توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يستطيع ترمب حظر «الإخوان»؟

  مصر اليوم -

هل يستطيع ترمب حظر «الإخوان»

بقلم: عبد الرحمن الراشد

الدولة الوطنية في العالم العربي منذ قيامها تتصارع مع تيارات فكرية أممية تنافسها على الوجود وتنازعها على الولاء. «الإخوان المسلمون» جماعة عابرة للحدود، تصطدم فكراً وأهدافاً مع معظم دول المنطقة، بما فيها تلك التي تسمح لها ببضعة مقاعد برلمانية وحكومية.

«الإخوان» تماثل حركات آيديولوجية ذات هياكل تنظيمية كالبعث والشيوعية والقومية العربية ومتفرعاتها من اشتراكية وناصرية، ذات مفاهيم سياسية تتعارض والأنظمة القائمة. وليس غريباً أن أياً من التيارات الثلاثة لم تنجح، ومن نجح منها لم يستمر في الحكم.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب فاجأ الجميع عندما أصدر أمره لكل من وزارتي الخارجية والخزانة بتقرير يطلب حظر التعامل مع «الإخوان»، وملاحقة بعض فروعها في المنطقة، الأرجح أن المجموعة الأولى المستهدفة هي فروع التنظيم في مصر والأردن ولبنان. أمام الوزارتين 45 يوماً وبعدها قد يتم تصنيفها جماعات إرهابية، ويوضع قادتها والناشطون فيها على قوائم المحظورين. تطور مهم لأن «الإخوان» هي أكبر الأحزاب السياسية العربية وأكثرها نشاطاً.

حاكم ولاية تكساس الأميركية سبق ترمب ببضعة أيام وأعلن عن تصنيف الجماعة إرهابية. ولا أعرف الكثير عن حجمها ونشاطها في الولاية، لكن القرار بدايةٌ واختبارٌ لملاحقتها داخل الولايات المتحدة. وهي حالة نادرة؛ فالدستور الأميركي يسمح بحرية الفكر والاعتقاد وكذلك بالتحزب، فالحزب الشيوعي قائم وفاعل منذ مائة عام، وكذلك النازية ناشطة قانونياً بوصفها حركة، بخلاف أوروبا. إنما تختلف هاتان الحركتان، فالشيوعية والنازية صغيرتان ومنبوذتان، في حين أن «الإخوان» بوصفها حركة، منتشرة في الولايات المتحدة وصار لها حضور فعال داخل جالية المسلمين التي تكبر بشكل سريع. أتذكرها في الجامعات منذ السبعينات والثمانينات، ولم تكبر إلا في العقد الماضي، وانفتحت على العمل مع الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي.

وهي لا تعدّ نفسها حركة مضادة كالشيوعية، بل امتداد لمسلمي أميركا، مثلما هي المنظمات اليهودية وذراعها القوية «أيباك». طبعاً، الحقيقة فكر «الإخوان» معادٍ للغرب، وهذا لم يمنعهم من التعاون مع المؤسسات الغربية والحصول على دعمها المالي والسياسي. وفي برامج الحركة تقدم نفسها على أنها تؤمن بالمبادئ الغربية الديمقراطية وتداول السلطة. وهذا طبعاً ليس صحيحاً فكراً وتاريخاً. تميزت الجماعة بالمرونة، حيث عملت مع اليساريين والقوميين والخمينيين وتعاون فرعها في العراق مع الاحتلال الأميركي الذي عاد لنشاطه وشغل مناصب حكومية حينها.

بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 ارتفعت دعوات لحظر حركة «الإخوان» لعدّها المدرسة الفكرية للجماعات الإرهابية، لكنها لم تجد آذاناً صاغية في الكونغرس والبيت الأبيض سوى الآن... لماذا الآن؟ الأرجح أنه موقف حركة «الإخوان» العالمية من هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 ضد إسرائيل، ولأن «حماس» نفسها من جماعة «الإخوان»، الأمر الذي تسبب في ملاحقتها. يضاف إليه أن المزاج العام الأميركي، والغربي عموماً، ضد الإسلام السياسي ولن يجد المشرعون معارضة لحظرها. وهذا التوجه لا يتعارض مع الترحيب الأميركي الذي قوبل به الرئيس السوري، وهو من خلفية «جهادية»، حيث ينظر إليه «منفصلاً» عن هذه الجماعات.

ومن المفارقات أنه في الوقت الذي تحارب فيه إسرائيل «حماس» الإخوانية تسمح لفرع لـ«الإخوان» بحزب سياسي، ولفلسطينيي إسرائيل بأن يكونوا نواباً في الكنيست، وسبق أن شاركوا في حكومات إسرائيلية.

«الإخوان» حركة أممية ضد مفهوم الدولة الوطنية. معظم نشاطها في المنطقة العربية ولها جمهورها وإن كانت الحكومات تنكر ذلك. كمعارضة، تقدم نفسها بديلاً للأنظمة القائمة، وفي المرات القليلة التي وصلت للحكم كان أداؤها سيئاً سياسياً ومعيشياً، سواء في مصر عندما حكمت لسنة واحدة فقط أو السودان لثلاثين عاماً.

ومفهوم «الأممية» بشكل عام، بتوحيد البشر أو الدول ضمن منظومة واحدة فشل في العالم وقد تلاشت أكبرها، الشيوعية والاشتراكية الدولية.

ليس واضحاً إن كان الحظر الذي أعلن عنه ترمب عاماً يترصد «الإخوان الأميركية» بما فيها الجماعات التي تأسست تحت عناوين قومية أميركية. دولياً سيتم استهداف عمليات جمع الأموال وتوزيعها، وكذلك ملاحقة منابرها الإعلامية المنتشرة. ولدى الولايات المتحدة خبرة سابقة عندما شرعت في ملاحقة التنظيمات التابعة لإيران في أنحاء العالم وحرمانها من التمويل والتحويل، وأغلقت العديد من محطاتها الإذاعية والتلفزيونية ومواقعها الرقمية والاجتماعية.

الحظر سيلقى الترحيب الصامت من الحكومات العربية بما فيها تلك التي تسمح للجماعة بالعمل السياسي. فالجماعة تشكل خطراً على الحكومة الوطنية، فهي تقدم نفسها بديلاً داخلياً، ولها امتدادات خارجية تدعمها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يستطيع ترمب حظر «الإخوان» هل يستطيع ترمب حظر «الإخوان»



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt