توقيت القاهرة المحلي 20:29:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تراجعنا؟

  مصر اليوم -

كيف تراجعنا

عمرو الشوبكي

حين تستمر مواجهتنا لأمريكا وإسرائيل بالهتاف والشجب والرفض، وحين يستمر الفشل العربى منذ الغزو الأمريكى للعراق فى 2003 حتى الآن فى وقف أى عدوان خارجى، تصبح أمامنا مشكلة حقيقية فى طبيعة النظم العربية الحاكمة. إن الضربة الأمريكية المرفوضة على سوريا تعكس فشلا كبيرا يتحمله النظام الحاكم فى سوريا، وفشلا آخر تتحمله العناصر الجهادية التى صُدرت إلى سوريا، وأن الحل لن يكون بالدفاع عن بشار ولا الترحيب بالضربة، إنما على الأقل فى معرفة كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من الاستباحة، وكيف حولت نظم مثل صدام حسين ومعمر القذافى وبشار الأسد بلادها إلى طريق لدخول القوى الخارجية وهدم ما تبقى من الدول الوطنية. لقد عرف العالم العربى طوال العقود السابقة تقسيما وهميا بين نظم ممانعة فاشلة ونظم معتدلة فاشلة، أيضا صحيح أن جرائم نظام مبارك لا يمكن مقارنتها بجرائم النظم التى رفعت شعارات الممانعة ومارست قتلا وتهجيرا فى شعوبها دون أن تطلق طلقة واحدة على إسرائيل، إلا أنه من المؤكد أن مفهومى الاعتدال والممانعة يحتاجان إلى مراجعة، لأنه لا نظم الاعتدال حملت الديمقراطية والتنمية لشعوبها، ولا نظم الممانعة قاومت حقا إسرائيل. وعاش العالم العربى على مدار ما يقرب من 35 عاما فى ثنائية وهمية، بدأت بالحديث عن محور الاعتدال والواقعية الساداتى فى مواجهة محور الصمود والتصدى، الذى سُمى بعد ذلك «محور الممانعة». والمؤكد أن مشكلة الأداء المصرى طوال تلك الفترة، خاصة أثناء مبارك، ليست فى كونه لم ينتقل من معسكر السلام إلى معسكر الحرب (غير الموجود بين أى نظام عربى منذ مبادرة السادات إلى القدس عام 1977)، ولا فى تبنيه خيارات عسكرية لم يفكر فيها نظام بشار الأسد، الذى حول جيشه لأداه لقتل شعبه وليس الحرب ضد إسرائيل، إنما فى تعثره فى الاستفادة السياسية والاقتصادية من السلام الذى وقعه مع إسرائيل فى بناء نموذج تنموى حقيقى للنهضة والتقدم. ولم تفلح دعوات دول الاعتدال العربى لضبط النفس فى منع إسرائيل من أن تتراجع، ولو مرة واحدة، عن قرارها «بعدم ضبط النفس»، ولا رفض العدوان وشجبه منع أمريكا من تكراره فى أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا. ولعل ثورات الربيع العربى كشفت أزمة كلا الطرفين، فلا المعتدلون أصبحوا معتدلين حقيقيين وحققوا التنمية والديمقراطية لشعوبهم وأثروا إقليميا ودوليا، كما كان يُنتظر منهم، ولا المتشددون حاربوا إسرائيل على سبيل السهو والخطأ منذ حرب 1973. من المؤكد أنه بعد 34 عاما على كامب ديفيد، وبعد عامين على انطلاق الثورات العربية، وبعد فشل حكم الإخوان فى مصر.. اتضح مرة أخرى أن أزمتنا فى بناء نموذج وطنى جديد لا يدافع عن نظام بشار ولا مبارك، ويبنى عالما عربيا «مصنوعا محليا»، رغم انفتاحه وتأثره بالخارج، إنما لا يكون مصنعا فى الخارج ويستورد حكامه مع البوارج الأمريكية كما يريد إخوان مصر، ولا يتصور أيضا أنه قادر على أن يستمر فى قتل شعبه دون عقاب مثل نظام سوريا. نعم.. العالم العربى فى حاجة إلى بناء نظم سياسية تبنى نموذجا ديمقراطيا وتنمويا حقيقيا، ومن داخل مبادئ الديمقراطية ودولة القانون يمكن أن يكون هناك إصلاحيون ومحافظون، ومعتدلون ومتشددون، وإسلاميون وليبراليون، يديرون خلافاتهم على أسس ديمقراطية، ومن خلال الدفاع عن مصالح الشعب، ودون أن يكون لهم أى علاقة بتجارب الفشل السابقة. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تراجعنا كيف تراجعنا



GMT 20:07 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فرص للسلام في الشرق الأوسط!

GMT 20:04 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

«إني متوفيك ورافعك»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

نجوم الفضائح والتغييب

GMT 19:57 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

‎الممر البحرى الأمريكى و٧ مخاوف مشروعة

GMT 19:56 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

تفوق الأندية المصرية إفريقيًا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

وسادة المقاطعة

GMT 18:24 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

حملة المقاطعة

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 08:41 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الخميس 22 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon