توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ابتزاز مصر والأردن

  مصر اليوم -

ابتزاز مصر والأردن

بقلم:ممدوح المهيني

في مقالات سابقة مثل «ثوريون في الخليج»، أشرت إلى الحملات المنظمة التي تستهدف دول الخليج، رغم ما تبذله من جهود متواصلة لمعالجة أزمات المنطقة، وما تقدمه من مساعدات إنسانية وخيرية، ورغم مواقفها الثابتة في الدفاع عن الحق الفلسطيني، ودعم السلطة الوطنية والشعب الفلسطيني. ومع ذلك، لم تتوقف هذه الحملات، واللافت أنها لن تتوقف مستقبلاً؛ لأن الأمر أعمق من خلاف عابر، بل يرتبط بمشروع طويل الأمد لجماعات الإسلام السياسي ومناصريها.

أهداف هذه الجماعات مكشوفة وواضحة، وهي لا تتعلق جوهرياً بالقضية الفلسطينية، بل تستخدمها كذريعة وأداة لتحقيق غايات أبعد: الهدف الأول هو تقويض شرعية الدول الخليجية من خلال استغلال المآسي الإنسانية وتوجيه الاتهامات إليها. الهدف الثاني هو تسخين المجتمعات الخليجية من الداخل ودفعها نحو الانفجار عبر تصوير حكوماتها على أنها شريكة أو متواطئة في المأساة الفلسطينية. الهدف الثالث هو ضرب فكرة الدولة الوطنية التي تمثلها هذه الدول، وفي المقابل تمجيد النموذج الميليشياوي العابر للحدود، وذلك من خلال ترميز قياداته وتخوين قيادات الدول الوطنية. الهدف الرابع هو نشر خطاب تعبوي تحريضي، يزدهر في مثل هذه الأجواء العاطفية، ويوفر أرضية خصبة للتجنيد والتعبئة. أما الهدف الخامس فهو الدفع بموجة جديدة من «الشتاء العربي» عبر إثارة الفوضى والتحريض المباشر، وقد شاهدنا نماذج لذلك في دعوات لتجاوز الحدود والاعتداء على السفارات، أو في تنظيم قوافل تستهدف إحراج هذه الدول وتصويرها كشريك في المأساة. الفكرة الأساسية من كل ذلك ليست الدفاع عن فلسطين أو كشف الجرائم الإسرائيلية المروعة في غزة، بل استثمار هذه القضايا لتقويض استقرار الدول الخليجية وتفكيكها من الداخل.

وما يواجه الأردن ومصر ليس بعيداً عن هذا السياق؛ فهما أيضاً يتعرضان لهجمات منظمة وممنهجة رغم أدوارهما التاريخية والمركزية في خدمة القضية الفلسطينية. تتعرض هاتان الدولتان للحملات نفسها التي تحاول تصويرهما على أنهما متواطئتان أو شريكتان، مع أن الحقيقة أن خلافهما مع جماعات الإسلام السياسي جوهري وعميق، وقد اتخذتا مواقف واضحة بتجريم هذه الجماعات وحظرها. والسبب بسيط: التجارب العملية أثبتت أن وصول هذه الجماعات، سواء كانت سنية أو شيعية، إلى الحكم أو السيطرة يقود إلى كوارث. يكفي النظر إلى ما حدث في إيران، والسودان، واليمن، ولبنان مع «حزب الله»، لندرك خطورة هذه النماذج. ومن حق الدول الوطنية، مثل مصر والأردن ودول الخليج، أن تحمي استقرارها ومواطنيها من تكرار هذا المصير، وأن تركز على التنمية الاقتصادية والاندماج في العالم الحديث. ولهذا السبب تواجه هجمات منظمة وحملات ابتزاز إعلامية وسياسية لا تتوقف.

ومن المفارقات الصارخة أن الدول المتحالفة مع هذه الجماعات، أو التي توفّر لها الدعم السياسي والمالي، لا تتعرض لأي هجوم أو انتقاد، على الرغم من أن بعضها يقيم علاقات رسمية وعلنية مع إسرائيل. هذا وحده يكشف أن القضية الفلسطينية ليست سوى ذريعة في مشروع هذه الجماعات.

الهدف الآخر الذي لا يقل خطورة هو محاولة ضرب التحالفات بين الدول الوطنية. يتم ذلك عبر إطلاق الإشاعات والأخبار الكاذبة لزرع الشقاق وإضعاف الثقة بين هذه الدول؛ لأن أي تصدع في جدار التحالفات الوطنية يعني انتصاراً للنموذج الميليشياوي العابر للدول، وهو مشروع قائم على الفوضى والخراب. إنها وصفة دمار شامل، لا تنجو منه أي دولة. وما يزيد الأمر سوءاً أن بعض الأصوات الشعبوية تساهم في هذه الحملات، من دون وعي بخطورة ما تفعل، أو بنتائجها المدمرة.

غير أن ما يبعث على الاطمئنان أن تحالفات الدول الوطنية لا تزال متينة وصلبة، وقد أثبتت مراراً قدرتها على الصمود أمام الضغوط والهجمات. والأهم أن استمرار هذه التحالفات القوية هو الضمانة الحقيقية ليس فقط للدفاع عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى، بل أيضاً للحفاظ على المنطقة من الانهيار الكامل والانزلاق إلى فوضى لا تنتهي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابتزاز مصر والأردن ابتزاز مصر والأردن



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt