توقيت القاهرة المحلي 03:18:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإعلام والتايكونات

  مصر اليوم -

الإعلام والتايكونات

وائل عبد الفتاح

التايكون.. لا يولد كذلك، والمستثمر الذى يضع أمواله فى الإعلام لا يتحول إلى تايكون من تلقاء نفسه، لكن من خلال نظام وقوانين تختار بعناية تضخمهم ليتحول العادى إلى تايكون، أى إلى كائن ضخم يبتلع ما حوله ليعيش.. ‎التايكون، لا يستمتع وحده بهذا التضخم، لكن السلطة التى تستفيد من كونها الجهة المحتكرة للسماح بهذا التضخم، وهى القادرة على تحويله إلى قط خائف.. مذعور يبحث عن «كفيل» فى كواليس الحاشية.. ‎تستفيد من التايكون كل المواهب المتوسطة، هو راعى الميديوكر الأول، أو من لديهم استعداد للتحول إلى ميديوكر وكلما كنت مطفيًّا، خيالك فى حالة نصف انطفاء، نصف اشتعال استطاع التايكون تحويلك إلى بضاعة رائجة تدر الملايين والمليارات. ‎مزاج التايكون هو المتحكم الوحيد والحصرى فى ما يراه أو يعرفه الناس، ليس على مستوى الأخبار أو الحوارات حول السياسة، لكن حول الذوق والخيال، وفق صيغة أو خلطة يعتبرها كل تايكون سر نجاحه.. فى فرض ذائقة، ووعى، وخيال لا يجرح مشاعر المصالح التى قدم منا التايكون أو تضخم ليحميها. ‎المزاج هنا هو المحدد، لا وجود لأساليب علمية تقيس الذوق أو الرأى، بل إن التايكونات تشترى شركات قياس الرأى، أو النجاح، ليصبح معيار الاختيار أو الصعود على طريقة : «.. أمى بتحب فلانة..» أو «مراتى بتتفرج على فلانة..» أو «صاحبى شايف أن فلان عبقرى..».. هذه طريقة فى القياس، لكنها ليست الوحيدة لتكون معيار النجاح، خصوصًا أنها محدودة وتقترب من كونها تفصيلًا على مقاس جاهز وليس اختراقًا لأفق جديد، يفتح نوافذ وشرفات على المبتكر والطازج. ‎يتحول الإعلام مع احتكار التايكونات إلى بركة عطنة، رائحتها تدوخ من فرط الترهل والابتذال. ‎هذا لا يمنع طبعًا من ظهور فورات جديدة، موضات، أو أشخاص لهم أسلوب جديد، تجدد بها البركة، لكن سرعان ما تحاصر الضغوط ليتحول المبتكر إلى نمط يمكن أن يتجانس مع الطحالب الصاعدة من بركة التايكون.. ‎هكذا استفحل الأمر بعدما أصبحت التليفزيونات والصحف أسيرة شركات الإعلان.. فالنمط الوحيد المتاح للملكية يفرض نمطًا واحدًا من إنتاج الإعلام، تبعًا لنمط ملكيته، ولهذا فإنه لا يرد لا عبر ضمانات من شركات الإعلان.. أى ترويج السلعة يصاحبه ترويج لنجوم وأنماط فى الشخصية والحياة.. وهنا «تتصالح المصالح» ما دمت غارقًا فى بحيرة النمط الواحد.. ولا تجرح المشاعر التى تتربى كل يوم لتكون جمهورًا مثاليًّا لما يمثل حين النظر إليه «وجبات سريعة» أو «نفايات الطعام» فى علب أنيقة فخمة ودعاية ضخمة تجعل هذه النفايات من أساسيات الحياة.. أين حقنا..؟ أين حقنا فى إعلام مختلف، خيال خارج صنادق التايكونات، وفى سباحة ضد تيار البحيرة العطنة.. أين حق المجتمع الواسع فى «فضاء مختلف»..؟ ‎لماذا تظل الملكيات رهن المال الكبير؟ ‎هناك أشكال أخرى لملكية وسائل الإعلام غير الأسلوب الواحد الذى جعل كل شيد رهن التايكون، مندوب السلطة أو مخلوقها الخرافى..؟ ‎لا حرية إعلام بدون تحرير ملكيته. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام والتايكونات الإعلام والتايكونات



GMT 03:16 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مفجرة ثورة الطلبة

GMT 03:15 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مجدى يعقوب.. الإنسان أولًا

GMT 03:12 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 02:59 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

إياك والـ«شير»!

GMT 02:55 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

لعبة أميركية مفضلة

اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:25 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
  مصر اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 03:31 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة "الصحة العالمية" تحذر من تناول اللحم المقدد

GMT 00:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الحق يفوز برئاسة النصر وقائمته تكتسح الانتخابات

GMT 18:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يجب أن تستبدل هذه التجهيزات الأساسية في المطبخ

GMT 07:55 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7-9-2021 في مصر

GMT 09:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

وائل جسار يؤجل حفله في بغداد بسبب كورونا

GMT 14:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon