توقيت القاهرة المحلي 20:29:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسيوط وبركات مرسى

  مصر اليوم -

أسيوط وبركات مرسى

عمار علي حسن

المستطيل الأخضر الذى يقذف من جوفه صهدا ودخانا أصبح فجأة طعاما لعجلات باردة قاسية لقطار يجرى على عجل نحو محطته الأخيرة، ولا وقت لديه للمضغ والبلع والهضم، ففى ثوان معدودات ترك لنا فضلاته على القضبان الراقدة فوق الإهمال والبطش، وهى لم تكن سوى قطع لحم طرى، معجونة بدم تدفق من شرايين كل المصريين، وبدمع سكبته عيونهم بين صباح غير مشرق ومساء معتم، ونادى كثيرون: أين كرامات الرئيس؟ قبل هذه النداءات، كانت هنا أروى. كانت نور وريم وهبة. كان مصطفى ومحمود، وكانت يد السماء مبسوطة كعادتها بالرحمات والنسمات، لكن يد الذين رفعهم الناس على الأعناق ليقيموا العدل فتجبروا، كانت مقبوضة على ما اقتنصوه فى سرعة كعصابة محترفة، وهم يظنون ويتوهمون أن كل شىء قد دان لهم، وصار طوع بنانهم، وأنهم الوارثون والممكنون، ورسل العناية الإلهية، الذين ليس بينهم وبين الله حجاب، وأن كل شىء سيجرى فى يسر، لا تعب ولا أخذ بالأسباب، ولا ترتيب أو تدبير وتخطيط، لأن كراماتهم ستحل على الرءوس بالزاد والطمأنينة، وتسبيحاتهم ستحجب الشر الداهم المستطير، ودعواتهم ستغير ما تجرى به المقادير. ألم يزر الرئيس أسيوط ويدعو لشعبها من جوف المسجد، فلم الخوف إذن؟ وكيف لم يطن دعاء الرئيس فى أذن عامل «التحويلة» فيستيقظ ولو فجأة ليوقف الدهس والدم والفجيعة والعار؟ وكيف لم يصل الدعاء إلى مسامع سائق القطار فينعق على المحطة لا يغادرها حتى يمر الميامين بسلام إلى فصولهم المكسوة بلحمهم وحلمهم؟ وكيف لم ترن وتكسر الصمت الرهيب المميت الذى كان يخيم على سائق الباص فلا يمر إلى المقبرة؟ سيقول العقلاء الذين يحسبون كل شىء على الآلات الرقمية: ما علاقة الرئيس بهذا؟ وأقول لهم: صحيح، لكن هذا ليس كلامنا إنما كلام تجار الدين الذين قالوا للناس: لو انتخبتمونا سيفتح الله عليكم بركات من السماء. وكنا نحن نردد أيامها قول الله تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ الله يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً»، وكنا دوما نذكرهم بقول الرسول الكريم: «لا تزكوا أنفسكم، إن الله أعلم بأهل البر منكم»، إلا أنهم أشاحوا لنا بأيديهم وقالوا: «نحن جماعة الله المختارة»، أيدينا فوق أياديكم، وبناتنا أرقى من بناتكم، وصدّقهم البسطاء. إنه الكلام الراقد فى سطور يقرأونها ليل نهار فى منهجهم التعليمى الداخلى وفى أناشيدهم ومدائحهم التى يصدحون بها فى معسكراتهم وشُعَبهم. إنها اللغة والطريقة التى جعلت المخالفين يقابلونها بالاستهجان والسخرية وأحيانا بالمزايدة أوالمبالغة، ولكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه. ولذا راح الناس يتداولون على شبكات التواصل الاجتماعى ما يلى: 1- زار مرسى السعودية فسقطت لأول مرة طائرة من النقل الجوى الداخلى بالمملكة. 2- صافح بطريرك الأقباط فى إثيوبيا فمات بعد عشر ساعات، وبعدها بأسابيع مات رئيس الوزراء ميليس زيناوى. 3- قابل هيلارى كلينتون فتوفيت والدتها. 4- زار مطروح فاحترق بعد يوم سوق ليبيا. 5- زار أسيوط فوقع حادث القطار، ومات 51 طفلا. هذه ردود غاضبة لشيطنة الرئيس، وتصويره على نحو معين، لكنها أقوال نابعة من فعل مضاد لمن أرادوا أن يصوروه وكأنه اختيار العناية الإلهية، وقد أخذت هذه الأقوال دفعة قوية بعد حادث أسيوط المؤلم، إلى درجة أن أحدهم اختلق خبرا على «الفيس» يقول: محافظ سوهاج يناشد الرئيس ويرجوه ويتوسل إليه ألا يزور المحافظة أبدا. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسيوط وبركات مرسى أسيوط وبركات مرسى



GMT 20:07 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فرص للسلام في الشرق الأوسط!

GMT 20:04 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

«إني متوفيك ورافعك»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

نجوم الفضائح والتغييب

GMT 19:57 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

‎الممر البحرى الأمريكى و٧ مخاوف مشروعة

GMT 19:56 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

تفوق الأندية المصرية إفريقيًا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

وسادة المقاطعة

GMT 18:24 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

حملة المقاطعة

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon