توقيت القاهرة المحلي 12:12:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هكذا يمرض على سالم

  مصر اليوم -

هكذا يمرض على سالم

سليمان جودة

كل قارئ لكتابات الأستاذ على سالم الممتعة يستطيع أن يشم من خلال السطور كيف يكتب هذا الرجل، ولكن لا أحد من القراء قطعاً يعرف كيف يمرض على سالم إذا ما أصابه مرض عابر. فقبل أيام قليلة دخل كاتبنا المستشفى، ثم خرج من غرفة عنايته المركزة، صباح أمس الأول، وأظن أنها كانت فرصة جديدة أتيحت أمامه ليعيد قراءة الأجواء من حوله فى أشخاصها وأشيائها من منظور مختلف. وحين نعرف بعض ما جرى بينه وبين الطبيب المعالج، فسوف نرى كيف أن صاحب دراما «بكالوريوس فى حكم الشعوب» التى أمتعت كثيرين على المسرح زمان، قد خاض التجربة ساخراً كعادته، وأن سخريته التى لا تفارقه فى حياته والتى صنع منها، ثم بها، آيات من الفن قدمها لنا على مدى سنوات طويلة كانت - أقصد سخريته - هى القاسم المشترك الأعظم فى كل مراحل العلاج. طلب الطبيب أن يسمع دقات قلبه، وكان أن رد هو فى تلقائية: ماذا تريد أن تسمع على وجه التحديد؟!.. تشايكوفسكى أم سيد درويش، أم عبدالوهاب؟!.. مَن بالضبط يا دكتور؟! وأغلب الظن أن الطبيب وهو يكشف على القلب المتعب بفتح العين وكسرها معاً، ثم وهو يتحسس نبضاته، كان يتهيأ له أنه يسمع صوتاً من هذه الأصوات التى سأله المريض على سالم، عما إذا كان يريد أن يطرب بواحد منها، فقلب لرجل مثل على سالم لابد أنه ينبض كما لا تنبض قلوب سائر الناس، كما أن الأصوات الصادرة عنه سوف لا تكون كأصوات باقى قلوب خلق الله. وحين تمدد أمام الطبيب، وحين فحص الطبيب أجزاء جسده، ثم أخبره بأن هناك ورماً خفيفاً وحميداً حول إحدى الكليتين، وأنه لابد من إزالة الاثنين معاً: الورم والكلية.. فإن المريض الممتلئ بالسخرية حتى حافته قد فاجأ طبيبه، عندما قال دون تفكير: ولكن.. من فضلك يا دكتور حاسب وأنت تزيلهما على الطحال لأنى أحبه! مريض من هذا النوع يبدو أنه هناك حوار لا ينقطع بينه وبين أعضاء جسده، ومن الواضح من مشاكساته مع الطبيب أنه، أى المريض، يحب هذا العضو، ولا يحب ذاك، ويحزن من أجل واحد من أعضاء جسمه، ولا يكترث لغضب أو تمرد عضو آخر! وعندما دخل عليه صديقه محمود عبدالغفار، حفيد أحمد باشا عبدالغفار، وعرف بحكاية الكلية وما حولها أخبره فيما يشبه الدعابة بأنه هو شخصياً - أى الصديق - يملك ثلاث كليات فى بطنه، وقد كانوا يعتبرونها عيباً خلقياً عند ولادته، ولكنه عاش بالثلاث بصحة جيدة، ولايزال! وهنا استيقظت حاسة السخرية على الفور لدى المريض الممدد فى فراشه وراح يتطلع نحو وجه الصديق، ويقول باسماً: هذا ليس عدلاً ولا هو موضوعية.. ثم تحول عنه إلى السماء، وخاطبها فيما يشبه العتاب، فقال: هل تمنحه يا رب ثلاثاً من الكلى لأنه من عائلة باشوات، ثم تمنحنى كليتين اثنتين لمجرد أنى لست ابن باشا؟! كان يقول هذا وكأنه يردد ما كان برنارد شو، كاتب الإنجليز الساخر، قد صاح به، حين تأمل أحوال العالم، متحسساً صلعته الجرداء، ولحيته الكثيفة، إذ قال: ما يجرى فى العالم تصوره بدقة حالة صلعتى مع حال لحيتى.. غزارة فى الإنتاج، وسوء فى التوزيع! ادعو معى لعلى سالم بالشفاء.. فشفاؤه إنما هو بقاء للنقاء بيننا. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا يمرض على سالم هكذا يمرض على سالم



GMT 06:37 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

يعقوب يكتب مذكراته

GMT 06:34 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

اعترافات ومراجعات (53).. مذكرات مجدي يعقوب

GMT 06:31 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الهدنة المؤقتة

GMT 06:29 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

عصام الشماع موهبة قهرها الزمن!!

GMT 06:26 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

ماذا يقرأ المتظاهرون؟!

GMT 06:23 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حياة غالية وأخرى فالصو

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

البلدية جاية

GMT 02:24 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon