توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب مخادع.. الضربة الأمريكية وما بعدها

  مصر اليوم -

ترامب مخادع الضربة الأمريكية وما بعدها

بقلم - عبد الله السناوي

لم تنته الحرب.. ولا إيران رفعت الرايات البيضاء.


بدت الضربة الأمريكية لثلاث منشآت نووية «نطنز» و«أصفهان» و«فوردو» الحصينة فى أعماق الجبال، كأنها كلمة النهاية فى الحرب الإيرانية الإسرائيلية. بانتشاء بالغ وصف الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» تلك الضربة بـ«الرائعة». قال: «إن إسرائيل الآن آمنة». فى الوقت نفسه دعا إلى ما أسماه «السلام عبر القوة»، مستعيرا التعبير نفسه من قاموس رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتانياهو». إنه الاستسلام دون قيد، أو شرط.

تصور الإسرائيليون أن التدخل العسكرى الأمريكى يمهد الطريق للتوصل إلى «اتفاق جيد»، أو أن يحصدوا بالمفاوضات ما عجزوا عنه بالحرب. ردت إيران بموجات من الصواريخ الباليستية على مواقع استراتيجية إسرائيلية. كانت تلك الضربات الأقوى والأعنف منذ بدء المواجهات.

تخيم أشباح الفوضى على الشرق الأوسط، الذى يريده «نتانياهو» أن يرسم خرائطه من جديد دون قدرة على حسم أى حرب بمفرده، أو أن يمتلك أى تصور سياسى لليوم التالى فى غزة، أو إيران.

 

كل سيناريو وارد وكل خطر ماثل فى الإقليم كله


تقاس الحروب بنتائجها السياسية وما يترتب عليها من معادلات جديدة فى الصراع المحتدم على مصير الشرق الأوسط. إذا لم نقف مع إيران، نؤيدها وندعمها، فإن العواقب سوف تكون وخيمة. لم يكن المشروع النووى الإيرانى وحده هو صلب التدخل العسكرى الأمريكى.

أريد به أن يكون مخرجا سياسيا للمأزق الإسرائيلى المستحكم، أو ترهيب الإيرانيين بضربات أعنف ومآسٍ أكبر إذا لم يقبلوا نوعا من السلام يوافق المتطلبات الإسرائيلية. إذا ما صحت التسريبات الإيرانية المتواترة أنه قد جرى نقل اليورانيوم المخصب إلى أماكن أخرى، فإن المعنى أن ما هو سلمى قد يتحول إلى عمل صريح لإنتاج القنبلة النووية.

 

لم يكن التدخل الأمريكى مفاجئا

إنها متدخلة فعلا تخطيطا وخداعا استراتيجيا وإمدادا بكل ما تتطلبه الحرب من معلومات استخباراتية، وأسلحة، وذخائر دون أن تتورط مباشرة فى عملياتها، لكن سير المواجهات لم يصادف التوقعات والحسابات المسبقة.


فى الضربة الافتتاحية، قصفت إسرائيل عددا كبيرا من المنشآت النووية، اغتالت مرة واحدة قيادات عسكرية وعلماء من الوزن الثقيل وبدا البلد كله مخترقا ومنكشفا.

رغم الهزة العنيفة فى مراكز القيادة والسيطرة فاجأت إيران العالم كله بقدرتها على الإحلال القيادى وسرعة ردة الفعل فى مساء نفس اليوم.

ثم فاجأته بأجيال جديدة ومتنوعة من صواريخ «فرط الصوتية»، القادرة على اجتياز منظومات الدفاع الجوى والوصول إلى أهداف استراتيجية وأمنية وعسكرية واقتصادية حساسة.

استدعى ذلك إلحاحا إسرائيليا علنيا على «ترامب» للدخول المباشر فى الحرب، كما لو لم يكن هناك ترتيبات متفق عليها بأدق التفاصيل.

أعطى «ترامب» انطباعا قويا بأن نوازعه تدعوه إلى دعم إسرائيل إلى أقصى مدى ممكن، غير أن الروادع تمنعه من إصدار قرار بالتدخل.


فالانخراط المباشر بالحرب يناقض تعهداته، التى انتخب على أساسها، وتناقض إرادة أغلبية الرأى العام الأمريكى، الذى يرفض التورط فى أى حروب.

وفق استطلاعات الرأى العام الحديثة، التى أجرتها شركة «يو جوف»، فإن (16%) فقط يؤيدون التدخل فيما يعارضه (60%). تبلغ نسبة المعارضة داخل حزبه الجمهورى (51%) مقابل (23%).

التقارير الاستخباراتية حذرته من العواقب والتداعيات، التى قد تضرب المصالح الامريكية فى الشرق الأوسط، فضلا عن الكلفة الاقتصادية الباهظة لأية تدخل، خاصة إذا أغلقت إيران مضيق هرمز بالغ الأهمية فى نقل النفط والغاز.

رغم ذلك كله مضى بمقامرته، السياسية والعسكرية إلى آخر المطاف، ضاربا عرض الحائط بكل المخاوف والحسابات.

قبل الضربة الأمريكية أبلغ «ترامب» كبار معاونيه بموافقته على خطة التدخل، لكنه أرجأ القرار الأخير لأسبوعين حتى يمكنه التعرف على فرص تخلى طهران عن برنامجها النووى.


فتح المجال واسعا لاتصالات ورسائل دبلوماسية إلى إيران عبر قنوات شبه علنية: «أن الحل السياسى ما زال ممكنا».

أبدت إيران تأهبها لذلك الخيار بشرط وحيد هو وقف الهجوم الإسرائيلى.

هكذا خدع الجميع بلا استثناء، وقد يدفع حزبه ثمن تلك المقامرة فى الانتخابات النصفية المقبلة.

إثر عودته من قمة السبع الكبار قال نصا: «لقد نفذ صبرنا» ملوحا باغتيال المرشد الإيرانى «على خامنئى». لم يكن هناك معنى لذلك التصريح سوى أن التدخل العسكرى وشيك لا محالة.

بعد وقت وجيز أطلق تصريحات عكسية تنفى أى استعداد لديه بالانخراط المباشر فى الحرب، فهو رجل سلام جاء إلى منصبه لإنهاء كل الحروب، كما قال حرفيا.

لم يخف تطلعه للحصول على جائزة نوبل للسلام، أو أن يكون خامس رئيس أمريكى فى التاريخ يحصل عليها بعد «ثيودور روزفلت» و«وودرو ويلسون» و«جيمى كارتر» و«باراك أوباما».

هو رجل مربك ومرتبك يصعب توقعه.. يقول الشىء وعكسه فى خطاب واحد. فى البيت الأبيض فاجأ «نتانياهو» أمام الكاميرات بإعلان أنه قد فتح حوارا مع إيران للتوصل إلى اتفاق بشأن المشروع النووى.

كانت تلك إهانة بالغة لحليف استراتيجى مقرب، لكنه واصل التنسيق معه بأدق التفاصيل «إننا نتهاتف يوميا».

ثم ذهب فى مدح «نتنياهو» إلى حدود غير متخيلة، وهو يزعم أنه رجل سلام. وصفه بعبارات يصعب أن يصدقها أحد فى العالم، ولا داخل أسرته نفسها: «إنه رجل طيب وخير لا يجد الإنصاف من بلده».

بالتوصيف القانونى والسياسى فإنه يتحدث عن رجل متهم من المحاكم الدولية بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.

فى الدعوة إلى إنصافه تبنى لسياساته وجرائمه. إنه انتهاك كامل لأية قيمة إنسانية، وانتهاك آخر للصفات والمعاني.

من يصدق الآن رئيسا مخادعا؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب مخادع الضربة الأمريكية وما بعدها ترامب مخادع الضربة الأمريكية وما بعدها



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt