوزراء الكندي والورقة الرابحة

بقلم: عادل درويش

رئيس الوزراء الكندي مارك كارني نفذ بمهارة، ما يعرف في لغة الصحافة عن السياسة الدولية، «بانقلاب ناجح» في «وقت حرج»، فبلاده تواجه «تحديات كبيرة»، أهمها تكرار الرئيس دونالد ترمب رغبته في «ضم» كندا كالولاية الـ51 في الفيدرالية الأميركية.

كارني، الذي عرفه العالم، خصوصاً البريطانيين، كاقتصادي وخبير مالي عندما كان محافظاً للبنك المركزي (بنك إنجلترا 2008 - 2013) لعب ورقة سياسية بارعة؛ فبعد فوز حزبه الليبرالي بالأغلبية البرلمانية في الانتخابات قبل خمسة أسابيع، وظّف «القوة الناعمة»، أو ما يعرف (في لغة الصحافة البريطانية) بالسحر الخاص للتاج. فبدهاء سياسي، طلب من الملك تشارلز الثالث، بوصفه الرئيس الدستوري للدولة الكندية، الحضور إلى العاصمة أوتاوا ليفتتح الدورة البرلمانية، ويلقي «الخطاب من العرش»، أي البرنامج السياسي للحكومة الكندية، بلا أي دور للحكومة البريطانية.

تم ترتيب البرنامج والبروتوكول بالتنسيق بين القصر في لندن والسيدة ماري سايمون، الحاكم العام لكندا منذ 2021، التي تمثل الملك هناك. سايمون، الحاكم الثلاثون للفيدرالية الكندية، من الجماعات الإثنية «الأينوت» (أينوك) من السكان الأصليين لشمال كندا، هي عادة من تتولى افتتاح البرلمان - الذي يماثل شكلاً وتركيباً وستمنستر بمجلسيه.

العلاقة بين التاج البريطاني والنظام البرلماني في الدول التي لا تزال تتبعه (15 دولة كانت 17 عند رحيل الملكة إليزابيث في 2022) علاقة دستورية أساسية، فالشعب ينتخب حكومة تحكم باسم الملك.

في المملكة المتحدة خطاب الملك يعني تقديم مشروع الحكومة للدورة البرلمانية، وله إجراءات وتقاليد وطقوس قد تبدو مسرحية، بإعادة تمثيل مشاهد من القرن السابع عشر، كالاحتلال الرمزي للجيش (الحرس الملكي) لمبنى البرلمان، وإغلاق باب قاعة مجلس العموم في وجه حارس مجلس اللوردات، ليطرقه باسم الملك ليستدعي النواب لسماع الخطاب، لأن التقاليد والالتزام بها هي ممارسة الدستور غير المكتوب. والمجلسان، اللوردات والعموم، يجتمعان باسم الملك؛ ولذلك فوضع الصولجان على الطاولة أمام رئيس البرلمان يشهر افتتاح الجلسة ورفعه يتمم إغلاقها. وكندا، التي استقلت عن المملكة المتحدة بحكومتها الذاتية في 1931، تتبع تقاليد مشابهة، وأهم ركيزة دستورية «القانون الدستوري لعام 1867»، وكان صدر عن برلمان وستمنستر باسم «قانون شمال أميركا البريطانية». فكندا حتى استقلالها كانت أراضي بريطانية، تعرضت أجزاء منها لعدوان واحتلال من الولايات المتحدة في 1813، ورد الجيش البريطاني في صيف العام التالي، باحتلال العاصمة واشنطن، وقصف وحرق البيت الأبيض. وكان الرئيس الأسبق باراك أوباما ذكّر الصحافيين «بقصف البريطانيين»، وحرقهم البيت الأبيض في أثناء زيارة رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون الرسمية لواشنطن في 2012، ليسبق ترمب في تقليب صفحات الماضي عن دور «الاستعمار الأوروبي» في رسم حدود أميركا الشمالية.

مستشارو كارني مع مستشاري الملك صاغوا «خطاب العرش» بعبارات منتقاة، ألقاها تشارلز بالإنجليزية والفرنسية أمام مشرعين وسيناتورات بأزيائهم الممثلة للولايات والعرقيات الكندية.

شدد تشارلز على التحديات والأزمات التي تواجه كندا. كما ذكر برنامج الحكومة سياسات كحراسة الحدود، والتشديد على المهربين وعلى مكافحة المخدرات (وكلها من السياسات التي يسوقها الرئيس ترمب مزايا تفيد الشعبين إذا انضمت كندا للولايات المتحدة).

وبجانب البريق الجذاب للتاج، وكرابط دستوري لعرقيات وولايات كندا، والإعجاب والتقدير الشعبي للمؤسسة الملكية البريطانية في الولايات المتحدة، فإن المؤسسة نفسها لها موقع متميز في قلب ترمب (كانت أمه اسكوتلندية ومن أشد المتحمسين للملكة إليزابيث). رسالة من الملك حملها الزعيم البريطاني كير ستارمر تدعو ترمب إلى «زيارة دولة» ثانية عدّها سابقة تاريخية، فرئيس أي دولة له «زيارة دولة» مرة واحدة في حياته.

أما خطاب تشارلز من العرش في برلمان أوتاوا فيتبع سابقتين. في 1977 ضمن احتفالات اليوبيل الفضي لتوليها العرش، ألقت إليزابيث الثانية الخطاب في افتتاح البرلمان. وقبلها في 1957، كانت تاريخية، ليس فقط لأنها الأولى التي تفتتح فيها إليزابيث الثانية برلمان كندا، أو لأنها أول جلسة ينقلها التلفزيون القومي CBC مباشرة؛ بل لأنها كانت دعماً كبيراً لرئيس الوزراء الكندي وقتها جون ديفينبيكر الذي تزعم حكومة أقلية محافظة. خطاب تشارلز الثالث للبرلمان الكندي كان أيضاً دعماً لرئيس الحكومة كارني في أقوى ورقة رابحة يلعبها مع الرئيس ترمب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس الوزراء الكندي والورقة الرابحة رئيس الوزراء الكندي والورقة الرابحة



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt