توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الضحايا الدائمون

  مصر اليوم -

الضحايا الدائمون

بقلم:أسامة غريب

تناقلت وسائل الإعلام خبرًا عن تحقيق جنائى يقوده قاض إيطالى ضد عدد من الأثرياء ورجال الأعمال الأوروبيين الذين استغلوا حصار البوسنة ما بين عامى ١٩٩٢ و١٩٩٦ وقاموا بالاشتراك فى رحلات سفارى لصيد البشر المحاصرين فى سراييفو مقابل مائة ألف يورو عن كل شخص تم دفعها لمنظمى الرحلات.

الجريمة كشفها صحفى إيطالى اسمه «إيتسيو جافازيني» وقد بدأ يتقصى الموضوع بعد أن شاهد فيلمًا وثائقيًا لمخرج من سلوفينيا وفيه يحكى ضابط صربى سابق أن أجانب قادمين من أنحاء أوروبا ومعظمهم إيطاليون مارسوا قتل البشر فى البوسنة من أجل التسلية. كان الوحش البشرى من هؤلاء يركب الباص من مدينى ترييستى الإيطالية إلى بلجراد، ثم تتسلمه القوات الصربية وتوصله إلى التلال المشرفة على سراييفو وتؤمّن له أفضل إطلالة يقتنص منها الضحايا المسلمين المحاصرون فى المدينة، ويقال إن اقتناص الأطفال كان يكلف الزبون مبلغًا ماليًا أكبر. قابل الصحفى شهودًا كثيرين وقام بتوثيق شهاداتهم ثم قدم شكوى رسمية عبر النيابة للتحقيق مع المتورطين.

وقد شرع المدعى العام الإيطالى فى التحقيق فى جريمة صُنفت بأنها: قتل مع سبق إصرار وتصرف بوحشية ودوافع وضيعة. الصحفى جافازينى وصف ما حدث قائلًا: هؤلاء القتلة كانوا أغنياء، يحبون الأسلحة وكانوا يبحثون عن أعلى مستوى من الترفيه بعد أن جربوا كل شىء ولم يعد صيد الحيوانات والطيور يمتعهم أو يسليهم. كانوا يحتاجون لمستوى أعلى يدفع الأدرينالين فى دمائهم ويقدم لهم حجم من الإثارة غير مسبوق.

لا تفوتنا تحية الصحفى الإيطالى الذى كشف الجريمة ولا المحققين الذين يسعون لجلب العدالة للضحايا، لكننا ندرك مع الأسف أن معاقبة المجرمين غير ممكنة عمليًا فى عالم لا يريد معاقبة نتنياهو وصحبه من القتلة على جرائم شاهدناها على الهواء وليست منذ ثلاثين عامًا كجريمة البوسنة، وقد يعود هذا التقاعس إذا ما شئنا أن نتحرى أسبابه العميقة إلى رغبة أصيلة لدى معظم البشر فى قتل وتعذيب بشر آخرين.

ولعل التجربة التى أجراها العالم الأمريكى ستانلى ميليجرام فى جامعة ييل عام ١٩٦٣ قد كشفت الإنسان وقامت بتعريته عندما قام المشاركون فى التجربة بتعذيب آخرين وصعقهم بالكهرباء صعقات مميتة فقط لأنهم أمنوا العقاب، وفى تلك التجربة لم ينقذ المشاركين الآخرين من الموت سوى أن التجربة كانت وهمية ولم يكن بالصاعق تيار كهربائى حقيقى.

هذه الرغبة فى إيذاء الآخرين حتى الموت تختفى تحت الجلد عند معظم الناس، لكنها تشق طريقها وتخرج للعلن إذا امتلك الإنسان القدرة، وحتى عندما يكون غير قادر فإنه لا يجد بأسًا فى أن يعوض فشله من خلال الإعجاب والتقدير للنازيين الجدد فى كل مكان، فيشجعهم ويسعى لحمايتهم ويجعل قرارات الجنائية الدولية ضدهم مجرد حبر على ورق. معظم البشر وحوش ولا يفيدهم الدين ولا دور العبادة ولا مواعظ الكهنة، ومن المؤسف أن موقعنا فى قاع الكوكب يجعل منا الضحايا الدائمين، ولا يمنحنا خيار أن نكون الصيادين أبدًا بصرف النظر عن رغبتنا فى ذلك من عدمها!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضحايا الدائمون الضحايا الدائمون



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt