توقيت القاهرة المحلي 03:18:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما تفعله الكراسى

  مصر اليوم -

ما تفعله الكراسى

وائل عبد الفتاح

فى موقف كهذا احترنا فى المستشار أحمد مكى. صدمنا: كيف ينحاز المستشار الجليل للسلطة، ويتصرف عكس ما كان يفعل؟ صدمنا أكثر: ماذا تفعل الكراسى بالملائكة؟ لم يكن أحمد مكى الوحيد أو الأول.. إنها مسارات طويلة، ورحلة متكررة، وها نحن أمام مجموعة أخرى تعيد الاستعراض نفسه، الملائكة الذين كانوا معنا فى المعارضة، ظهرت لهم أنياب، وحناجرهم تحولت إلى قاذفات صواريخ دفاعية عن السلطة بل عن جرائمها. الدكتور حسام عيسى يتقدم هذه الفرقة التى ظهرت فى المؤتمر الصحفى المدافع عن قانون التظاهر، ظهر وكأنه أراد الحصول منفردًا على شارة «الكبتنة» فى الدفاع عن دولة فاشلة إلا فى سلطويتها، الدكتور قال بكل ما منحته الحنجرة من موهبة فى الإيحاء بقوة السلطة: «إحنا موش دولة وقيع». ولا يمكن الرد على الدكتور حسام بأكثر من مشاهد انتهاك «دولته»، لكل قواعد الدولة الديمقراطية، وليس فى الأمر فقدان ذاكرة أو نسيان ما كان يقال فى مواقع المعارضة والنقد للسلطة، أو حتى تكرار لمقولة المستشار محمود مكى الشهيرة: «البقاء للأقوى». المستشار محمود مكى قالها وهو نائب رئيس جمهورية، بينما على باب القصر قوات شرطة، وميليشيات إخوان يشنون حربًا على الواقفين ضد الإعلان الدستورى، الذى كان لعنة على المرسى، وكل سلطوى التصق بكراسيه. المشهد يتكرر هناك من يدافع عن سلطوية الدولة، ولا يرى منها غير تلك السلطوية الاستعراضية، وهى فى الحقيقة فخ كاشف، للسلطوى الكامن فى أعماق نماذج مثل المستشار مكى والدكتور حسام. وهنا لن أجد لتفسير ظهور الأنياب للدكتور عيسى، باعتباره كان ملاكًا معارضًا، وتحول أمام منصات السلطة إلى حنجرة متوحشة.. لم أجد سوى مقال حاولت أن أفسر به ما حدث للمستشار مكى.. ماذا تفعل السلطة فى الملائكة؟ وكتبت: هناك فرق بين السياسى والسلطوى. السياسى لاعب لا وجود له إلا بالملعب أى بتعدد اللاعبين.. ويدرك بقانون السياسة أنه لا لعب إلا بالاعتراف بالآخرين، ودون هذا الاعتراف يلغى اللعب، ويتحول إلى تقسيمة أو صراعات داخل القصور على من يقتل خصمه أولًا. السياسة ليست الكذب أو اللوع، لكنها اعتراف بوجود الآخرين، وأحقيتهم فى المشاركة، ولهذا فإن كلام السياسى يظل محل مراجعة عكس كلام السلطة التى ينزل كلامها من أعلى وهو جزء من هيبتها أو قدرتها على التنويم المغناطيسى للجماهير المنتظرة، كما كان يفعل هتلر ومن سار على دربه. يمكن للسياسى إذن أن يصل إلى السلطة.. لكنه يعرف أنه عابر فى فترة مهما طالت عابرة.. وهذا ما يجعله يمارس هذه السلطة بهذا الوعى. وعدم إدراك الفرق بين السياسى والسلطوى.. هو تقريبًا ما يفسر تغير شخصيات محل احترام بمجرد عبورها عتبة السلطة. أغلب هؤلاء ليسوا سياسيين بمعنى من المعانى.. لكنهم يمتلكون سلطة معنوية تتحول إلى سلطة مجردة بسرعة مدهشة. ماذا يحدث لمن يصل إلى السلطة؟ هل يدخل فضاء سحريًّا يبدل كيانه ويحوله إلى كائن سلطة؟ قلة الكفاءة أعادت الدولة فى مصر إلى عصورها البدائية، حيث الأساسيات صعبة من أنبوبة الغاز إلى الطريق الآمن، والتصورات السلطوية أيضا أعادت الرئيس ومستشاريه إلى ما قبل الدولة. كل فريق حاكم من فصائل عاجزة فى السياسة، يستبدلونها بسلطتهم المعنوية السابقة، ويكاد يكون شعارهم: «ما دمنا فى الحكم.. فاطمئنوا». نرجسية ترى الديمقراطية وسيلة لوصول الحكم إلى مستحقيه، وهم بالطبع مستحقوه، ومجرد وجود كل هؤلاء الرجال الطيبين فى موقع السلطة، فان الخير تحقق. هذه النرجسية كاشفة الآن لمأزق رهيب.. تعيد فيه شخصيات قادمة من جبهة الإنقاذ ما فعله تيار استقلال القضاء (المستشاران مكى والغريانى ومن سار على دربهما). هم جميعًا شركاء فى إعادة هندسة الفراغ السياسى، لتكون السلطة مركزها المسيطر والمهيمن، وحجتهم أن السلطة الآن نظيفة اليد. الأخلاق الشخصية هنا بديلة للسياسة، مع أن طبيعة الشخص ترتبك أمام السياسة التى هى عملية لها سيرورة وليست حدثًا تستعرض فيه الأخلاق نصاعتها.. لكنها قواعد توضع فوق الجميع ويتساوى أمامها الجميع، ولا ترتبط بحسن أخلاق أحد أو بملائكية آخر.. وهكذا. وهذا المفهوم يرتبط بالسلطة ويرى «أننى ما دمت موجودًا فى السلطة فهى نظيفة»، وليغلق الفضاء على هذه الذوات النظيفة، ولا مجال للحريات أو لهندسة خارج حدود هذه الهيبة النرجسية. هذا تقريبًا ما يدور فى عقلية الحكم، فهم يستبدلون السياسة بالأخلاق، ويعتبرون ذواتهم بديلًا عن الكيانات السياسية، ووجودهم وحده يكفى. وهى مفاهيم وتركيبات ستدمر نفسها بعد أن تكون قد أسهمت فى مزيد من الكوارث. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تفعله الكراسى ما تفعله الكراسى



GMT 03:16 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مفجرة ثورة الطلبة

GMT 03:15 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مجدى يعقوب.. الإنسان أولًا

GMT 03:12 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 02:59 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

إياك والـ«شير»!

GMT 02:55 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

لعبة أميركية مفضلة

اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:25 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
  مصر اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 03:31 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة "الصحة العالمية" تحذر من تناول اللحم المقدد

GMT 00:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الحق يفوز برئاسة النصر وقائمته تكتسح الانتخابات

GMT 18:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يجب أن تستبدل هذه التجهيزات الأساسية في المطبخ

GMT 07:55 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7-9-2021 في مصر

GMT 09:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

وائل جسار يؤجل حفله في بغداد بسبب كورونا

GMT 14:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon