توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فراعنة وعرب

  مصر اليوم -

فراعنة وعرب

بقلم : مصطفي الفقي

التقيت مؤخرًا بعدد من الأصدقاء الذين ينتمون إلى الشمال الأفريقى العربى، وسعدت كثيرًا بالروح التى لمستها فى العلاقة بين أصحاب الأصول العربية وأصحاب الأصول الأمازيغية منهم، حتى أنه يستحيل التفرقة بينهم فى الثقافة وأسلوب التفكير ولهجة الحديث، وليس ذلك غريبًا على تلك الدول العربية الإسلامية التى تمثل خط التماس بين شرق المتوسط وغربه وتستوعب الأمازيغ، كما هو الأمر بالنسبة للعرب منهم، ولا تشعر بعصبيات ونعرات تفرق بينهم، بل كان الحديث عن ثقافة الطعام فى المنطقة، وكيف أن مدينة الإسكندرية العريقة فى مصر تمثل بشكل أو بآخر نقطة الالتقاء بين حضارة الأرز شرقًا وحضارة «الزعبوط» المغاربى وتنويعاته فى الشمال الأفريقى، وتذكرت معهم أن ليبيا التى عانت كثيرًا فى السنوات الأخيرة هى تلك الدولة الكبيرة التى تقوم على فيدرالية مستقرة لأنها دولة واسعة الأرجاء ممتدة المساحات والمسافات، وأخذت أفكر فى الظاهرة المصرية المتجانسة رغم المحاولات المستمرة لدق الأسافين بين ما هو فرعونى وما هو عربى فيها، واضعين فى الاعتبار أن نظرية الدماء النقية أصبحت وهمًا فى ذمة التاريخ العلمى، حيث اختلطت الشعوب وتواصلت الأمم، وأصبحنا أمام مزيج بشرى اختفت معه الأفكار العنصرية والنظريات المتصلة بالأجناس المعزولة، وأضحى من العسير الإشارة إلى الدماء النقية، فالمصرى العادى تجرى فى عروقه دماء فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وعربية وغيرهم من أصحاب الحضارات التى توافدت على أرض مصر الطيبة عبر القرون ومع تعاقب الأزمنة، لذلك فإن الحديث الذى يدور حاليًا حول نقاء الجنس البشرى فى منطقة معينة هو نوع من اللهو والسفسطة التى لا تعبر بحالٍ من الأحوال عن واقع المجتمعات والشعوب فى عالم اليوم، وأنا أدهش حاليًا لمحاولات تجرى فى المعامل الطبية والمختبرات التى تسعى لتحديد النسب المختلطة فى دمائهم، وأرى أن ذلك يفتح بابًا يصعب إغلاقه ولكن يسهل التحكم فيه، إذ يجب أن يعتز كل فرد على هذا الكوكب بتركيبته الشخصية والذاتية التى تختلف بالضرورة عن غيره، فلكل مخلوق بصمته الخاصة وصفاته المتميزة، فالله الذى سوى بنان مخلوقاته وجعلها على النحو الذى نشهده، وليتنا ورثنا انتقائية أفضل ما كان لدى الحضارات التى شاركنا فيها واستثمرنا فيها واستوعبناها على مر الزمان، ليتنا نستطيع أن نفعل ذلك حتى يدرك الجميع أننا فى النهاية تركيبة جسدية وعقلية واحدة، والفيصل بيننا يأتى من كيفية توظيف ما وهبه الله لنا من قدرات وما منحه من خبرات منذ ظهر الإنسان الأول على الأرض وهو يقاوم الطبيعة ويحاول تطويع ظروفها القاسية لحياته البدائية، لذلك فإننا يجب أن نتذكر دائمًا فضل الأقدمين، ولنا أن نتخيل كم كانت الحياة البدائية قاسية حينما كان الإنسان يقاوم كل ما حوله من كائنات ومخلوقات ثم كيانات، فالمصرى قد ورث ذكاء أجداده وسرعه بديهة أسلافه فأصبح ابنًا شرعيًا لسبيكة متميزة من حضارات وثقافات وديانات تركت بصماتها القوية على عقله وأسلوب تفكيره ومنهج حياته، ومن العبث أن نحاول الآن نسبة أى منها لعصر معين، فهى تشترك كلها فى ذلك الصراع الأبدى بين الإنسان والطبيعة، وبينه وبين نظرائه فى كل زمان ومكان.. تحية للشعب المصرى بكل أطيافه وأجناسه وأعراقه ودياناته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فراعنة وعرب فراعنة وعرب



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt