توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

واشنطن وأوروبا وسؤالُ القيم المشتركة

  مصر اليوم -

واشنطن وأوروبا وسؤالُ القيم المشتركة

بقلم : جمعة بوكليب

منذ انعقاد مؤتمر الأمن في ميونيخ بألمانيا، في شهر فبراير (شباط) الماضي، وقادة أوروبا تلبستهم حيرة لم يجدوا منها مخرجاً، من خلال ما سمعوه، غير مصدقين آذانهم، في خطاب نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس. خلال ذلك المؤتمر، اكتشف الأوروبيون فجأة أنَّهم لم يعودوا يقفون على أرض واحدة مع حلفائهم الأميركيين، وأنَّ القيم المشتركة التي ربطتهم وجمعتهم طيلة أكثر من مائتي عام في حاجة ماسّة، الآن وعاجلاً، إلى إعادة تعريف.

نائب الرئيس الأميركي خلال ذلك المؤتمر اتَّهم أوروبا بالتراجع عن أهم قيمها الأساسية. ومن ضمنها حرية التعبير. وعدّ ذلك بمثابة تهديد من الداخل. مشيراً إلى القيود والحواجز التي توضع أمام التيارات والحركات والأحزاب، التي تُصنّف أوروبياً تحت خانة اليمين المتطرف.

مؤتمر ميونيخ للأمن كانَ نقطة تحوّل في العلاقة بين واشنطن وأوروبا. أهم وأبرز ملامحها أنَّ الطرفين، منذ ذلك الوقت، صارا يتقاذفان تهمة الخيانة بينهما. فمن خان من؟

ثلاثُ قضايا حسّاسة وشديدة الأهمّية تبرز في الخلاف الدائر حالياً. الموقف من الحرب في أوكرانيا بتعقيداته الكثيرة. الاقتصاد وفي مقدمته الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة المفروضة على البضائع والسلع الأوروبية، والأمن بتشعّباته.

يقول محللون أوروبيون إنَّ مشكلة أوروبا أنَّها في المباحثات مع الرئيس ترمب لن تستطيع إقناعه بالفصل بين القضايا الثلاث، في المباحثات المقبلة بين الطرفين، وذلك لأنَّ الرئيس الأميركي ترمب يحرص على وضع القضايا الثلاث المذكورة أعلاه في سلّة واحدة. بمعنى أنَّ عدم حصوله على ما يريد من تنازلات أوروبية في إحداها، يفضي به إلى رفع سقف المطالب في القضيتين الأخريين.

هناك خوفٌ أوروبي واضح من لجوء أميركا إلى سحب دعمها لأوكرانيا، ومنع بلدان أوروبا من تقديم أي أسلحة من صنع أميركي إلى حكومة كييف. وهناك خشية أوروبية من لجوء واشنطن إلى سحب قواتها من بلدان أوروبا، ورفع مظلة الحماية عنها. وهناك استرابة أوروبية في حرص أميركا على دفع أوروبا إلى تخصيص 5 في المائة من ميزانياتها للدفاع، لأن الأموال ستنتهي حتماً في خزائن مصانع الأسلحة الأميركية.

حدثان مهمان يعقدان خلال هذا الشهر. الأول منهما «قمة الدول السبع» في كندا، والثاني «مؤتمر حلف الناتو» في هولندا. ويعقبهما لقاء قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. التقارير الإعلامية، على اختلافها، لا تُبدي تفاؤلاً حول مخرجات الحدثين في كندا وهولندا. ودعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بضرورة اعتماد أوروبا على نفسها دفاعياً، وفق التقارير، بدأت تجد قبولاً لدى كثيرين من قادة أوروبا.

المشكلة التي تواجه أوروبا أنّها لا تقف في جبهة موحدة. فهي منقسمة بين دول ليبرالية وأخرى شعبوية. والأخيرة تزداد اقتراباً من واشنطن، وابتعاداً عن بروكسل. آخر التطورات، في هذا السياق، تبدت خلال الانتخابات الرئاسية البولندية الأخيرة، التي انتهت بفوز مرشح الحزب اليميني الشعبوي «القانون والعدالة» بالرئاسة وبفارق ضئيل في الأصوات ضد المرشح الليبرالي. خلال الحملات الانتخابية، دعت واشنطن مرشح حزب «القانون والعدالة» إلى لقاء الرئيس ترمب في البيت الأبيض. وأعقب ذلك قيام وزيرة الشؤون الأمنية الداخلية بزيارة بولندا، والظهور مع المرشح نفسه، وهدَّدت بسحب القوات الأميركية من بولندا في حالة عدم وصوله للرئاسة! للعلم تقول التقارير إن عدد القوات الأميركية في بولندا يصل 10 آلاف عسكري.

يرى معلقون غربيون أن ضلوع واشنطن وبروكسل في تبادل تهمة خيانة القيم المشتركة يدعو بإلحاح الطرفين إلى وجوب إعادة تعريف تلك القيم. ذلك أن الطرفين يُعرّفانها بشكل مختلف، ويتصرفان وفقاً لذلك. ويشيرون إلى النصّ الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية في الأسبوع الماضي تحت عنوان «الحاجة إلى حلفاء حضاريين في أوروبا»، الذي يشير صراحة إلى ما يحدث في أوروبا من تراجع ديمقراطي، ويحذّر من مغبّة تأثيراته سلبياً على الأمن الأميركي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وأوروبا وسؤالُ القيم المشتركة واشنطن وأوروبا وسؤالُ القيم المشتركة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt