توقيت القاهرة المحلي 08:57:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شعار حماية المدنيين

  مصر اليوم -

شعار حماية المدنيين

بقلم - عمرو الشوبكي

كررت الولايات المتحدة ومعها دول غربية عديدة شعار ضرورة حماية المدنيين فى قطاع غزة، وهو الشعار الذى كررته أمريكا بصيغ مختلفة قبل اجتياح إسرائيل لرفح وطالبتها بحماية المدنيين، واعتبرت أنها لا تبذل الجهد الكافى لحمايتهم، وفى نفس الوقت رفضت أن تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية أو أنها تتعمد استهداف المدنيين.

التعبيرات الرقيقة والجمل التى من نوع مطالبة إسرائيل بمزيد من الحذر للحفاظ على أرواح المدنيين، أو ضرورة زيادة حجم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، تبدو فى الحقيقة شكلية ومنفصلة تماما عما يجرى فى الواقع من إبادة جماعية ومن استهداف متعمد للمدنيين الفلسطينيين.

أتفهم أن يكون هناك موقف أمريكى/ غربى داعم لفكرة هزيمة حماس وتفكيك قدراتها العسكرية، إنما أن يتفرج على مشروع إسرائيلى متكامل قائم على قتل المدنيين والانتقام والتنكيل من الأبرياء، وتكتفى أمريكا بشعار «بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين» أمر غير مقبول.

خطورة هذا الموقف أنه لم يقتصر على انحياز سياسى معتاد لإسرائيل، وتحالف بين غرب له تاريخ استعمارى مع دولة استعمارية جديدة، وإنما وصل إلى تمييز بين أرواح البشر على أساس حضارى وثقافى، تمثل فى الفارق الهائل بين التعامل مع المدنيين الإسرائيليين الذين سقطوا فى عملية 7 أكتوبر وبين التعامل مع المدنيين الفلسطينيين الذين بلغوا حتى الآن أكثر من ٣٥ ضعف من سقطوا للجانب الإسرائيلى.

لقد قسمت أمريكا شعوب العالم إلى «أولى» تنتمى لنفس منظومتها الثقافية والسياسية تستحق الحياة والحماية، و«ثانية» لا تنتمى لنفس منظومتها الحضارية والسياسية لا تستحق الحياة وبلا حقوق إلا من بعض شعارات إبراء الذمة مثل «بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين».

أمريكا ومعها دول غربية كثيرة استعادت مع حرب غزة مخزونا ثقافيا غربيا استعماريا كامنا فى أوقات السلم لكنه يخرج فى أوقات الحرب ويحمل فيه كثير من «أهل الغرب» نظرة دونية تجاه من هم خارج الحضارة الغربية، ويعتبرون دماء الرجل الأبيض سواء كان فى إسرائيل أو أوروبا أو الولايات المتحدة «درجة أولى» وأكثر أهمية وأكثر قيمة من دماء أصحاب البشرة الملونة «الدرجة الثانية»، سواء كانوا فى إفريقيا أو آسيا أو حتى أمريكا الجنوبية، وهو أمر يتجاوز مسألة الدعم العسكرى أو التحالف السياسى والاستراتيجى ليصل إلى نظرة تمييزية عميقة تجاه الشعوب والثقافات الأخرى.

صحيح أن هناك من داخل الغرب من ينتقد هذه العقلية ويسعى لتغييرها أو التخفيف من وقعها، وشاهدنا مظاهرات الرفض للجرائم الإسرائيلية وأصوات الضمير التى يطلقها كتاب وفنانون وأدباء وسياسيون وطلاب فى وجه هذه المنظومة السياسية الحاكمة، إلا أنها لم تنجح حتى اللحظة فى تغييرها.

سيبقى شعار حماية المدنيين الذى رفعته أمريكا منذ الشهر الثانى لحرب غزة تطبق إسرائيل عكسه فى الواقع ودون أى محاسبة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعار حماية المدنيين شعار حماية المدنيين



GMT 03:08 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

فجأة استحقها ووجم

GMT 03:06 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

الخطة «الباراشوت»

GMT 03:00 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

كأنّ العراق يتأسّس من صفر ولا يتأسّس

GMT 02:57 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

مفارقات انتخابات بريطانيا

الإطلالات البراقة اختيارات نانسي عجرم في المناسبات

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:54 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

أنجيلينا جولي رمز للأناقة والجاذبية
  مصر اليوم - أنجيلينا جولي رمز للأناقة والجاذبية

GMT 12:20 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

السعودية تعلق على مقترح بايدن لوقف حرب غزة
  مصر اليوم - السعودية تعلق على مقترح بايدن لوقف حرب غزة

GMT 23:34 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

سعر نفط خام القياس العالمي يرتفع بنسبة 0.7 %

GMT 03:46 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

تقرير يكشف أجمل المناطق السياحية في السعودية

GMT 15:14 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

رجائي عطية ضيف "ابن مصر" على المحور

GMT 00:55 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

طلب بدرية طلبة يلمح لخطوبة منة عرفة وعلي غزلان

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الفنانة ديما الحايك تفتتح العام الجديد بثلاثة أعمال درامية

GMT 02:19 2019 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

جوهرة تحتفل بعيد ميلادها بالرغم من أزمتها الأخيرة

GMT 18:22 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 3 تلاميذ وإصابة 10 آخرين في حادث تصادم في الإسكندرية

GMT 12:31 2019 الجمعة ,05 تموز / يوليو

أفخم 10 منازل متنقلة يملكها المشاهير

GMT 09:55 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

مهرجان "جرش" الأردني يعود بـ"شكلٍ جديد" ومشاركة أكبر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon