توقيت القاهرة المحلي 15:42:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إشارة

  مصر اليوم -

إشارة

عمار علي حسن

احمرت إشارة المرور فتوازى أتوبيس صدئ يتلاصق فيه الناس كأنهم يوم الحشر مع سيارة فارهة يلمع جسدها النظيف فى وقدة الظهيرة، سائقها والسيدة الرشيقة التى تجلس خلفه وإلى جوارها ابنتها الصغيرة رائعة الحسن لا يشعرون أبداً بالصهد الحارق الذى يلفح وجوه العابرين، ولا يتصببون عرقاً كركاب الأتوبيس، الذين يتخالط شهيقهم بزفيرهم حتى كادوا أن ينخنقوا. الأكثر شعوراً بالاختناق كان هذا الطفل الوديع الملقى على فخذى أمه البدينة الجالسة على مقعد متهالك يوشك أن يسقط على حجر الرجل الطويل الجالس وراءها. أخذت البنت تشكو من الصقيع المنهمر بلا هوادة من أفواه التكييف الصغيرة، بينما أخذ الولد يتبرم من السخونة ورائحة العرق. مد الولد يده ليفتح النافذة التى كانت تحوى ملصقاً مكتوباً عليه «الصبر مفتاح الفرج». ضغطت البنت زراً بجانبها فانزاح الزجاج المعتم إلى أسفل، وتدفق شعاع الشمس إلى رأسها واصطدم بالموسيقى اللينة المنبعثة من سماعات حساسة جداً والهاربة إلى أذن الولد. التفت الولد إلى النافذة المغردة فملأ عينيه من وجه البنت. ابتسم لها فبادلته الابتسامة. رفع يده على استحياء وراح يلوح لها فمدت يدها ولوحت فى فرح. ثم تعانق وجهاهما فى صمت وبلا انقطاع. كانت الأم البدينة منشغلة بتجنب ملاصقة فخذ الرجل الغريب الذى يجلس بجوارها. كانت الأم الرشيقة تغمض عينيها مستسلمة للنغمات العذبة. دفع الولد رأسه من النافذة فشعر بلسعة وانسكب نور مبهر فى عينيه فأغلقها. فعلت البنت مثله فارتاحت للدفء وغرفت بكفيها بعض الضياء النائم على الزجاج الرمادى القاتم. سائق الأتوبيس لا يرى أحداً ولا شيئاً إلا الإشارة الحمراء التى ينتظر اخضرارها، فيواصل رحلة الزحف التى لا تنتهى. سائق السيارة يتابع كل ما يجرى فى المرآة الجانبية ويبتسم، مطمئناً إلى إغفاءة السيدة الغارقة فى قيعان الموسيقى الساحرة. اخضرت الإشارة فجأة. ضغط سائق السيارة على زر فارتفع الزجاج، وانحبست الموسيقى، واندفعت العجلات تمرق إلى حيث لا يدرى الولد. تململ الأتوبيس وشحر واهتز بخطوات وئيدة، تأرجح لها الركاب، ولم يلق لهم السائق بالاً، كما لم ير رأس الولد المعلق فى وسط الشارع يبحث عن صاحبته التى غابت فى الزحام. نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشارة إشارة



GMT 05:24 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أحزان عيد القيامة!

GMT 02:58 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

عبودية لطيفة

GMT 02:54 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

تحديات القمة العربية في البحرين

GMT 02:52 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أهكَذا «البدرُ» تُخفِي نورَهُ الحُفَرُ؟!

GMT 02:49 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

عن «الرجل الأبيض»!

GMT 02:42 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٨)

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:35 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

6 خطوات لتجنب الوقوع في أخطاء فواتير الكهرباء

GMT 10:40 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كهربا يستعد للمشاركة مع الأهلي في «موقعة الوداد»

GMT 06:41 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

الطب الشرعي يوقع الكشف على ابنة نهى العمروسي

GMT 22:53 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

الصين تسجل 22 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 07:42 2020 الأربعاء ,27 أيار / مايو

10 نجوم بالمجان في دوري أندية أوروبا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon