توقيت القاهرة المحلي 08:29:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من معارك الصحافة والديمقراطية (4) كلام من 60 سنة عن الأحزاب

  مصر اليوم -

من معارك الصحافة والديمقراطية 4 كلام من 60 سنة عن الأحزاب

صلاح منتصر


المعركة التى أتحدث عنها جرت من 61 سنة وبالتحديد بين أغسطس وسبتمبر 1953 بعد نحو سنة من ثورة يوليو التى كانت قد ألغت الأحزاب واتجهت إلى توحيد الشعب فى تنظيم سياسى واحد. وقد أيد الأستاذ محمد التابعى هذا الاتجاه وكتب مقالاً فى آخر ساعة يؤيده، فرد عليه الأستاذ مصطفى أمين فى العدد التالى من آخر ساعة بمقال يعدد فيه مساوئ إلغاء الأحزاب، ولكن التابعى لم يجامل تلميذه مصطفى أمين. كان- وهو خريج كلية الحقوق- كالمحامى الذى أراد أن يفند أمام محكمة الرأى العام كل حجج الاتهام، ولذلك جاء رده على مصطفى أمين طويلاً على غير العادة، رغم أنه كتبه من رأس البر، حيث كان يقضى إجازته. وقد نشرت فى الأسبوع الماضى جزءاً من مرافعته- أقصد مقاله- الذى جعل له عنوان: وكان فى مصر أحزاب ونظام تعدد الأحزاب، وكان يحكمها مع ذلك طاغية فاجر (فى إشارة إلى الملك فاروق). وأكمل اليوم بقية المقال الذى ربما يبدو لمن يقرأه أن كاتبه انتهى مؤخراً من كتابته وكأنه يتحدث عن الأزمة التى نواجهها حالياً أمام نحو مائة حزب اسماً على الورق وغير قادرة على أن يكون لها مكان فى الشارع!

يقول الأستاذ التابعى: إن رأيى (بإلغاء الأحزاب) ليس ابن اليوم ولا هو وليد الثورة فى شهر يوليو، بل لقد سبق أن ناديت وكتبت عنه منذ سنوات وأذكر من بين ما كتبت أننى قلت ما معناه: ليت مصر تستطيع أن تجد رجلاً من طراز أتاتورك يحكمها حكماً عادلاً نظيفاً لمدة عشر سنوات ولو تدفع له راتبا سنوياً مليون جنيه، تدفعها وهى الرابحة فى جميع الأحوال.

وبعد.. فإن العبرة بالمعانى لا بالألفاظ، وإذا كانت عبارة إلغاء الأحزاب تصدم حساسية أو إيمان زملائى الأفاضل بالنظريات، فإنى أتلاعب إذن بالألفاظ لا بالمعنى وأعدل عن إلغاء الأحزاب وأقول «ادمجوا الأحزاب جميعها فى حزب واحد أو برنامج واحد يستغرق تنفيذه عشر سنوات على الأقل. أما عودة الأحزاب بعد عام أو عامين فإنها ستكون مأساة أو مهزلة لأننا سنعود سيرتنا الأولى. سيرة التناحر والتزاحم على السلطة ومقاعد الحكم.

ويستشهد الأستاذ التابعى بواقعة جرت فى مجلس العموم أثناء الحرب العالمية الثانية وكان ونستون تشرشل رئيسا للوزارة وتقدمت حكومته بمشروع خاص برواتب المدرسات المتزوجات، وهو مشروع ليست له أهمية ولا يتعلق بسير الحرب ومشكلاتها. وقد رفض مجلس العموم بالإجماع المشروع، ولكن فى الجلسة التالية حضر تشرشل ووقف يعلن أن الحكومة تعتبر موضوع هذا المشروع مسألة ثقة أو عدم ثقة، وإذا أصر المجلس على رفض المشروع ستستقيل الحكومة. وفغر أعضاء المجلس أفواههم دهشة وساد السكون لحظة. ثم أعيد المشروع إلى المجلس الذى كان رفضه فى اليوم السابق فوافق عليه بالإجماع، وبلع رفضه له قبل ذلك بأربع وعشرين ساعة. وعندما ثار بعض أعضاء الجناح الأيسر فى حزب العمال على ديكتاتورية تشرشل تولى مستر بيفن الرد عليهم وكان مما قاله لهم: إنه لا وجود لحرية الفرد أو كرامته ساعة الشدة والأزمة. وإن المصلحة العليا تفرض علينا أن نصطف صفا واحدا وراء إرادة موحدة ينفذها رجل واحد وهو تشرشل الذى اخترناه.

وينهى الأستاذ التابعى مقاله المنشور من 61 سنة قائلا: مصلحة الشعوب تتطلب إذن فى ساعة الشدة والأزمات إرادة واحدة موحدة، لا أحزابا عدة تتنافس وتتطاحن. ومصر اليوم تجتاز مرحلة عصيبة. فى الخارج عدو عنيد صلب المراس، وفى الداخل تركة مثقلة بأوزار الماضى وفساده. فلا تحدثونا إذن عن الأحزاب وعودة الأحزاب. وإذا لزم الأمر فإننى أرضى بالاستفتاء العام، فاسألوا الفلاح فى الحقل، والصانع والعامل والموظف ورجل الشارع: هل يريدون عودة الأحزاب؟ وسوف تسمعون منهم: كلا. أعلنها وأنا أعرف ماذا أقول.

كانت المعركة الصحفية بين الأستاذين الكبيرين محمد التابعى ومصطفى أمين قد امتدت أربعة أسابيع كتب كل منهما مقالين، وكانت المبارزة تبدو بينهما بلا نهاية، إلا أن الأستاذ محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير «آخر ساعة» رأى التدخل ملتقطاً الاقتراح الذى أعلن الأستاذ التابعى رضاه به.. وإلى الأسبوع المقبل بإذن الله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من معارك الصحافة والديمقراطية 4 كلام من 60 سنة عن الأحزاب من معارك الصحافة والديمقراطية 4 كلام من 60 سنة عن الأحزاب



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

GMT 02:44 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

نكبة مستمرة... وقضية مُختطفة

GMT 02:41 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

حكومة أخنوش: حصيلة نصف الولاية

GMT 02:37 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الازدواجية الأميركية والأسلحة الإسرائيلية

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon