توقيت القاهرة المحلي 14:58:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لقاح الإمبراطورة

  مصر اليوم -

لقاح الإمبراطورة

بقلم - سمير عطا الله

كانت كاترين الثانية، أو الكبرى، إمبراطورة روسيا، تعاني من عقد كثيرة، أهم تلك العقد أنها غريبة من ألمانيا. ومن ثم ازدادت غربتها لدى الروس عندما تآمرت لإطاحة زوجها القيصر الذي لم تكن علاقتها به حسنة في أي يوم. وبسبب ذلك، كثرت من حولها الأقاويل وانتعشت الظنون. لكن كاترين الجميلة حافظت على قوتها السياسية، وبسطت نفوذها في القصر والجيوش، ومضت في شططها لتوسيع الإمبراطورية ورفع راية العظمة الروسية.

كل يوم كانت تبحث عن «السهم الأخير». كيف تنزع من عقل الروس الواعي واللاواعي، بعد 34 عاماً على العرش، الخوف من ازدواجية الولاء؟ تصور أن يكون صاحب البلاد مشكوكاً في وطنيته.

أواخر القرن الثامن عشر، ضرب وباء الجدري أوروبا، وتسرب منها إلى مناطق أخرى. زحف على الناس ومعه زحف الطاعون والكوليرا. ومن نجا وبقي حياً، بقيت آثار المرض وخدوشه على وجهه مدى الحياة.

دبَّ الرعب في روسيا، كما دبَّ في الجميع. الأوبئة الشريرة لا تعرف التمييز بين المراتب أو بين القلوب. ولا هو عدو يمكن أن تطلق عليه الجحافل. وفي أي حال لم يعد لدى الجيش عربات كافية لنقل الأجساد المهزومة.

فيما يعم السواد العالم، ظهر لقاح ضد المرض الكاسح. لكن من يجرؤ على تجربته، ومن يستطيع أن يتحمل عناء التجربة ومخاضها، وأعراض الحمى والوهن وغياب الوعي؟ الإمبراطورة تستطيع. هي وابنها. سلمت الأمر إلى طبيب من طائفة «الكويكر» (الزاهدون)، وانعزلت إلى تحمل التلقيح. وبعد ثلاثة أسابيع خرجت على شعبها الخائف من التجربة تقول له، هيَّا، لا تجبن. هيَّا أنقذ نفسك وبلدك من الموت. ما بك لا تتبع الإمبراطورة؟

بينما اندفع الروس إلى مراكز التلقيح، راحت الألمانية الداهية تموّل سراً حملة دعائية عن شجاعتها وتفانيها في سبيل البلاد. من يجرؤ بعد الآن أن ينظر إليها كغريبة؟ لقد ربحت الإمبراطورة واحدة من أقسى المعارك في الداخل، وأصبح في إمكانها الآن أن تعبر الحدود لتوسيعها من الخارج، وإقامة التحالفات، وملء صفحات التاريخ الروسي بلا انقطاع.

اعترفت كاترين الداهية، فيما بعد، بأنها أغرقت الفلاحين بالرشى من أجل التجرؤ على قبول جراثيم اللقاح. جسد خالٍ من الجدري تزرع فيه شيئاً من الوباء، كي تمنع الوباء عنه. وعاشت الروسية الأولى حياة سعيدة، ونسي الناس من أين أتت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاح الإمبراطورة لقاح الإمبراطورة



GMT 11:00 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

أداء المنتخب وراء «الفوز المهم»

GMT 11:00 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 10:58 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 10:56 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 10:56 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 10:54 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 10:53 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 10:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 09:16 2022 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

سيارات هيونداي ترفع النقاب عن نسختها الجديدة سانتافي 2023

GMT 10:23 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

Razer تعلن عن أحد أفضل الحواسب لمحبي الألعاب

GMT 09:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

ترتيب الدوري المصري 2021 بعد نهاية الجولة 23

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 07:00 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

4 أمور يُستحبّ فعلها قبل صلاة عيد الفطر المبارك

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

علاء مرسي يكشف عن ملامح دوره في مُسلسل "الضاهر"

GMT 02:31 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

خاتم زواج الماس للمناسبات الخاصة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt