توقيت القاهرة المحلي 20:06:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم أنت واقعى يا سيد كيرى

  مصر اليوم -

كم أنت واقعى يا سيد كيرى

وائل عبد الفتاح

«… لا تشغلوا بالكم... عند الحاجة سنعرف كيف نحمى قناة السويس». كيرى قالها بكل بساطة وهو يرد على أسئلة عن تأثير الأوضاع فى مصر على مصالح أمريكا. لا يتكلم كيرى هنا باعتباره وزير خارجية، أو مسؤولا، ولكن باعتباره ممثلا للدولة العظمى، الإمبراطورية التى لا تخجل أو تخفى أنها تحمى مصالحها بعيدا عن حدودها. لم يخجل أيضا مَن يحكمون مصر ويتكلمون عن «الأمن القومى المصرى» وهم يعلمون أن واشنطن تعرف كيف تحمى مصالحها عبر عدة مستويات آخرها حين تتحرك الأساطيل. خط الحماية الأول هو الأنظمة التى تدور فى فلك الرعاية الأمريكية. ولهذا فإن تدعيم المرسى هو جزء من خطوط حماية أمريكا لمصالحها وآخر هذه الخطوط هى القوة العسكرية. الأمريكان ليسوا قلقين على قناة السويس، أحد ممرات مصالحهم.. هم قلقون على «حليفهم» الإخوانى، ويتصرفون كما كانوا فى أيام مبارك، يدعمون الجالس على الكرسى ويقيمون جسور تواصل مع معارضيه... ساعتها كانت هذه الجسور غلاف حماية دولية أحيانا، لكنه بالنسبة إلى الأمريكان هو ضمان فاعلية للدور الأمريكى، كما أنه عنصر ضاغط لإحداث بعض التوازن مع «وكيلهم». الأمر تغيَّر بعد الثورة، وهو ما لم تفهمه الإدارة الأمريكية بعد لأنها ما زالت ترى الثورة مجرد «انتفاضة» وتعيد نفس سياسات مد الخيوط مع جميع الأطراف لحماية النظام الذى يحمى مدار الوكالة الأمريكية كلها. الثورة شىء آخر وما كان يصلح مع مبارك لا يصلح بعد سقوطه. ولهذا فأذكى ما قيل أمام كيرى هو رسالة جميلة إسماعيل وهى تؤكد: «... لا نريد منكم معونات، نريد إعادة بناء علاقة بين مصر وأمريكا على أسس غير التى بُنيت عليها منذ نكسون ٧٤». هذه هى الثورة: إعادة بناء لا مجرد إصلاح البيت القديم بكل علاقاته وأساساته. كيرى رد على جميلة وقال: «.. أتحدث من منطلق الواقعية». إنهم يريدون تعليب الواقع من جديد، بعد أن دفعتنا الثورة وخيالها إلى منطقة أخرى نستطيع فيها أن نحلم. والواقعية الأمريكية هنا، تريد منا عدم مغادرة مواقعنا، والاكتفاء بالغناء فى الميدان ليلة سقوط مومياء مبارك الذى كانوا يدافعون عنه حتى اللحظة الأخيرة… تصورت الإدارة الأمريكية أن هذا هو خط النهاية وليعد كل شىء إلى مكانه بعد أن يتم تجديد الوجوه والإيحاء بأننا أصبحنا ديمقراطيين لمجرد أن اسم الرئيس تغيَّر. ولهذا فإن الربيع العربى هو الوصف الأمريكى المحبَّب للثورات فى العالم العربى، وهو وصف يربط الثورة بالطبيعة لا بالفعل الإنسانى، يصلح اسما تجاريا للثورة بما أنها عودة المجتمع إلى الحياة، بعد نوم طويل فى أقفاص «الاستعمار الوطنى»، الاسم ليس فنًّا من فنون الترويج فقط، لكنه يربط الثورة بما حدث فى أوروبا الشرقية حيث انتهت ثوراتها إلى الاندماج فى السوق، وكذلك فإن نفى الفعل الإنسانى من التسمية يترك انطباعا بأن ما حدث ليس إلا معجزة، قد تكون إلهية «الله وحده أسقط النظام» كما يهتف السلفيون، أو أنها «مكافأة الصمود ٨٠ سنة» كما يعتقد الإخوان، وكلها تحيل صحوة المجتمع إلى «ميتا-سياسة» تلغى السياسة وتمنع المجتمع من استرداد أصواته وحياته. الخبير الأمريكى فى شؤون مصر لم يرتحْ لتفسيرى هذا عندما سمعه فى واشنطن واعتبر أنه نوع من التزيد أو الانزعاج من رفض حكم التيارات الإسلامية. وتوقَّع الخبير أن التيارات الإسلامية ستثبت أنها أكثر قدرة على النجاح من مبارك فى صياغة الهدوء داخل المجتمعات وعلى مستوى السياسة الدولية. سألته: كيف؟ رد بإجابة واثقة: إنهم يتعلمون، ويفهمون الآن المسافة بين موقعهم فى المعارضة ومكانهم فى السلطة. وأضاف: يبقى أيضا أن يتعلموا أنهم ليسوا خالدين فى السلطة وأنهم سيسمحون لتيارات أخرى بالتداول. تريد الإدارة ذلك لأنها تريد المرسى أن يسيطر، ويكون فعالا فى دوره، خصوصا أنها تتصور أن أقصى أمانينا أن نقف بالطوابير على الصناديق، وأن الحديث عن القمع أو الدفاع عن الحريات الخاصة والعامة هو ترف لا بد أن يظل فى مساحة الرفاهية، ويسمّون ذلك خصوصية المجتمعات، وهى فى الواقع تعبر عن نظرة دونية ترى أن ما يحدث الآن، أو أيام مبارك هى الديمقراطية التى نستحقّها. نقلاً عن جريدة "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم أنت واقعى يا سيد كيرى كم أنت واقعى يا سيد كيرى



GMT 19:07 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

الاستقطاب السياسي بالشرق الأوسط

GMT 19:06 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

حرب غزّة والمأزق الأميركي

GMT 19:03 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

إدارة «المستبد العادل»

GMT 19:02 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

أوان الورد

GMT 19:01 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

اتفاق التهدئة على المحك

GMT 18:58 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

التاريخ حاسب مارادونا وليس الحكم!

GMT 18:57 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

يفكرون ثم يفكرون ونحن نجوجل

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

«فيتش» في وجهها «نظر»!!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:37 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية
  مصر اليوم - زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية

GMT 02:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

حكايات السبت

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 400 شخص إثر زلزال ضرب المناطق الحدودية بين إيران والعراق

GMT 07:47 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

سهر الصايغ سعيدة بنجاح مسلسل "ولاد تسعة"

GMT 22:15 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مؤشر بورصة لندن يغلق على ارتفاع طفيف الثلاثاء

GMT 07:43 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

فوائد الشليم

GMT 14:22 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب المصري يعتذر لسفير مصر في غانا محمد حيدر

GMT 11:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

كارمن سليمان تنشر فيديو عفوي تضع فيه المكياج

GMT 06:58 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

"كورونا" يراوغ في مصر وأرقام الإصابات خير دليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon