توقيت القاهرة المحلي 01:29:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيون وآذان (شاهد حق بامتياز)

  مصر اليوم -

عيون وآذان شاهد حق بامتياز

جهاد الخازن

كثيراً ما نسمع عبارة «شاهد على العصر» وقد يكون شاهد حق وقد يكون شاهد زور. لا أحد في الوطن العربي كان شاهد حق على النصف الثاني من القرن العشرين أكثر من الدكتور كلوفيس مقصود، الأكاديمي المثقف وسفير جامعة الدول العربية من الهند إلى واشنطن ونيويورك.
كتابه الجديد «من زوايا الذاكرة، محطات رحلة في قطار العروبة»، الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون، يسجل في عنوانه ما أعرف عن الصديق كلوفيس عبر نصف قرن من العلاقة الوثيقة المستمرة، فهو عروبي يقول إن مذكراته «محاولة لوضع مسيرتي بما هي التزام بالعروبة ومشروعها الوحدوي» ويرى أن «العروبة تبقى حاضنة للإسلام، والإسلام المضيء حاضن للعروبة».
جمعتني وكلوفيس منذ ستينات القرن الماضي صداقة ومحبة، غير أنني لم أدرِ مدى تقاطع طرق الحياة بنا إلا بعد أن قرأت كتابه الذي يبدأ بتمهيد جميل من أخينا عمرو موسى.
هو درس في جامعة جورج واشنطن وإبن أختي تخرّج فيها طبيباً، وحصل على دكتوراه من أكسفورد وابني تخرّج فيها. بل أن أختنا الحبيبة زوجته هالة سلام، رحمها الله، حصلت على دكتوراه من جامعة جورجتاون وهي الجامعة التي عملت لدكتوراه فيها من دون أن أكمل وأكتب الأطروحة. وفي مركز الدراسات العربية المعاصرة في الجامعة كرسي باسم العزيزة هالة، وأنا عضو مجلس المستشارين في المركز منذ تأسيسه. وكان بيت كلوفيس وهالة وبيت أختي متجاورين في أحد أحياء واشنطن.
أغرب من ذلك أنني طلبت من كلوفيس أن يمدني بسكرتيرة/ سكرتير من مكتب الجامعة العربية في واشنطن، وجاءني رضا أسعد الذي تزوج ناديا أبو رزق السكرتيرة الأخرى في مكتب الجامعة، وقصتهما تستحق الرواية، وقد أعود إليها يوماً.
كلوفيس يسجل حادث اغتيال إرهابيين إسرائيليين كمال ناصر (وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار) في بيروت سنة 1973. كنت عائداً إلى البيت عندما وجدت والدتي على شرفة تطل على الشارع وهي تلوِّح بيديها لي وتقول إن أختنا مهى الجيوسي، زوجة كمال عدوان، اتصلت بها لتقول إن الإسرائيليين قتلوا زوجها. وأسرعت إلى بيت كمال عدوان لأجده محمولاً على الأيدي والدم يغطي جسده لينقل إلى سيارة إسعاف. وفي حوالي الثانية صباحاً تذكرنا أن كمال ناصر في طابق علوي من البناية نفسها وصعد مصوّر من «النهار» وتبعته لنجد الشاعر الحبيب مقتولاً ومصلوباً على الأرض.
أيضاً يشير كلوفيس إلى اغتيال الإسرائيليين غسان كنفاني، وكانت زوجته آني اتصلت بي لتقول لي ما حدث فأسرعت إلى بيت الأسرة في الحازمية، ووجدت الصديق عبد الودود حجاج أمام مبنى «النهار» القديم حيث كان يعمل لوكالة الأخبار الأميركية يونايتد برس وأخذته معي، ورأينا جثة غسان وابنة أخته لميس نجم تحملان في أكياس بعد أن مزقهما انفجار في سيارته.
المذكرات تتحدث عن تجارب مؤلفها مع جمال عبد الناصر وأنور السادات وشارل مالك وسعيد عقل وميشال شيحا وأحمد الصافي النجفي وعادل أرسلان وعمر أبو ريشة وقسطنطين زريق ومجيد أرسلان وكمال جنبلاط وعبد الرحمن عزام باشا والشاذلي القليبي ومحمد حسنين هيكل وإحسان عبدالقدوس وأحمد بهاء الدين وأم كلثوم.
قرأت وقرأت وفوجئت بأن كلوفيس لم ينسني وسط هؤلاء العظام. هو قال:
في أواخر 1983 جرى ترحيل أبو عمار بحراً من مدينة طرابلس اللبنانية. آنذاك حملت السفن الفرنسية أبو عمار من طرابلس لبنان، وطلب الذهاب إلى مصر ونزل في مرفأ الاسكندرية. كنا في حرج صرنا في حرجين. كنت خارجاً للتو من قاعة مجلس الأمن فسألني مراسل جريدة «الشرق الأوسط»: هل تعتبر أن ذهاب أبو عمار إلى مصر يشكل خرقاً لقرار القمة؟ سؤال محرج. قلت: لا أعتقد أنه يشكل خرقاً لكنه في الوقت نفسه لا يشكل امتثالاً له. التقط الجواب الصديق جهاد الخازن وكتب في اليوم التالي افتتاحيته بعنوان «الكلفسة.» كتب: إذا أردتَ أن تعرف ما هي الكلفسة فما عليك إلا قراءة رد السفير كلوفيس مقصود على سؤال «الشرق الأوسط» أمس حول نزول أبو عمار في مصر. وأضاف: الكلفسة نقيض الفلسفة. الفلسفة تجعل المجهول معلوماً، أما الكلفسة فهي تجهيل المعلوم. ومن يومها انتشرت الكلفسة كمرادف للالتباس المقصود، لصاحبها كلوفيس مقصود، وصارت العبارة متداولة وساهم في تعميمها رفاق العمر، خاصة منح بك الصلح الذي كان واحداً من بين أحبّهم عندي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان شاهد حق بامتياز عيون وآذان شاهد حق بامتياز



GMT 00:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«من لا يخشَ العقاب يسئ الأدب»!

GMT 21:46 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مصر دولة متقدمة

GMT 21:45 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

15 مايو!

GMT 21:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بترول غزة

GMT 21:03 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

تحديات تأهيل المتطرفين

GMT 20:04 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

الطريق إلى التقدم

GMT 20:03 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هموم عربية

GMT 19:59 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

رغم النكبة.. سنقرع أجراس العودة

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon