توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى يتعلم اليمين الإسرائيلي الدرس؟

  مصر اليوم -

متى يتعلم اليمين الإسرائيلي الدرس

بقلم:إميل أمين

الآن وبعد أن صمت دوي الصواريخ وهجمات الطائرات المتبادلة، بين طهران وتل أبيب، هل من نتيجة مؤكدة ينبغي أن يخلص إليها اليمين الإسرائيلي، الذي أدمن أوهام القوة العسكرية، من دون أن يفكر عميقاً في معنى ومبنى السلام؟

يحيد يمين الحرب عن فهم معنى «الشالوم» دينياً وإيمانياً، ومن منطلق توراتي، ما يعني أن هناك من يتلاعب بالمقدرات الروحية، ويسخرها لصالح أهداف سياسية ضيقة.

تعني كلمة «شالوم» الطمأنينة والأمان، لكن من الجلي أنه يتعذر الحصول عليهما من دون عدالة ترد الحقوق لأصحابها، وصدق مع الذات، لا يتخذ من المناجل والسيوف أدوات للعيش.

لثمانية عقود، لم تتعرَّض المدن الإسرائيلية لقصفات جوية مؤثرة، كما تعرضت الأسبوعين الماضيين، وعليه فإن السؤال المطروح على مائدة النقاش: ما الذي خلفته الصواريخ الإيرانية؟

صباح الرابع والعشرين من يونيو (حزيران) الحالي، كتب الصحافي الإسرائيلي أورن زيف، يقول: «سواء صمد وقف إطلاق النار أم لا، فإنه يحق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن ينسب لنفسه إنجازاً رئيسياً واحداً، وهو تحطيم شعور الإسرائيليين بالحصانة».

مثيرة هي الأقدار التي خُلقت في الداخل الإسرائيلي، مشاهد مطابقة لما تابعه العالم من مآسٍ في غزة. الناس الفارون بملابس النوم مع أطفالهم، وممتلكاتُهم بين أيديهم، الرعبُ والذعر في عيونهم، والخوف على محياهم، والتكدس في الملاجئ تحت الأرض، هذا رغم الرقابة الذاتية المشددة التي قمعت، إلى حد كبير، وسائل الإعلام الغربية والشرقية ومنعتها عن نقل الصورة كاملة.

والشاهد أن هذه الحرب التي أودت بحياة نحو ثلاثين شخصاً إسرائيلياً، جعلت الآلاف من الإسرائيليين، خصوصاً في تل أبيب وضواحيها، يشعرون بخوف حقيقي على حياتهم، كما أن غالبيتهم رسخ يقينهم بأن القبة الحديدية لن تفلح في توفير الأمان المطلق.

منذ استيلائها على الأراضي الفلسطينية، لم تعرف إسرائيل أو تذق معنى الطمأنينة، أو تهنأ بالسلام الباطني والخارجي معاً، سواء من جراء الحروب الكبرى من الدول المجاورة، أو بسبب إطلاق النار والطعن، والانتفاضات، وجولات القتال مع «حماس» و«حزب الله».

غير أن هذه المرة بدا الأمر مختلفاً، إذ لم يعد مجرد قلق وجودي، كما هي الحال دوماً، بل أضحى خوفاً شخصياً آنياً، خصوصاً بعد أن شعر الجميع أن الموت بات حاضراً في قلب البلاد، والشعور به قريب جداً، في صوت انفجار صاروخي، أو تحت ركام الدمار الذي تخلفه الضربات التي لم تُعترَض.

هل أدرك اليمين الإسرائيلي المتطرف، أن الحياة عبر العداء للآخر، من مآلاتها موتٌ مشابه؟

الثابت أن ما كان يمكن قمعه أو إدارته سابقاً من خلال مظاهر الروتين، أصبح الآن يتطلب مواجهة مباشرة. إن القتل وتدمير المنازل وتعطيل الحياة اليومية، كلها تشير إلى نتيجة وأجندة واحدة. نتيجةٌ مفادها أن إسرائيل لم تعد مكاناً صالحاً للعيش الإنساني؛ الأصلُ فيه السلام، والاستثناء هو الحرب.

أثبتت الهجمات الصاروخية الإيرانية، أن إسرائيل لا تتمتع بالحصانة المطلقة، حتى وإن تدرعت بمنظومات «باتريوت» و«ثاد» و«حيتس» الصاروخية المضادة، ولهذا كان من الطبيعي للغاية أن يتسرب الخوف والقلق والسخط، عبر النفوس، ويدفع ذلك الكثيرين إلى التفكير في الهجرة العكسية، عبر المنافذ البرية، ومنها إلى الدول التي يحملون جنسياتها، الأمر الذي يعد بالنسبة إلى إسرائيل، خسارة أشد هولاً.

متى تنفتح أعين اليمين الإسرائيلي على الحقيقة المُرَّة، وهي أن ما يهدد الدولة العبرية، في حقيقة الحال، ليست إيران ولا «حماس»، لكن غطرستها، وهو ما تقرره الناشطة اليسارية الإسرائيلية، أورلي نُويْ، قبل بضعة أيام.

نُويْ تعتبر أنه على مدى نحو 80 عاماً، أثبتت انتصارات الجيش الإسرائيلي العسكرية، أنها انتصارات مزعومة باهظة الثمن... لماذا؟

باختصار، لأن كلَّ انتصارٍ يدفعُ إسرائيلَ إلى هوة أعمق من العزلة والتهديد والكراهية. خلقت نكبة سنة 1948 أزمة لاجئين لا تزال حاضرة ولو أدبياً وقانونياً، ومهدت الطريق لنظام الفصل العنصري القائم حتى الساعة، وأدى انتصار سنة 1967 إلى احتلال لا يزال يغذي المقاومة الفلسطينية، وأدخل إسرائيل في دائرة انكسار حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، بينما عملية 7 أكتوبر سنة 2023، تحولت إلى إبادة جماعية جعلت إسرائيل دولة منبوذة عالمياً.

«الأمة التي تستعرض عضلاتها خمسين عاماً ستتعب في النهاية»، هكذا خبر إسحق رابين النائب اليساري السابق يوسي ساريد.

أدرك رابين أن العيش إلى الأبد بحد السيف، على عكس وعد نتنياهو المرعب، ليس خياراً قابلاً للتطبيق. الغطرسة العمياء لن تقود اليمين الإسرائيلي إلى الحياة... السلام أنفع وأرفع من الحرب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى يتعلم اليمين الإسرائيلي الدرس متى يتعلم اليمين الإسرائيلي الدرس



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt