توقيت القاهرة المحلي 07:48:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فتنة بين بلدين نوويين

  مصر اليوم -

فتنة بين بلدين نوويين

بقلم : جمعة بوكليب

تشتهر مقاطعة كشمير بأشياء كثيرة، وللأسف، ليس من بينها السلام والاستقرار. نادرة جداً، الأخبار المفرحة التي تأتي من تلك المنطقة الواقعة في جبال الهيمالايا، في شبه القارة الهندية، المتنازع عليها بين الهند وباكستان.

التجربة علَّمتنا أن ظهور اسمها فجأة في نشرات الأخبار نذيرٌ بأخبار سيئة. هذه الأيام، طفت فجأة كشمير على سطح الأحداث ثانية.

الأسوأ في قاموس الصراع الهندي - الباكستاني على كشمير يعني فعلياً التأهب للحرب، وكأن الحرب لعنة تسكن تلك المقاطعة، وتأبى تركها، وتحرمها من السلام. الأخبار الأخيرة، أن الهند اتهمت باكستان بالضلوع في حادثة اغتيال 26 سائحاً، وجرح 17 آخرين، بينهم سياح أجانب في منطقة سياحية. أغلب القتلى كانوا سُياحاً هندوسيين، قدموا لقضاء إجازاتهم في المقاطعة، والتمتع بجمال الطبيعة فيها. ومن جهتها، نفت باكستان التهمة. التطورات تسارعت جداً بعد الحادث الإرهابي؛ إذ قامت الهند بإغلاق الحدود مع باكستان، وطرد الدبلوماسيين الباكستانيين، وتعليق العمل بشكل أحادي باتفاقية تقاسم مياه نهر السند الموقعة منذ عام 1960، وتهدد بوقف مجراه نحو باكستان. واعتبرت باكستان أن قيام الهند بذلك يُعدّ عملاً من أعمال الحرب.

الردُّ الباكستاني على الإجراءات الهندية تمثَّل في قيامها بإلغاء تأشيرات الهنود المقيمين في أراضيها، وبغلق فضائها الجوي أمام الطيران الهندي، كما علَّقت العمل باتفاقية السلام الموقعة بين البلدين عام 1972.

اللافت للاهتمام أن السيناريو الهندي بتعليق العمل بتلك الاتفاقية المائية لم يكن مشمولاً في الأحداث والسيناريوهات السابقة. الاتفاقية المائية صمدت في وجه كل الأزمات والحروب السابقة، وظلَّتْ في منأى آمن من الأحداث، ولجأت الهند إلى التهديد بها في الأزمة الحالية. فالتهديد المائي الهندي يُشكل نقلة نوعية في تاريخ النزاع بين البلدين النوويين، وخطير.

التفاصيل في الصراع الهندي - الباكستاني حول مقاطعة كشمير تكاد تكون معروفة للجميع. في المركز منها التنازع حول هُوّية الإقليم، وهي، في الوقت نفسه، قد لا تكون مهمّة كثيراً في تعاريج ومنعطفات الصراع بين البلدين منذ التقسيم وظهور باكستان على خريطة العالم عام 1947. العداوة بين البلدين جعلت أي شرارة متطايرة في الهواء من نار، مهما كانت صغيرة، كفيلة بإشعال أزمة، وربما إضرام حريق حرب.

التهديد الهندي بوقف مجرى نهر السند إلى باكستان، أو بتحويله، استناداً إلى آراء خبراء، يبدو غير قابل للتحقق لعدم امتلاك الهند البنية التحتية الضرورية لاستيعاب فائض المياه. لكن آراء الخبراء شيء والتوتر السياسي بين البلدين شيء آخر، وحين يُقرر جانب منهما شنّ حرب ضد الطرف الآخر، خاصة في ظل الظروف السياسية الصعبة التي يعانيها البلدان.

حادثة الاغتيال -حسب آراء الناجين من القتل- قام بها أربعة أشخاص، لكن الأجهزة الأمنية الهندية قامت بتوزيع «اسكتشات» رسم تقريبية لوجوه ثلاثة أشخاص مطلوبين بتهمة ارتكاب الجريمة. اثنان منهما من باكستان والثالث من كشمير. الحكومة الهندية تقول إنهم أعضاء في منظمة إرهابية، قامت بعمل إرهابي في عام 2008 بمدينة مومباي، أدَّى إلى مقتل 160 شخصاً، وإن الفاعلين هربوا باتجاه الجانب الباكستاني بعد العملية.

رئيس الحكومة الهندية أكد أنه سيقبض على الفاعلين، ولو قلب الدنيا رأساً على عقب. والقوات الهندية (توجد في منطقة حامية يقدر عددها بقرابة نصف مليون عسكري هندي، حسب التقارير الإعلامية) تنتشر في كل المناطق، وتقيم الحواجز والبوابات بحثاً عن المطلوبين. وباكستان تواصل إنكار ضلوعها في العملية، وأعلنت ترحيبها بتشكيل لجنة خبراء دولية للتحقيق في الحادثة.

وفي كشمير، يقول العاملون في قطاع السياحة إن الهدف من حادثة الاغتيال هو ضرب القطاع السياحي، الذي يشكل دخلاً مهمّاً للمقاطعة. وإن عدداً كبيراً من السياح الأجانب قد ألغوا حجوزاتهم بعد العملية، وإن سياحاً آخرين موجودين في كشمير قرروا العودة إلى بلدانهم، وقامت شركة الخطوط الجوية الهندية بتوفير طائرات لنقلهم. ومما زاد الطين بِلّة أن أغلب القتلى من الهندوس، في بلد يُشكل الهندوس أغلبية سكانه، مما فاقم حدّة الغضب الشعبي الهندي، خاصة ضد الأجهزة الأمنية، التي تعجُّ بها المنطقة؛ حيث حدثت الاغتيالات. واعترف المسؤولون الهنود بوجود هفوات أمنية.

اللافت في الأزمة الحالية سوء توقيتها، إذ انبثقت فجأة في وقت تميّز بسخونة المناخ السياسي دولياً. حرب في أوكرانيا، وحرب إبادة في غزّة. وحرب تجارية حمائية تشنّها واشنطن ضد دول العالم، تسببت في توتير الأجواء السياسية، وتعكير مزاج الأسواق المالية العالمية واضطرابها. وهناك خوف من أن تسعى بعض الدول لاستغلال التوتر، بعد فشل كل الدعوات المنادية بضبط النفس. وهناك خشية من أن تؤدي الحادثة إلى موجة عنف أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتنة بين بلدين نوويين فتنة بين بلدين نوويين



GMT 08:47 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

نظرية أردنية.. أكبر قضية تستغرق 24 ساعة ثم تختفي!

GMT 08:45 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

الكتاب اليتيم

GMT 08:44 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

ترمب و«الإخوان»... الداء والدواء

GMT 08:43 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

تراخٍ أميركي وتشدد أوروبي لإنهاء الحرب في أوكرانيا!

GMT 08:42 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

السودان... ماذا بقي من «ثورة ديسمبر»؟

GMT 08:42 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

المرأة الفرعونية... سيدة العالم القديم

GMT 08:41 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

العربية مشكلة سياسية

GMT 08:40 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

مُكْرَه أخاك في كييف... لا بطل

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 01:05 2025 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

اجتماع الناقورة يبحث سبل منع استئناف الحرب مع لبنان
  مصر اليوم - اجتماع الناقورة يبحث سبل منع استئناف الحرب مع لبنان

GMT 11:42 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما
  مصر اليوم - باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما

GMT 01:57 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وروسيا تعلنان إعفاء التأشيرات المتبادل

GMT 21:56 2015 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

أميرة شوقي تُنشئ أول فريق مسرحي للأطفال المعاقين

GMT 00:46 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إجراءات أمنية جديدة في مطار بيروت

GMT 03:52 2025 الثلاثاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 09:13 2022 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

هدى المفتي تنتظر عرض "حظك اليوم" و"شماريخ" في دور السينما

GMT 23:17 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أم تقتل 5 من أطفالها وتحاول الانتحار في ألمانيا

GMT 16:51 2020 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

استدعاء الفنانة نانسي عجرم للتحقيق وعرضها على طبيب شرعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt