توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفكيك النظام الخليجي

  مصر اليوم -

تفكيك النظام الخليجي

بقلم : ممدوح المهيني

في العالم ليست هناك دول تتحارب فقط، ولكن أنظمة دولية تتنافس. فالحرب الروسية ـ الأوكرانية ليست صراعاً بين دولتين، ولكن بين نظامين. ولهذا يدعم الأوروبيون والأميركيون (خصوصاً في عهد الرئيس جو بايدن) كييف، ويدعم الصينيون والكوريون الشماليون موسكو.

تاريخياً، ناصر الأميركيون الأوروبيين في الحرب على النازية وهزموا دول المحور، لأن انتصار هتلر سيعني هزيمة الأميركيين وتضرّر مصالحهم. الأميركيون استفادوا من نظام التجارة الحر الذي رسّخته الإمبراطورية البريطانية من دون أن يدفعوا أثماناً باهظة. بلادهم بعيدة وجيرانهم مسالمون، ولكن انتصار هتلر يعني نهاية النظام الليبرالي وتضرّر خطوط الملاحة وتعطّل التجارة. سارعوا إلى الدخول في الحرب، وبعد نهايتها لم يغادروا أوروبا. أوقفوها على قدميها اقتصادياً من خلال «مشروع مارشال»، وعسكرياً من خلال حلف الناتو. لم يسمحوا بأن تنهض ألمانيا فاشية جديدة؛ قَلَّموا أظافرها وأدخلوها في النظام الرأسمالي الديمقراطي الجديد، حتى أصبحت اليوم واحدة من كبرى ركائزه.

لماذا يقلق الأميركيون والغربيون من الصين؟ بسبب المنافسة الاقتصادية؟ صحيح. بسبب تايوان؟ مؤكد. ولكن السبب الأهم هو خوفهم من أن تشكّل الصين نظاماً دولياً يتصادم وربما يُنهي النظام الذي أسسوه بعد الحرب العالمية الثانية ووسّعوه إلى آسيا وفي القلب منه اليابان.

الدول تتصارع وتتنافس ليس لأنها يكره بعضها بعضاً، ولكن لأنها تسعى لفرض الأنظمة السياسية والاقتصادية التي تعزز مصالحها. في منطقتنا حاول صدام حسين من خلال غزو الكويت أن يفرض نظاماً جديداً. أيَّدته وتحالفت مع الدول التي شاركته المصالح والأفكار. كان يأمل في أن يقبل العالم الواقع الذي فرضه ويتعامل معه. القرار التاريخي الشجاع للملك فهد منعه وحفظ للخليج استقراره وتماسكه ونظامه الخاص الذي يتعارض مع رؤية وطموح صدام. الإيرانيون حاولوا من خلال تصدير الثورة ونشر الميليشيات ودعم وكلائهم تأسيس نظام يعزز مصالحهم ويحقق لهم مزيداً من الهيمنة والنفوذ. حسن نصر الله وقاسم سليماني وعلي طبطبائي كانوا جنوداً مخلصين في هذا المشروع. إردوغان حاول في فترة سابقة فرض نظامه مستعيناً بالإخوانية الممزوجة بالعثمانية الجديدة.

دول الخليج شكّلت أيضاً نظامها الإقليمي الخاص، وهو واحد من أنجح الأنظمة في المنطقة العربية المتعثرة: خالٍ من الآيديولوجيات القومية والدينية المتطرفة والكيانات الانفصالية. مستقر سياسياً، ومزدهر اقتصادياً، ومتسامح دينياً، ومنفتح ثقافياً. شكّلت المنظومة الخليجية ثروات كبيرة وأصبحت وجهة للاستثمارات والناجحين والطامحين من كل الجنسيات الذين أصبح الخليج وطنهم. ترتبط بالقوى الكبرى بعلاقات استراتيجية ومصالح سياسية واقتصادية. صمد النظام الخليجي أمام اختبارات صعبة. مر بأزمات عاصفة وتجاوزها. لم يحدث ذلك صدفةً، ولكن بسبب المصالح المشتركة وأشكال الحكم المتقاربة والقيم المتشابهة والأعداء المشتركين. خصوم هذا النظام الخليجي يسعون لتحطيمه وتفكيكه (ذكرتهم في مقال سابق «تخريب العلاقة بأميركا») واستبدال نظام يلائمهم به. نهاية أو إضعاف النظام الخليجي يصبّان في مصلحتهم ويعنيان انتصاراً لهم. يسعون لتقويض شرعيته وتخريب ارتباطاته الدولية وضرب مصالحه وتسميم وحدته.

تأتي القمة الخليجية في البحرين لتؤكد أن هذا النظام الإقليمي ما زال قوياً ومتماسكاً في عالم مضطرب ومنطقة متصدعة. الحفاظ عليه واجب سياسي واستراتيجي لحماية استقرار الخليج ومستقبله في مواجهة محاولات التفكيك والاختراق. فلا ننسَ أن الضعف والتفتت يُسيل لعاب الأشرار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكيك النظام الخليجي تفكيك النظام الخليجي



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt