توقيت القاهرة المحلي 18:26:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحنق المُؤجَّل

  مصر اليوم -

الحنق المُؤجَّل

بقلم - أسامة غريب

قابلت صديقًا لى فوجدته ساخطًا حانقًا. سـألته: مالك؟ قال: الناس ما عادوا ودودين كما كانوا فى السابق.. أكثر من شخص أطلبه على المحمول فلا يرد، ومن المعلوم أن التليفون المحمول يبين بوضوح المكالمات الفائتة ويعرفك من الذى اتصل بك عندما لم يكن التليفون فى متناولك، لذلك فإننى أنوى مقاطعة أى شخص لا يحفل باتصالى أو يرد المكالمة.

قلت له: يا أخى.. هلا عذرت الناس، فربما كان من تطلبه مريضًا أو مشغولًا أو فى موقف صعب أو حالة نفسية لا تسمح له بالحديث مع أحد، فكيف تأخذ منه موقفًا حادًا لهذا السبب البسيط مع أن خير الناس أعذرهم للناس؟. قال: ليس عن هذا أتحدث، وإنما أقصد الإهمال العمدى فى الرد، أتحدث عن شخص لديه انتفاخ نفسى فيتعامل باستهانة مع الآخرين، متصورًا أن الناس ستتحمل قلة ذوقه طالما كانوا محتاجين إليه.. شخص هو نفسه لديه استعداد للحس بلاط من يحتاج إليهم!

فكرت فيما يقول هذا الصديق وأحسست بتعاطف مع موقفه، ومع ذلك رأيت أن أبصّره بأن صعوبة هذا التوجه تكمن فى أنه يتعارض مع السلوك العملى الذى يتدرب عليه الناس طيلة أعمارهم لدرجة أنهم أصبحوا الآن يأخذون فيه دورات وكورسات تعلمهم ماذا يفعل الإنسان الذى يرغب فى علاقات طيبة ومصالح سالكة مع الآخرين. زدت على ذلك بأن كتب التنمية البشرية التى يتعلق بها الناس بشكل مجنون، والتى تداعب أحلام الشباب فى كيف تكون مديرًا ناجحًا، وكيف تكون جذابًا للجنس الآخر، وكيف تصبح مليونيرًا فى زمن قياسى، تلك الكتب التى تعلم الناس إرشادات السلوك وتحقيق النجاح وتأخذ بأيديهم للوصول لأعلى المناصب.

كلها تُعلى من أهمية المرونة والليونة وامتصاص الصدمات، وتتحدث عن فوائد كبت الانفعال ورسم الابتسامة، مع توطين النفس على احتمال قدر من قلة ذوق البشر ومقابلة الإساءة بالاحسان. أحسست أنه لم يقتنع فأكملت قائلًا: ليست الكتب فقط هى من تعلم الناس تقديم التنازلات، ولكن المصالح المتداخلة والحياة المعقدة تصل بهم إلى نتيجة مؤداها أن قدرًا من التناحة ضرورى لتفويت الفرصة على من يريد التهام الحقوق وإضاعة الفرص المستحقة، خصوصًا أن بعض الناس يسعدهم جدًا أن تغضب منهم وتتنازل مترفعًا عما لك عندهم!.

ثم ختمت خطبتى الحماسية بالقول: لكل هذا وأكثر منه فإن استجابتك للغضب ومقاطعة من لا يردون المكالمات قد تُلحق الضرر بمصالحك ومصالح من تحب، وقد تعطل مكاسب كان من الممكن أن تحصل عليها. بدا على صديقى أنه اغتمَّ لسماع إجابة لم يتوقعها منى، وأنا من جانبى سارعت بالانصراف قبل أن أضعف وأعترف له بأنه محق تمامًا فى رغبته هذه، لكنى أشفق عليه من مواقف قد تؤذيه، وتوازنات حالية للقوة ليست فى صالحه. تحدثت إليه بمنطق التسامح، ولم أكن صريحًا فأطلب منه أن يؤجل الحنق لا أن يلغيه!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحنق المُؤجَّل الحنق المُؤجَّل



GMT 03:23 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

صكوك المحبة الإنجيلية

GMT 03:17 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

لا يُعوَّل عليه

GMT 03:14 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

مفاوضات غير سرية

GMT 03:11 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

الذكاء الاصطناعي في غير وجهته

GMT 03:07 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

نحن وأوروبا: أشكال التأثّر والتأثير

نانسي عجرم بإطلالة رقيقة في حفل لـ "Tiffany and co"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:14 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

إطلالات أنثوية لياسمين صبري باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنثوية لياسمين صبري باللون الأحمر

GMT 00:05 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

أمير كرارة يغيب عن المشاركة في سباق رمضان 2025
  مصر اليوم - أمير كرارة يغيب عن المشاركة في سباق رمضان 2025

GMT 06:50 2022 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

تألق البرازيلي برونو سافيو في 9 مباريات مع الأهلي

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 02:21 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

تعرّف على أشهر 9 رؤساء للبرلمان المصري

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

ليونيل ميسى أكثر لاعب مشاركة فى كأس العالم

GMT 05:00 2022 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

قتيل و5 جرحى في هجوم بسكين في ميلانو

GMT 01:50 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نقابة الأطباء الإيطالية تدعو إلى فرض إغلاق شامل بسبب كورونا

GMT 23:06 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

فيتنام مرشحة لاستضافة أول سباق في الفورمولا 1

GMT 19:58 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

10 إجراءات لتغيير نوع النشاط المتعاقد عليه بـ"الكهرباء"

GMT 14:29 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع بتجربة استحمام مع رشاش Euphoria

GMT 06:08 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شوقي غريب يبكي لاستشهاد ابن شقيقته

GMT 22:29 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض مفاجئ في الحرارة وأمطار رعدية الخميس المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon