توقيت القاهرة المحلي 16:47:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى لا تخسر يا «صباحى»

  مصر اليوم -

حتى لا تخسر يا «صباحى»

عمار علي حسن

لو خسر السيد حمدين صباحى انتخابات الرئاسة أمام السيد عبدالفتاح السيسى، فهذه فى نظرى ليست خسارة أبداً، إنما الخسارة الحقيقية والجارحة له هى خسارة «الصورة الإيجابية» التى رسمها لنفسه عبر عقود من الزمن فى أذهان قطاع عريض من الناس، مكّنوه من أن يكون «الحصان الأسود» للانتخابات الرئاسية السابقة، وهو المرشح الأفقر والأبسط بين كبار المتبارين فيها، والوحيد فيهم الذى أطلق ضربة بدايته قائلاً جملته الأثيرة: «بقوة الله، وبقوة الشعب». وهذه الصورة قد تنجرح إن انزلقت حملة «صباحى» من المنافسة، مهما بلغت شراستها وحدتها، إلى الكيد، ومن تحقيق مطالب الثورة إلى المساهمة فى مزيد من التشتت الاجتماعى والسياسى، يتجاوز فكرة «التعددية» وضرورة وجود «البديل السياسى» إلى إهالة التراب على كل شىء، والتشكيك فى كل أحد، وفتح باب جديد لصراع سياسى آخر. ما أعرفه أن «صباحى» حريص كل الحرص على المصلحة العامة، على الوطن، ولم يكفر أبداً، فى أى لحظة بالدولة المصرية العريقة وخصوصيتها الحضارية، وهو الرجل «العروبى» حتى النخاع، بل إن أول لقطة قدم بها حمدين نفسه إلى الناس، كان يدافع فيها عن الشعب وقضاياه الحقيقية، حين وقف هصوراً جسوراً أمام السادات عقب انتفاضة الخبز سنة 1977 لينتقد سياساته الاقتصادية، ويهاجم الفساد الحكومى، وموقف الرئيس الأسبق من إسرائيل، ولم تقتصر أقواله وقتها على الدفاع عن جماعة أو تنظيم أو شخص يتفق معه فى التفكير والتدبير، واستمر على هذا الدرب خلال عضويته فى البرلمان، واعتُقل وسُحل من أجل ألا يكون غير هذا. فى الانتخابات السابقة حرص «صباحى» على ألا يهبط بالمنافسة إلى الردح السياسى أو القدح فى منافسيه، فتسامى عن استخدام ألفاظ قاسية فى وصف من ينازلهم، وحين تحدث أحدهم عن صحته، رد عليه بذكاء ومن دون تجريح ليؤكد أن الله قد شفاه، وحين استهان آخر بشعبيته وفرصه، قال: ثقتى فى أن الشعب سيرد على من يشكك فى قدرتى على المنافسة. لكل هذا أوجّه نداء لـ«صباحى»، وأعلم أن الرجل يتابع ما أكتبه ويقدره لأسباب لا مجال لذكرها هنا، بألا يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لبعض شباب حملته فيفعلوا ما يحلو لهم من دون تفكر ولا رويّة، أو يغفلوا عمن يندسون بينهم لتحقيق أهداف غير تلك التى يصبو إليها التيار الشعبى، فتنفلت أعصابهم، ويخرجوا بحمدين عن المسار الذى حرص عليه، ويأخذوه إلى خسارة ما هو أهم من انتخابات الرئاسة، وهو صورته التى دفع الكثير من أجل الحفاظ عليها، ورغبة كثيرين فى أن يتقدم فى الحياة السياسية أكثر، مهما كانت نتيجة الانتخابات. بل سأقول، فى منتهى الصراحة، إن خسارة «صباحى» للانتخابات قد تكون مكسباً، وكسبه لها قد يكون خسارة، حين يصل الناس به إلى كرسى الحكم ويعجز عن إنجاز ما أخبرهم به، والإيفاء بما تعهد به. فكثير من السياسيين خسروا الانتخابات غير مرة، لكنهم لم ييأسوا، بل صابروا ورابطوا وثابروا وواصلوا كفاحهم حتى حققوا ما أرادوا، ليس من أجل أنفسهم إنما من أجل شعوبهم، وأبرزهم «لولا دا سيلفا» الذى أخرج البرازيل من قاع الفقر والاستدانة والتخلف الشامل إلى أبواب العالم الأول. أما من خسر صورته، حتى لو كسب الانتخابات، ففى رأيى أنه قد خسر كل شىء، فالشرعية الأخلاقية لا تقل أهمية عن الشرعية السياسية والقانونية. أعلم أن الكثيرين من شباب التيار الشعبى فتيان واعدون وأنقياء ووطنيون بلا حدود، لكن حماسهم قد يغلبهم أحياناً، فيقولون ويفعلون ما يسىء إلى «صباحى»، بإخراجه عن المسلك المحترم الرائع الذى سار فيه خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، وظنى أن هذا هو السبب الأساسى الذى منح حمدين كل هذه الأصوات رغم بساطة حملته من ناحية المال والتنظيم وتقديم البرنامج الجامع المانع. فيا «صباحى»، أيها المناضل الجسور، أكمل طريقك وتسامَ عن الصغائر، وأوصِ من حولك بأن يساعدوك على أن تبقى كما أنت، تدخل الانتخابات وتخرج منها، بغض النظر عن النتائج، ولست إلا أنت، رجل وطنى يضحى، حتى بنفسه، من أجل الوطن.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا تخسر يا «صباحى» حتى لا تخسر يا «صباحى»



GMT 16:08 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللاجئون في مصر... تراث تاريخي وتذمر شعبي

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 01:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أميركا النازعين وأميركا النازحين

GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 01:44 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

فيلبي وحفيدته سارة... وإثارة الشجون

GMT 01:36 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

«رؤية 2030»: قارب النجاة في عالم مضطرب

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon