توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهدوء في مواجهة العاصفة

  مصر اليوم -

الهدوء في مواجهة العاصفة

بقلم: عادل درويش

الدبلوماسية الهادئة وبرود الأعصاب، كسياسة تضع المصلحة القومية قبل الشعارات العاطفية، خيار بريطانيا للتعامل مع فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رسوماً جديدة على الواردات، مسبباً اضطراباً في أسواق العالم. رئيس الوزراء السير كير ستارمر، يقاوم ضغوط اليسار في الإعلام، وفي البرلمان من بعض نوابه، والقوميين الاسكوتلنديين، والديمقراطيين الأحرار المطالبين بفرض رسوم مماثلة على الواردات الأميركية.

المحافظون يدعمون ستارمر في عدم فرض الرسوم، ومثلهم معظم قادة الصناعة والمؤسسات التجارية، الذين اجتمع الزعيم البريطاني بهم، لمشاورتهم في الأمر.

ومع استمرار بريطانيا في التفاوض مع إدارة ترمب على اتفاقية تبادل تجاري ثنائية، فالتريث مطلوب حتى تتضح الأهداف الحقيقية للرئيس ترمب من زيادة الرسوم على الواردات. الأهداف المعلنة كدفع المؤسسات العالمية التي تصنع منتجاتها في بلدان منخفضة التكاليف، إلى تصنيعها في الولايات المتحدة، لخلق وظائف ورواج اقتصادي محلي سيتحققان على المدى الطويل، بجانب زيادة دخل الخزينة الأميركية في المدى القصير.

البريطانيون ينتظرون، فالرئيس ترمب يغير سياسته بسرعة حسبما يراه مصلحة قومية للبلاد، كما قد تكون له دوافع غير ظاهرة، مثل استخدام الرسوم الجمركية ورقة تفاوض في سياسات أخرى، أو في إعادة توجيه مسارات تدفق التجارة جغرافياً.

فبفحص قائمة البلدان ونسبة الرسوم المفروضة، نجد أن حسابات إدارة ترمب اعتمدت معادلة ترتكز على فائض أو عجز ميزان المدفوعات (الصادرات مقابل الواردات) مع كل بلد على حدة (أو كتلة سوق مشتركة كالاتحاد الأوروبي) أكثر منها على حجم التجارة، أو نسبة رسوم هذه البلدان على البضائع الأميركية، بينما كان تأثير عامل التحالفات والعلاقات الثنائية «صفراً» في حسابات هذه الرسوم.

إسرائيل ألغت الرسوم على الواردات الأميركية قبل إعلان ترمب، لكنه فرض 17 في المائة على صادراتها، بينما إيران، التي تصنفها واشنطن خصماً يدعم القوى والجماعات التي تستهدف المصالح الأميركية كالحوثيين، فرض عليها رسوماً 10 في المائة فقط، كحال الرسوم المفروضة على بريطانيا، وتركيا، ومصر، والإمارات، وأوكرانيا. العراق مثلاً تعرض لرسوم 39 في المائة، وسوريا 41 في المائة، وليبيا 31 في المائة، والجزائر 30 في المائة، وتونس 28 في المائة، وبنغلاديش 37 في المائة، وجنوب أفريقيا 31 في المائة؛ بينما استثنى روسيا، بوصفها ورقة يلوح بها للرئيس فلاديمير بوتين، مستعرضاً فائدة المدى الطويل مقابل وقف الحرب في أوكرانيا.

زعماء المحافظين المتقاعدون الذين كانوا وزراء في حكومتي مارغريت ثاتشر وجون ميجور، يلحون على ستارمر بعدم فرض أي رسوم على الواردات الأميركية؛ فالرسوم، كما يجادل جون ريدوود الوزير السابق في حكومات المحافظين، سيدفعها المستهلك البريطاني وليس إدارة ترمب، وبالتالي ستزيد من تكاليف المعيشة على المواطنين الأقل دخلاً، وتزيد من معدلات التضخم. وبينما تمثل صادرات بريطانيا 2.1 في المائة من الواردات الأميركية، فإنها تستورد أكثر من 460 منتجاً أميركياً قيمتها 92.6 مليار دولار، وتمثل أكثر من 11 في المائة من الواردات البريطانية، أهمها الأدوية والمعدات الطبية، ومعدات النقل البري والبحري والجوي، والوقود الكربوني، والمعدات الإلكترونية، ولذا ستؤثر زيادة الأسعار على المواطن في كل أوجه الحياة اليومية، وتزيد من أعباء المعيشة وترفع من معدلات التضخم، وبالتالي سيُبقي بنك إنجلترا نسبة فائدة الاقتراض مرتفعة.

هؤلاء يرون أيضاً أن لكل سحابة بطانة فضية، ويلحون بضرورة الاستفادة من عامل «بريكست»، فبينما فرض ترمب 20 في المائة رسوماً على منتجات الاتحاد الأوروبي، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد وفر لها فارق 10 في المائة في الرسوم على صادرتها إلى أميركا كالسيارات، خصوصاً الكهربية (9 مليارات جنيه إسترليني)، والأدوية والمعدات الطبية (6.6 مليار)، وآلات توليد الطاقة (4.6 مليار)، والأجهزة العلمية (2.4 مليار)، ومحركات وأجهزة الطائرات (2.2 مليار)، بجانب الخدمات كالاستشارة والمحاماة، ومعاملات المال والبنوك (27.8 مليار).

غالبية المستثمرين في الصناعات والتجارة يرون (حتى من دون اتفاق تجارة مع أميركا) أن فارق 10 في المائة، سيحفز شركات عالمية تصدر إلى أميركا، على الاستثمار للإنتاج في بريطانيا. ترمب فرض 24 في المائة رسوماً على صادرات اليابان التي استثمرت شركاتها للسيارات 14.8 مليار يورو في أوروبا، منها 6 مليارات في بريطانيا (نيسان، وهوندا، وتويوتا)، حيث يتوقع أن تركز على تصنيع السيارات المصدرة لأميركا في بريطانيا، و76 في المائة من المنشآت البريطانية تصنع منتجاتها في الصين التي فرض عليها 34 في المائة رسوماً، ويمكن لستارمر دعمها لإنتاج البضائع المصدرة إلى أميركا محلياً. برود الأعصاب قد يروض عاصفة ترمب لتروي ظمأ السوق البريطانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهدوء في مواجهة العاصفة الهدوء في مواجهة العاصفة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt