توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مع الأستاذ هيكل (2 -3)

  مصر اليوم -

مع الأستاذ هيكل 2 3

بقلم - مصطفي الفقي

تحتفظ ذاكرتى بمعظم لقاءاتى ومحادثاتى التليفونية مع الأستاذ، حتى في أيام خدمتى بمؤسسة الرئاسة، حيث كان الرئيس مبارك يعطينى مساحة من الحركة لا تتعارض مع مهام عملى.. وأتذكر من نوادر أحاديث الأستاذ هيكل أنه حكى لى ذات مرة بعض ذكرياته الصحفية والطرائف التي مرت بحياته، منها أن بعض خصوم الكاتب الكبير أحمد الصاوى محمد كانوا يتطاولون عليه حتى قال عنه أحدهم إنه (إذا ألّف ترجم وإذا ترجم ألّف)، في محاولة لاستفزاز ذلك الكاتب الراحل الكبير الذي كان مقروءًا في عصره محبوبًا من قرائه.. وقد قال لى الأستاذ ذات مرة إنك إذا أردت أن تعبر عن سخطك على المستوى المتدنى في إحدى الرسائل الجامعية التي تناقشها، فإنك تقول (إن كل صحيح في هذه الرسالة ليس جديدًا.. وإن كل جديد فيها ليس صحيحًا). وقد كان الأستاذ يحفظ آلاف الأبيات من الشعر العربى، وتتناثر النوادر والطرائف من بين ثنايا الموضوعات الجادة التي يطرحها والأفكار التي ينشرها، وقد علق لى ذات مرة على مقولة العقاد الشهيرة عندما وقف أمام ضريح سعد باشا زغلول الذي توفى والعقاد محبوس في السجن، إذ قال العقاد يومها: الآن مضت الأربعون.. فكيف تمضى بنا السنون؟!، وكان الرد الذي قاله الكثيرون للعقاد: سوف تمضى السنون مثلما مضت الأربعون!.

أتذكر أيضًا عندما دق جرس تليفونى في السابعة صباحًا يوم 14 نوفمبر 2014 لأجد المتحدث هو الأستاذ هيكل بنفسه مهنئًا يومها بعيد ميلادى السبعين، وقد أردف قائلًا إن من يقرأ لك يظنك في التسعين، ومن يتابع نشاطك في الحياة العامة يحسبك في الخمسين، وكان الرجل مطلعًا اطلاعًا واسعًا على الثقافتين الأوروبية المسيحية والعربية الإسلامية، ويتندر على أقوال بعض المنحرفين من شعراء العربية الذين امتدحوا في مرحلة تاريخية العلاقات المثلية وقالوا عن مزايا الرجل إنه لا يبيض ولا يحيض ولا يطلب نفقة!.. لقد كان رحمه الله متطورًا يتواكب مع الأفكار الجديدة ويرحب دومًا بالأجيال الصاعدة، ومن ذلك علاقاته الوثيقة بمختلف الأجيال من الكتاب والصحفيين، بدءًا من يوسف القعيد، مرورًا بمحمد سلماوى، وصولًا إلى عبدالله السناوى.. كما كانت له في سنواته الأخيرة علاقة وثيقة بالإعلامى الشاب الأستاذ شريف عامر، وغيرهم عشرات بل مئات من مختلف الأجيال الذين كان هيكل يحرص على التحدث إليهم والحوار معهم، ولقد ألزم الأستاذ نفسه بقواعد صارمة في الطعام والشراب، فكان لا يأكل ليلًا، فلم أره ولو مرة يتناول طعام العشاء، فضلًا عن الحرص على ممارسة الرياضات اليومية والانتقال من مسكنه إلى مكتبه في ذات البناية وهو في كامل هيئته مستعدًا لاستقبال أي زائر.. وما أكثر زواره ومدركى مكانته من مريديه وتلاميذه، بل حتى أصدقائه الكبار الذين كانوا يفدون إلى القاهرة للتعرف على مستقبل بلادهم!، فقد قال له صديق جزائرى كبير إنه يزور القاهرة ليتعرف على مستقبل بلاده، فكل المشكلات والأزمات التي تمر بها مصر سوف تمر بها بلاده ولو بعد حين، ومازلت أتذكر وأنا دبلوماسى صغير في لندن كيف تقاطر الناس وتوافدوا على السفارة الجزائرية في يوم الاستقلال عندما علموا أن الأستاذ هيكل الذي كان يزور لندن حينذاك سوف يحضر لتهنئة صديقه السفير الأخضر إبراهيمى بتلك المناسبة، وليلتها سعى رجال الكتابة والصحافة وبارونات القلم والقرطاس لمصافحة الأستاذ هيكل والحديث معه. لقد كان الأستاذ ظاهرة متفردة في رؤيته البعيدة وشمولية نظرته للأمور والأحداث والوقائع، مع قدرة فريدة على التحليل، ويكفى أنه قد ترك تفسيرًا تاريخيًا رفيعًا قبيل وفاته لأزمة سد النهضة، وتاريخ الصراع مع مصر حول مياه النيل من العصور الوسطى.. وما أكثر ما صدقت نبوءاته، وصابت توقعاته ونظراته، وتحققت رؤيته!.. فلقد كان الأستاذ بعيد النظر، يتناول الأمور من جذورها ويحلل الأوضاع من بداياتها.. ورغم ذلك كله، عرف كيف يكون مجاملًا لأصدقائه وتلاميذه، وأتذكر الآن أنه حضر حفل زفاف ابنتيَّ وشارك في عزاء والديَّ، بل أرسل رسالة مكتوبة لزوجتى عند رحيل أبويها، وكانت تعينه في ذلك كله سيدة فاضلة هي من أرقى من عرفت من نساء مصر وأكثرهن وفاءً لزوجها حيًا أو ميتًا، وأعنى بها قرينة الأستاذ السيدة هدايت تيمور.

كما أتذكر أيضًا الكتاب القيّم الذي أصدره الإعلامى الكبير مفيد فوزى عن الأستاذ هيكل، الذي سمّاه بأحب الألقاب إليه «الجورنالجى»، وأتذكر بامتنان أن الأستاذ مفيد قد عهد إلىَّ بكتابة مقدمة ذلك الكتاب الذي يظل حتى الآن وثيقة أمينة في التأريخ لقامة كبيرة في عالم الصحافة محليًا ودوليًا.. وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الأستاذ هيكل 2 3 مع الأستاذ هيكل 2 3



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt