توقيت القاهرة المحلي 21:51:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ساعة.. وفيلم

  مصر اليوم -

ساعة وفيلم

بقلم - سليمان جودة

صدفة عجيبة أن تُباع هذه الساعة اليابانية فى مزاد، وأن يقام المزاد الذى بيعت فيه الساعة هذه الأيام بالذات.. أما الساعة المقصودة فهى ساعة يد رأيتها فى مدينة هيروشيما اليابانية حين زرتها قبل سنوات، وكانت محفوظة فيما يشبه المتحف، وكان اليابانيون يأخذون كل زائر للبلاد إليها، ليرى بعينيه ماذا جرى فى المدينة فى الثامنة والربع من صباح يوم ٦ أغسطس ١٩٤٥.

ففى ذلك اليوم أقلع طيار أمريكى بتكليف من الرئيس الأمريكى هارى ترومان، وكان التكليف أن يُقلع بطائرته فى اتجاه هيروشيما، وأن يُحلق فوقها قليلًا، ثم يُلقى فى سمائها حمولته، ومن بعدها يعود إلى الولايات المتحدة.

ولم تكن الحمولة سوى قنبلة نووية اخترعتها أمريكا للمرة الأولى فى تلك السنة، وقررت أن تجربها على الفور، وأن يكون تجريبها إنهاء للحرب العالمية الثانية.. فكأنها قد ضربت عصفورين بحجر واحد.. ولكن ما فاتها أنها وهى تضرب العصفورين قد قتلت فى طريقها ١٢٠ ألف يابانى فى لحظة إلقاء القنبلة فوق المدينة!

أذكر أن مرافقى خلال الزيارة أشار إلى ساعة اليد وقال: انظر.. إن عقاربها لاتزال تشير إلى الساعة الثامنة والربع صباحًا!

وكان هذا التوقيت هو بالضبط التوقيت الذى ألقى فيه الطيار حمولته وعاد إلى بلاده، ولم يكن يعرف أن عقارب ساعة يد فى المدينة سوف تظل شاهدة على جريمته وجريمة بلده فى حق مدينة بكاملها.. فالساعة توقفت تمامًا فى لحظة إلقاء القنبلة، وهى لم تتوقف وفقط، ولكن عقاربها تجمدت فى مكانها فلم تتحرك بعدها، ولا كان من الممكن تحريكها فى أى اتجاه، ونستطيع أن نقول إنها ماتت شأن الضحايا من أبناء المدينة.

ماتت ساعة اليد يومها ولم تتوقف كبقية الساعات، لأن توقفها فى الظروف العادية ينتهى بشحن بطاريتها، ولكن لأنها توقفت بقنبلة نووية، لا بنفاد طاقة البطارية، فإنها توقفت إلى الأبد، وبقيت على مدى سنين من بعدها شاهدًا حيًا، وإذا شئنا قلنا شاهدًا ميتًا، على هول ما عاشته هيروشيما.. وإذا كان الشخص الذى اشتراها قد دفع فيها ٣١ ألف دولار، فهو يعرف أنها تستحق هذا الثمن وأكثر، لا لأنها من الساعات الثمينة التى نتابع أخبارها هذه الأيام، ولكن لأنها تسجل بعقاربها المتجمدة فى مكانها ما لم تسجله ساعة أخرى سواها.

أما الفيلم الذى صادف عرضه فى دور السينما بيع الساعة فى المزاد، بل وحصوله على سبع جوائز من أكاديمية السينما البريطانية، فهو فيلم «أوبنهايمر» الذى يحكى قصة حياة جوليوس روبرت أوبنهايمر، مخترع القنبلة التى جمدت عقارب الساعة وأفقدتها الحياة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعة وفيلم ساعة وفيلم



GMT 21:20 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

صيف ملتهب نحو خريف مضطرب

GMT 20:51 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

حفلة سمر ٥ حزيران

GMT 20:48 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

الصين!

GMT 20:46 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

درسان لحرب غزة

GMT 20:45 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

الحب بين الذكرى والنسيان

GMT 20:42 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

أميركا.. انتخابات رئاسية مأزومة

GMT 20:40 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

السلام الهش والنزاعات المسلحة

GMT 20:38 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

جدل الهوية والعولمة والسلام

إطلالات النجمة إليسا تعكس إحساسها الموسيقي

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 06:24 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

بايدن يكشف عن "خلافه الرئيسي" مع نتنياهو بشأن غزة
  مصر اليوم - بايدن يكشف عن خلافه الرئيسي مع نتنياهو بشأن غزة

GMT 06:58 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

أسرار قراءة آية الكرسي للرزق

GMT 19:31 2021 الثلاثاء ,11 أيار / مايو

معهد الفلك يعلن موعد صلاة عيد الفطر

GMT 22:00 2021 الخميس ,11 آذار/ مارس

عمرو السولية يهنئ حسام عاشور بعيد ميلاده

GMT 09:29 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

وفاة أسرة كاملة من 4 أشخاص بكورونا في الدقهلية خلال أسبوعين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon