توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دول الربيع لا تنقصها الخبرة

  مصر اليوم -

دول الربيع لا تنقصها الخبرة

طارق الحميد

تقول السيدة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، إن الربيع العربي جاء بقادة إلى السلطة ليست لهم خبرة في الحكم وإدارة الدولة، مما أدى إلى الارتباك والفوضى وغياب الأمن، مثل ما هو حادث في دول شمال أفريقيا، وهذا عذر غير مقنع، وإن كان يحرض على التساؤل: فإذا كان قادة الربيع ليس لديهم خبرة، فماذا يمكن القول على من وقف معهم، ودعمهم، وصدق شعاراتهم؟ فقد كان بالإمكان، وتحديدا في بعض دول الربيع العربي، أن تكون العملية الانتقالية مضمونة بشكل أكبر لو تمت بعمق ومسؤولية، بمعنى كتابة الدساتير أولا، وضمانات حقيقية تعطى للأقليات، واحترام العملية السياسية برمتها. وهنا يجب أن نتذكر أن الرئيس أوباما كان يطمح في رؤية وائل غنيم، مثلا، رئيسا منتخبا لمصر، فماذا عسانا أن نقول بعد ذلك؟! وعليه فإن القصة في دول الربيع العربي ليست قصة نقص الخبرة، والدليل ما يحدث في العراق، ومنذ سبع سنوات، حيث لم يتعلم أحد، أو ما هو حادث في السودان على مدى ردح من الزمان حتى انتهى الأمر بتقسيم البلد. الإشكالية الحقيقية في دول الربيع العربي ليست في نقص الخبرة بل نقص الرؤية، وغياب رجال الدولة، وذلك ناجم عن غياب المصداقية في النوايا، فالمنتصرون في حفلة الربيع العربي تنقصهم القناعة بأن الأوطان لا تبنى بالشعارات والوعود الواهية وإنما بالأنظمة والقوانين الواقعية، والعملية، والتي تستشرف المستقبل. كما أن الدول لا تبنى بالإقصاء وإنما بإحياء حس المسؤولية والمشاركة لدى الجميع، والدول لا تبنى من باب أن الناس ينقصهم الورع، وإنما بإدراك أن الناس بحاجة ماسة للأمن والأمان، والوظائف، والفرص، والتعليم، والحفاظ على كرامتهم. ويكفي أن نتذكر أن الخالق عز وجل منّ على عباده بأن أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، بينما جل قادة الربيع مشغولون بكيفية ترسيخ حكمهم وإقصاء الآخر. إشكالية دول الربيع العربي الحقيقية هي أنه لا أحد يكترث بالبناء، وجمع الناس، والمصالحة، والتوافق والتسوية، علما بأن جل قادة دول الربيع عائدون من الغرب، سواء في مصر، أو ليبيا، أو تونس، عاشوا في الغرب ورأوا واقعية الأنظمة، وقيمة القانون، والتعددية، والحريات، ورأوا الغرب بخيره وشره، وبعضهم يحملون جنسياته. لكن ما فعلوه حين دانت لهم السلطة هو الانقلاب على كل ما قيل إبان فورة الربيع العربي، وكل المفاهيم السياسية الحديثة، فخونوا من يخالفهم، وأقصوا من شاركهم في ميادين التحرير، وشكلوا تحالفات قائمة على استغلال اللحظة، وليس التهيئة لبناء مستقبل. وها هم يختلفون بعد توزيع غنائم السلطة، وأبسط مثال ما يحدث في مصر بين «الإخوان» والسلفيين، بل والأدهى من كل ذلك عندما تجد محسوبين على «الإخوان» في الخليج العربي، مثلا، وممن صدعوا رؤوسنا بالحريات والإصلاح، ينصحون علنا بضرورة «احتواء» الإعلام الليبرالي في مصر! ولذا، فإن الإشكالية ليست في نقص الخبرة، وإنما في غياب النوايا الصادقة، واستشراء الرغبة الجشعة بالاستحواذ على كل شيء، وكأن الأوطان مجرد غنيمة ميدان! نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دول الربيع لا تنقصها الخبرة دول الربيع لا تنقصها الخبرة



GMT 03:00 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الثالثة غير مستحيلة

GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 01:49 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

غزة بين انتصارين ممنوعين

GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon