توقيت القاهرة المحلي 06:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -
تعليق الدراسة الحضورية في تعليم المدينة المنورة اليوم بسبب الأمطار الغزيرة الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار
أخبار عاجلة

الشخصية الليبية... مرة أخرى

  مصر اليوم -

الشخصية الليبية مرة أخرى

بقلم : عبد الرحمن شلقم

الشاعر والكاتب الليبي عمر الكدي حمل ليبيا ثقلاً فكرياً وسياسياً، واشتبك مبكراً مع كل ما فيها. دقَّ بجبهة رأسه جبالها التي وُلد في أعماق كهوفها. غريان حاضرة الجبل الغربي، حيث عاش الناس ردحاً من الزمن في مغارات حفروها بفؤوس من حجارة. انتقل إلى مدينة طرابلس في مطلع شبابه، ودرس بمعهد الفنون والصنائع في العهد الملكي. معلمون ليبيون وإيطاليون يلقون دروساً في مجالات متنوعة. تنقل بين بريطانيا ومالطا لمواصلة دراسته التقنية. وطاف في أرجاء الوطن الليبي شرقاً وغرباً وجنوباً، كانت خطواته أينما تحرك، أسئلة تقرع باب الكهف الذي وُلد به، وحمله معه في صفحات سنوات عمره. الشعر كان الحادي الذي لا يصمت في مسارات الرحلة الطويلة. دخل دنيا الصحافة الليبية، في زمن عاصف ترتعش فيه الحروف والسطور تتلوى على ورق خجول. كتب الكدي في الصحافة بلغة بوح توكأت على منسأة التقية المراوغة، لكن يد النذير طرقت باب حساباته، فغادر الوطن لاجئاً إلى هولندا. تعلم لغتها وعمل في وسائل إعلامها، لكن وعثاء السفر الطويل في زعازع التفكير والتمرد، لم ترهق الحروف أو تكسر السطور. في قصيدة طويلة عنوانها «بلادُ تحبّها وتزدريك»، أدخل ليبيا إلى غرفة التشريح بمشرط الضمير الشاعر. مونولوغ ساخن يناغي الوطن قال لليبيا:

من أجلك نحتمل ألقابنا المتوحشة

وهذه الملامح المشاغبة

من أجلك نسطو عليك، ومن أجلك نموت

هكذا خاطب عمر الكدي ليبيا من على منبر شخصيتها المركبة، الراحلة في قافلتها عبر فيافي الزمان. في كتابه «تأملات في الشخصية الليبية» الذي يعلوه عنوان «حويتة وخميسة وقرين»، صبَّ عمر الكدي الناس والتاريخ والتراب في وعاء وطن تدافعت ساكنته وسط عواصف الجدب والفقر والترحال. الأسطورة كانت الزاد الذي لا ينفد، يتقاسمه الراحلون والساكنون.

الشخصية الوطنية وتكوين الهوية شغلا المؤرخين والباحثين في بلدان عدّة. تتبع نشاط الناس في حلّهم وترحالهم، وخيوط نسيجهم الاجتماعي، وأنماط إنتاجهم الاقتصادي وبنية ثقافتهم، هي المناجم المكونة التي يحفر فيها دارسو الشخصية الوطنية. في ليبيا لم يكن للشخصية الوطنية حضور في البحوث الاجتماعية، والدراسات الفكرية. الموجة القومية العربية التي اندفعت من مصر في أواخر خمسينات القرن الماضي، اجتاحت الوطن الليبي بقوة، وذاب الوجدان الليبي العام في الشعارات العروبية المتدفقة. رئيس وزراء ليبي شاب محامٍ ومثقف شاعر، عبد الحميد البكوش ترأس الحكومة الليبية سنتي 1967 - 1968، أطلق صرخة أعطاها اسم الشخصية الليبية. هبَّ مثقفون وكتاب بارزون من مختلف أنحاء البلاد ينافحون عما أطلقه عبد الحميد البكوش. لكن التيار القومي العربي ردَّ بعنف على هذا التوجه، وعدّه مؤامرة رجعية ضد الهوية العربية للشعب الليبي.

في كتابه الذي صدر حديثاً، بدأ عمر الكدي بمقدمة جاء فيها: «ما من أمة نهضت من كبوتها ومن سباتها الطويل، إلا وعادت أولاً إلى جذورها في رحلة ليست لها علاقة بالحنين المريض، وإنما رحلة قاسية ومؤلمة. رحلة نقدية تتفحص فيها الجذور، وتستأصل الجينات المعطوبة، التي تسبب في هذا السبات العميق والطويل».

حفر الكتاب في الجذور، وقرأ ما راكمته الأيام في أعماق النفوس، ورسمته على امتداد الأرض. أنماط الإنتاج والفن وتقسيم العمل بين الرجال والنساء، والتكوين القبلي وتحالفاته في السلم والحرب. الأولياء الصالحون وسطوة حضورهم العابر للمكان والزمان. المطبخ الليبي المتنوع، وكذلك الملابس الموروثة من القرون الرومانية. منظومة القيم التي شكَّلت الضمير الاجتماعي العام، وكذلك حركة الوقت بحسابات أبدعتها البيئة.

الأسطورة الليبية الثلاثية، التي لم تغب عن التكوين القديم، وبقيت تفعل فعلها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً على مر التاريخ، هي الحويتة أي تصغير الحوتة وهي السمكة، والخميسة تصغير الرقم خمسة، والقرين تصغير القرن. الأولى رمز سكان السواحل، والثانية رمز لسكان الجنوب، والثالثة رمز لسكان الوسط وتخوم الصحراء. يستشهد الكاتب بالأسماء الثلاثية للمدن، وكذلك الأقاليم والولايات قبل توحيد الدولة في العهد الملكي، وكذلك الأسماء الثلاثة التي حملتها الدولة الليبية من المملكة إلى الجمهورية ثم الجماهيرية. العلاقة بين المدينة والقرية والواحة، وبين البدو والحضر والتفاعل بين هذه التكوينات. وضع الكاتب ليبيا بماضيها وتكوينها البعيد والقريب، في معمل الأنطولوجيا الكبير ورحل بنا في خيوط النسيج الاجتماعي، بكل ما رسمته عليه الجغرافيا، وما ألقته عليه عاديات السنين من ألوان. خلاصة هذا العمل، أن الوطن تربة تزرع فيها بذور البشر تسقيها الحركة الاجتماعية بكل ما فيها من نشاط اقتصادي، وتدافع سلمي أو عنيف. ليبيا عبرت عصوراً متنوعة، أمامها البحر الأبيض المتوسط ووراءها الصحراء الكبرى. استهدفتها جيوش الشمال وكانت جزءاً من إمبراطوريات، وعبرت بقوافلها الصحراء الكبرى في تجارة بيع وشراء. قال الكاتب عبر صفحات كتابه: «هكذا أصبح الليبيون ليبيين».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشخصية الليبية مرة أخرى الشخصية الليبية مرة أخرى



GMT 01:59 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريشته وتوقيعه

GMT 01:56 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

قرارات بشار الغريبة

GMT 01:53 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

... تصنيف «الإخوان» مرة أخرى

GMT 01:50 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

مرحلة الازدواج الانتقالي ودور أميركا المطلوب

GMT 01:46 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والعراق... والصعود الإسرائيلي

GMT 01:39 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

رسالة الرئيس بوتين إلى أوروبا

GMT 01:35 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميزانية بريطانيا: حقيقية أم «فبركة»؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt