توقيت القاهرة المحلي 03:13:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عزيز ضياء... جوعه وحبه وحربه

  مصر اليوم -

عزيز ضياء جوعه وحبه وحربه

بقلم -مشاري الذايدي

في الندوة التي شُرفت بإدارتها عن الناقد والصحافي والإداري السعودي الكبير الراحل عزيز ضياء كنت أكتشف درباً جديداً وأسبر مسالك عذراء.
ندوة التكريم والتنوير بشخصية الراحل عزيز ضياء كانت في أمسية من ليالي معرض الكتاب الكبير في المدينة المنورة، وكم كان رائقاً منظر الشبان والشابات والأسر في أزقة المعرض تحت سقف صالات الندوات والمحاضرات، وهي كثيرة.
كان المفترض حضور ابن الراحل، وهو الفنان السعودي التشكيلي المعروف ضياء عزيز ضياء، لكن عارضاً صحياً ألمّ به حال دون قدومه من جدة للمدينة، فله الدعوات بالشفاء وتمام العافية، لكن كان في حضور شقيقته دلال عزيز ضياء خير عزاء، كيف لا وهي التي امتهنت الإعلام الإذاعي منذ مطلع الثمانينات الميلادية في إذاعة جدة وغيرها، بلغة عربية مشرّفة وصوت ملون التفاعل، ولا عجب فهي ابنة أبيها الذي كان من أوائل الإذاعيين السعوديين هو وزوجته أسماء زعزوع في إذاعة الهند العربية من دلهي آخر الأربعينات الميلادية من القرن الراحل، وكان لذلك قصة وأي قصة! لكنْ يكفي منه رفض الزوج عزيز لنقدات وغضبات الناس على بنت مكة من أهالي مكة. أو بعضهم «كيف ترضى يا عزيز إنّو يطلع صوت مرتك كدا بالمفتشر؟!». فكان رد رفيق درب أسماء «أخصريهم... ما عليكي منهم».
دلال ضياء كانت رفيقة والدها منذ أدركت الأشياء حتى رحيلها عن الدنيا وهي تسند رأسه على يدها وهو يتلقن شهادة الحق بالرحيل من الفانية من صوتها على سرير الرحيل في المشفى.
ثمة حكايات كثيرة، سرد هو شطراً كبيراً منها من زمن طفولته وصباه ولم يكمل عن زمن شبابه المتقدم وكهولته وشيخوخته، كان ذلك في تحفته التاريخية والفنية والذاتية المسماة «سيرتي مع الجوع والحب والحرب» منذ فتح عينيه وهو طفل صغير في زقاق «القفل» من أزقة المدينة القديمة، داخل السور، على كارثة «السفر برلك» أو التهجير الجماعي لأهل المدينة الذي قام به حاكم المدينة العسكري، فخري باشا الرهيب، أو فخر الدين كما يحب هذا السياسي والعسكري التركي العصمنلي الشهير.
عزيز، أو عبد العزيز كما هو اسمه الأصلي، ولد في زمن انتقالي صعب عام 1914 ووقعت مصيبة التهجير بعدها بقليل ضمن معارك الشريف حسين وأنجاله ضد الوجود العثماني من أجل ما عُرف بالنهضة العربية، المهم هو التفاصيل المحزنة التي طالت سكان المدينة حينها ومنهم أسرة أديبنا الكبير عزيز ضياء، وهي مأساة تراجيديا أحسن عزيز رسم تفاصيلها في سيرته، لدرجة قد تجعلك تسفح العبرات في مواضع وتحرر الابتسامات بمواضع أخرى من السفر بـ«البابور» المتواضع من المدينة بعجلة سريعة إلى الوصول لدمشق ثم الهرب منها لحماة، وسرقة اللصوص لهم في حماة ثم الهرب لحلب ومشاهدة الطفل مناظر الموت الجماعي إما من الوباء أو الجوع أو الحرب، صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية.
ذهبت أسرة مكونة من والد أمه فاطمة، وهو شيخ من مسلمي القازاق في المدينة ورأس الطريقة النقشبندية الشيخ أحمد صفا وخالته خديجة وابنها وأمه وشقيقه الرضيع عبد الغفور، ولم يعد للمدينة وبيت زقاق القفل بعد سنتين إلا هو ووالدته فاطمة أو «ففم» كما كان يغنجها.
وبعد ذلك فصول الفتى عزيز في كتاتيب المدينة ومدارس مكة ثم الشرطة ثم الدفاع، وله في كل ذلك ريادات ومحن خاصة ونجاحات... ثم عزيز الصحافي والمؤلف في الإذاعة والتلفزيون والصحافة، وأخيراً عزيز ضياء المترجم الكبير من عيون الأدب باللغة الإنجليزية، والناقد الأدبي المكين. قلت للسيدة دلال ضياء: ألم تغمري مع بقية الأسرة بتخويل قصة عزيز ضياء وهو في المدينة طفلاً نابهاً وصبياً شقياً لفيلم أو مسلسل؟ نظرت إليّ وأجابت: لكن بقية مساحة المقال لا تتسع لإجابتها!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عزيز ضياء جوعه وحبه وحربه عزيز ضياء جوعه وحبه وحربه



GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المخادعون

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير

GMT 21:30 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

المعايير الأمريكية بين غزة والسودان

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الصواريخ بين الأدب والسياسة!

GMT 21:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

تجديد النخبة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات

GMT 17:36 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

الصين تعلن تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 12:34 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon